فيصل طه في كلمته:
أدعوك لترافقنا في زيارتنا اليك حيث انت الآن، حيث ما فيك من بداية البدايات، من الأرض والانسان، من كنعان وعنات
وصلت الى موقع العرب كلمة مدير مدرسة الجليل في الناصرة فيصل طه التي ألقيت في حفل تكريم الكاتب والأديب المُبدع محمد علي طه - الناصرة، على النحو التالي: "أتيناك حُبّا وشوقا، وأتيتنا مُكرّما حاضرا في حضرة الحضور، في حضورك الباقي بيننا، جئتنا ميعاريا وحللت بيتنا العامري الى هذه المدينة لتجول حواريها الحزينة والجميلة، التي سكَنَت فيك ولم تسكنها، تعلّق فؤادك بناسها ومعالمها وتاريخها ورائحة ياسمينها، بسوقها القديم، بعين العذراء، بالجامع الأبيض وكنيسة البشارة، بمسجد السلام، بساحات أول أيار كما قلت".
فيصل طه
وجاء ايضا على لسانه: "أدعوك لترافقنا في زيارتنا اليك حيث انت الآن، حيث ما فيك من بداية البدايات، من الأرض والانسان، من كنعان وعنات، من بدء الزرع والغرس والخصب والحب والجمال، تعال نغوص واياك في ثنايا الطبيعة بكل مكوناتها ونستذكر التاريخ ونستجلي التراث ونُقارب الأزمان ونمد المكان عبر الحرف والكلمة التي عانيت الكثير في تكوينها وانبلاجها في اجواء تشظّى بها المكان بناسه، اشطارا في بلاد العرب والغرب أخيامي، ورغم ان النكبة سرقت طفولتك والعابك، بيتك وترابك وأترابك الا ان حبك للطبيعة بقي صامدا وصاغيا لموسيقى الطزّيز الذهبي وهو يطير على وردة ويحطّ على زهرة والى وشوشات الفراشات، معتذرا لمحمود درويش بصداحك المُدوي هذا التراب لي، بير الصفا، البطوف والمَلّ لي، الزيتونة الرومية لي، السنديانة لي، الصبّارة شوكا وزهرا وثمرا لي، نعناع الحكورة لي، آذار لي، وكأنك تقول هذا التراب انا وكل ما ذكرته انا.
تلاحم أسطوري دائم بين الإنسان والطبيعة، يرتقي في جدلية أبدية خلّاقة".
وقال ايضا: "ولتكمل أيها الميعاري نزيفك الدموي من عنق المعرّي الذي بقي شامخا سالما حتى العُهيْدة الداعشية الزائلة حتما، وليصدح دمه أناشيد رسائل الغفران ولتلتصق برسائل النهوض والتحام شقّيّ البرتقالة الفلسطينية في غدٍ آتٍ حزين جميل لتصبح رسائل برنامج "سلامًا وتحية" ذكرى عالقة على جسر النهر الحزين تُناجي "عائد الميعاري الذي يبيع المناقيش في تل الزعتر"، لينزع "وردة يُهديها لعيني حفيظه"، في "الزمن الآتي"، ولينشأ "طفل يقطف الشمس والعسل البرّي"، ليرى صورته صافية في "بير الصفا" تزيّن عيونه "أحواض النعنع" وتظهر أميرة الفصول سلمى "عاشقة ألوان الفراشة والفساتين"، تمدح ربيع بلادها المُرصّع بالبرقوق وعصا الراعي، النرجس الصفّير الأُقحوان، اللّوف والمُقرَة والشومر والخُبّيزة والعِلت والقُرصعنّة، الزعتر الأخضر وشُجيرات بلادنا: السّرّيس والبلّوط والسنديان وغيره، وطيور بلادنا الزرزور، الدويري والسُمّان والشحرور وغيره".
وواصل كلمته: "وتعرج الى القدس "أميرة المدن" التي دخلتها "مسكونا بالهم والأسى ومشيت في سوقها كما مشى المسيح على سطح بحيرة في الجليل" ورأيت على كل حجر فيها آية من القرآن وإصحاحًا من الإنجيل، ثم تعود وتطل باستحياء لتتّكئ على مكنوز حبيس من الذكريات الماثلة قبيل النكبة، الى مسيرة مصطفى الثائر المُنتسب الى شجرة البلوط التي "بفضل انتسابنا لها، حافظنا على بقائنا في هذه الدنيا القاسية".
لقد مضى أصحابي "وبقيت انا والبندقية والوطن وتميمة والعصفورة وشجرة البلوط والسرّ"، هذا الجمع الانساني والطبيعة هو رمز البقاء والكفاح والنضال، يغرف مداده الإبداعي من مآسينا وأفراحنا، من كبواتنا ونهوضنا، من هزائمنا وإقدامنا، من بعض عاداتنا الموبوءة ومن كرامتنا، من انغلاقنا الديني وغَيبياتنا، ومن رُؤانا التقدمية، من ظلم المرأة وقهرها واعتبارها غرضا محفوظا في دُرج الرجل الى حين الاستعمال، ومن المرأة الحُرّة المُناضلة المُكافحة التي ترفُش الأبواب الموصدة وتنطلق الى المرام حيث الهواء النقيّ.
كل ذلك في جُلّ كتاباتك بلغة بسيطة تمزج العامية بالفصيحة وبأسلوب جذاب، يُقطر طلًّا على خد الرمان مُتّكأ على قد الريحان، وبسُخرية تُطلق البسمة من شفاه شقائق النعمان. نقرأك مُثقِّفا، أدبك أدب مُثقِّف على حب اللغة والانتماء والتسامح والكفاح والكرامة وصحيح الكلام. عدت وكتبت مرارا أَكتب ليعود الميعاري الى بلدته ويرجع الصفوري الى قسطله"، الى هنا نص بيان الكلمة.