جهاد الخازن في مقاله:
الصحف البريطانية لا تتلقى دعماً مالياً من الحكومة البريطانية أو أي حكومة أخرى، أو من رجال أعمال أو أثرياء فكيف تصمد؟
الأمة العربية متخلفة عن بقية العالم عشر سنوات أو نحوها فإذا ماتت الصحافة الورقية في الغرب سنة 2020 فقد تموت صحفنا سنة 2030
أرجو أن يصبر القارئ عليّ ويقرأ إلى النهاية.
قضيت العمر في الصحافة الورقية أو معها، وحتى عندما كنت رئيس نوبة في وكالة الأنباء العربية، ثم رويترز في بيروت كان أهم جزء من عملي أن أقدم للصحف العربية ما تحتاج إليه من أخبار. اليوم الصحافة الورقية تلفظ أنفاسها الأخيرة في بلدان كثيرة في الشرق والغرب، وتعاني في بلدان أخرى.
أتوكأ في مقالي هذا على أرقام الصحافة البريطانية فهي صحيحة تصدرها شركة اسمها مكتب مراقبة التوزيع، تملكها صحف البلد ما يمنع الغش والتزوير والمبالغة.
في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، كان توزيع الصحف البريطانية الكبرى على الشكل الآتي: الصن 1.788.866 عدداً بنقص 7.39 في المئة عن الشهر نفسه من السنة الماضية. و الـ «ديلي ميل» 1.587.989 عدداً بنقص 4.36 في المئة، و الـ «ديلي ميرور» 825.829 بنقص 10 في المئة، و الـ «ديلي تلغراف» 480.730 عدداً بنقص 2.72 و الـ «ديلي ستار» 450 ألف عدد بزيادة 2.68 في المئة، و الـ «تايمز» 407.566 عدداً بزيادة 4.74 في المئة، و الـ «ديلي أكسبرس» 403.343 عدداً بنقص 11.75 في المئة، و الـ «فاينانشال تايمز» 205.695 عدداً بنقص 4 في المئة، و الـ «غارديان» 165.672 عدداً بنقص 6.88 في المئة، و الـ «إندبندنت» 56 ألف عدد بنقص 7.82 في المئة.
أما صحف الأحد، وأختصر، فتراوح بيعها بين (نحو) 1.5 مليون عدد لجريدة الـ «صن» و98 ألف عدد لجريدة الـ «إندبندنت»، وكانت الـ «تايمز» الأفضل أداء بين الصحف الراقية وباعت 778 ألف عدد. كل أرقام بيع صحف الأحد سجلت انخفاضاً الشهر الماضي عن الشهر نفسه من سنة 2014 ترواح بين 17.47 في المئة و1.27 في المئة، والانخفاض شمل الصحف الراقية والتابلويد كلها. كان الاستثناء، كما في البيع اليومي، جريدة الـ «ديلي ستار» فقد زاد بيعها يوم الأحد 7.24 في المئة، والسبب أنها خفضت سعر العدد إلى النصف تقريباً.
الصحف البريطانية لا تتلقى دعماً مالياً من الحكومة البريطانية أو أي حكومة أخرى، أو من رجال أعمال أو أثرياء فكيف تصمد؟
الجواب هو في المواقع الإلكترونية لهذه الصحف فقد تقدمت بمقدار ما تراجعت الصحافة الورقية. وإذا اعتمدنا مرة أخرى على أرقام مكتب مراقبة التوزيع، وأخذنا الـ «غارديان» مثلاً نجد أن أرقام قراءتها زادت مليوناً الشهر الماضي عن الشهر الذي سبقه، وقرأها 9.3 مليون بزيادة 13.8 في المئة على تشرين الأول (أكتوبر)، وبزيادة 53.6 في المئة على تشرين الثاني (نوفمبر) من السنة الماضية.
تبقى مجموعة الـ «ميل» متقدمة في القراءة الإلكترونية فقد كان لها 14.631.628 قارئاً بزيادة 16.75 في المئة على الشهر نفسه من السنة الماضية و الـ «إندبندنت» التي تعاني ورقياً كان لها 3.3 مليون قارئ على موقعها الإلكتروني الشهر الماضي، بزيادة 47 في المئة على الشهر نفسه من سنة 2014.
كل ما سبق يعني أن الصحافة الإلكترونية هي طريق المستقبل، فأرجو أن أرى صحفنا تهتم بها وتركز عليها فهي الطريق للحصول على الإعلان وهو عصب حياة الصحافة (من دون دعم معلن أو سري). أعرف أن صحفاً عربية كثيرة بدأت تهتم بطبعاتها الإلكترونية وتسعى للحصول على إعلانات. هذه الصحف تضمن استمرارها بمواكبة العصر.
في النهاية، الأمة العربية متخلفة عن بقية العالم عشر سنوات أو نحوها، فإذا ماتت الصحافة الورقية في الغرب سنة 2020، فقد تموت صحفنا سنة 2030، إلا أن تأخير النهاية لا يعني تغييرها، فأتمنى، وأنا ابن الصحافة الورقية، أن أرى صحفنا تواكب العصر.
نقلًا عن صحيفة الحياة اللندنية
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net