د.هاني العقاد في مقاله:
اصبح التطرف اليهودي صناعة معروفة ومفهومة وواضحة الاهداف والاستراتيجيات، استمرت الصهيونية في هذه الصناعة لكن بمنحنيات مختلفة الوضوح والضبابية
يسجل التطرف اليهودي اليوم منحنيات غير مسبوقة بعد ذلك التاريخ قد تتساوي مع تلك المنحنيات التي سجلت في الاعوام1940 و 1948 و 1956
صناعة التطرف اليوم تتزامن مع حركة التدين اليهودي وانحصار العلمانية التي تقبل بالتعايش السلمي مع العرب الفلسطينيين
الفرق بين تلك العصابات عام 1940 واليوم أن هذه العصابات تعرف عنها وترعاها حكومة التطرف اليمينية، بل تمنحها الغطاء القانوني المطلوب
لم يظهر التطرف اليهودي اليوم فقط فكل تاريخ اليهود واحتلالها بلادنا مليء بحالات التطرف والعنصرية لكن المشهد اليوم يتكرر من خلال الصراع، ومع هذا اصبح التطرف اليهودي صناعة معروفة ومفهومة وواضحة الاهداف والاستراتيجيات، استمرت الصهيونية في هذه الصناعة لكن بمنحنيات مختلفة الوضوح والضبابية، وبالتالي كانت اعلى منحنيات سجلها الارهاب اليهودي عندما انشأ اليهود كيانهم "اسرائيل"، وتسابقت المنظمات اليهودية آن ذاك لسفك دماء الفلسطينيين وقتلهم وتسابقوا في هدم بيوتهم وتهجيرهم، وبالتالي فإنّ هناك المئات من المذابح سجلها التاريخ وكتبت في تحت عنوان " النكبة " ، تلك المنظمات تشكلت على شكل عصابات لتحقيق السيادة اليهودية على ارض فلسطين مثل شتيرن ، الهاجناه والبالماخ والارغون وتشكلت تلك العصابات بالتزامن مع ولادة الحركة الصهيونية العالمية و تعمدت هذه العصابات على تشكيل القوة العسكرية لحماية المشروع الصهيوني التوسعي، واعتمدت اسلوب الارهاب كعامل استراتيجي بهدف تحقيق اهدافها وبالتالي ارتكبت الكثير من المجازر والمذابح والاغتيالات المخططة في القدس وما جاورها من بلدات وقري فلسطينية، ومرة اخرى اليوم عاد اليمين الاسرائيلي الذي هو من ذات الفرع الارهابي لعصابات القتل والاجرام اليهودي المتطرفة وهيئ لها كافة السبل والظروف القانونية لتعمل على تنفيذ مخطط تحويل دولة اسرائيل الى دولة يهودية كاملة القومية .
يسجل التطرف اليهودي اليوم منحنيات غير مسبوقة بعد ذلك التاريخ قد تتساوي مع تلك المنحنيات التي سجلت في الاعوام1940 و 1948 و 1956 ، صناعة التطرف اليوم تتزامن مع حركة التدين اليهودي وانحصار العلمانية التي تقبل بالتعايش السلمي مع العرب الفلسطينيين ، وما يجعلنا نؤكد أن التطرف اليهودي هو صناعة رسمية اسرائيلية هو الفيديو الذي سمح نتنياهو بنشره قبل ايام والذي اظهر احتفالات يمينية يهودية متطرفة رقص فيها اليهود المتطرفين بالأسلحة على مختلف انواعها والمخيف انهم تفاخروا بحرق عائلة الدوابشة في قرية دوما في 31 يوليو علنا، وحتى طعنوا صورة الطفل احمد دوابشة الناجي الوحيد من العائلة المستهدفة بالسكاكين وهتف المحتفلون في شريط الفيديو كلمات أغنية تحريضية تتضمن عبارات وكلمات تحرض على قتل الفلسطينيين وابادتهم على انه جزء من الديانة اليهودية .
اليوم يتكرر المشهد، عصابات تحت مسميات عدة منها فتيات التلال ، وتدفيع الثمن، ومنظمات جبل الهيكل والعديد من العصابات السرية اليهودية المتطرفة، لكن الفرق بين تلك العصابات عام 1940 واليوم أن هذه العصابات تعرف عنها وترعاها حكومة التطرف اليمينية، بل تمنحها الغطاء القانوني المطلوب، وبالتالي لا تحاسب على أي جرائم اعدام ترتكبها بحق الفلسطينيين كما جريمة ابو خضير وحرق عائلة الدوابشة والكثير من علميات حرق المحاصيل و اشجار الزيتون ومحاولات خطف الفتيات والاطفال من القرى والمدن المحاذية للمستوطنات اليهودية.
نتنياهو رئيس وزراء المتطرفين بالأمس حاول ان يعقد مقارنة غير شريفة بين ما تقوم به العصابات الصهيونية وعمليات المقاومة الشعبية في الارض المحتلة بل وقال إنّ تلك العمليات ارهاب اكثر بكثير من الارهاب اليهودي على حد زعمه، هذا بالضبط دليل على صناعة التطرف والاجرام الذي يستهدف الشعب الفلسطيني المحتل، وهذا دليل على رعاية الحكومة الاسرائيلية للإرهاب بكافة أشكاله. وقال محرضا على أنّ السلطة الفلسطينية تمتدح مرتكبي ما وصفها الاعتداءات الارهابية وتقوم بتكريمهم من خلال تسمية ميادين وشوارع تحمل اسماءهم وتصرف رواتب لهم فيما يشجب زعماء اسرائيل وأكل الهيئات حكومة وجمهورا مظاهر الارهاب اليهودي ويعملون ضده.
لاحظوا ايها السادة كيف تتم رعاية التطرف اليهودي ومساندته وصناعته من قبل كل اعضاء الحكومة الاسرائيلية وحاخامات اسرائيل وزعمائها السياسيين والعسكريين بتقنية رسمية عالية ليصل الى مستوى المطلوب، كأداة من ادوات الحكومة اسرائيل لتحقيق يهودية كيانهم. والاخطر أن نتنياهو بصناعة التطرف هذا يوحي للعالم أنّ اليهود في بقاع الارض ضحايا المقاومة الفلسطينية والإسرائيليين شعب مكروه غير مقبول يمارس الفلسطينيين بحقه كافة اشكال العنف، مع كل هذا نتوقع أن تزداد وتيرة المواجهة بين الفلسطينيين واليهود المتطرفين والمستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي الذين تدفعهم الحكومة الاسرائيلية لذلك وتمنحهم الشرعية بعدم اعتقالهم ومحاسبتهم على جرائم الكراهية والتحريض والقتل والحرق والتدنيس والتهجير وكافة الجرائم العنصرية التي بنيت على اساس عدم الاعتراف بالفلسطينيين كأصحاب الارض الحقيقيين.
هنا بات مهما أن يستوعب الفلسطينيون رواية تكرار المشهد والصهيوني في الصراع وبات مهما أن يعمل الفلسطينيين على المستوى السياسي والرسمي على فضح تلك الصناعة وكشفها للعالم وتوظيف كل الادوات الاعلامية الرسمية وغير الرسمية لنقل كافة ملفات الكراهية اليهودية، ورعاية الدولة الاسرائيلية رسميا لها ونقلها الى شعوب العالم بحرص شديد لتكون دافعا لتلك الشعوب للضغط على حكوماتهم لفهم حق الفلسطينيين في الدفاع عن ارضهم وشعبهم، وبالتالي العمل لدى مؤسسات العالم الرسمية لتوفير الحماية الدولية لهذا الشعب المحتل ومنحه حق تقرير المصير.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net