منذ نعومة أظفاري وأنا أسمع مقولة "القضية في أيدي أمينة"، ومن كثرة سماعي لها اختلقت صديقي خيالية أسميتها "أمينة"، وكبرت وأنا أحاورها.
كنت أفضفض لأمينة وأقول لها كيف تم بيعنا وشرائنا بأثمان بخسة؟ وكيف تم حبسنا بين جدارن الفصل العنصري؟ وكيف تحولت ألوان بلادي الزاهية إلى ألوان باهتة؟
مر على شعبي زمن كان فيه رجال يتمردون على الأرواح والجن والعفاريت، واليوم لم نعد نتمرد حتى في أحلامنا وخيالاتنا!.
انتقلت العصمة من يدينا حتى أصبح الكل يطلقنا ويرجعنا بحسب أهواءه ومزاجه. بتُ أخجل من عيون الأطفال البريئة وعيون الخيول البيضاء التي كانت تحمل على ظهورها الرجال العظام.
علمتنا التجربة أن هناك أوقات للتمرد وأوقات للانصياع والانتظار لحين مرور العاصفة من فوق رؤوسنا. إلا أن هناك من تنطط وتشقلب وتعفرت وارستقراطية مدمنة على الخيانة برزت وانتشرت، وجيراننا أوهمونا بأنهم قاموا بشن ثورات، تبين فيما بعد أنهم استبدلوا ظلم بظلم من نوع آخر ليس إلا.
جرجرونا إلى عتبات الهاوية يا صديقتي.. آه يا أمينة كم أصبحت قضيتنا معقدة.. معقدة لدرجة لا يحلها لا جان ولا جنية، ولا إنس ولا إنسية!.
خذلنا الأخ قبل الصديق والحليف قبل النصير.. خذلونا أصحاب البترول وآه وآه وآه كم خذلونا حتى أصبحت وجوهنا بلا معالم .. أصبحت الآلام يا أمينة أقوى من أن نتحملها.
آه يا أمينة كم نحن بحاجة إلى قبطان عاشق للحرية، وصديق معانق للقومية العربية، وحليف مساند لحقنا في الحرية ليعيدوا حطامنا للحياة، ويستأنفوا الطريق ويتمردوا على القيود التي يفرضها الأنا قبل الآخر.
أتوسل إليك يا أمينة أن تأخذيني في رحلة إلى الزمن الماضي حتى أنسى النتائج الكارثية التي توصلنا لها.
اختفت أمينة ولم تعد تحاورني، ويا الله كم أشتاق لها مع أنني أعرف في قرارة نفسي أنها أكذوبة من صنع خيالي، ولكنها كانت تخفف عني وتبقي الأمل حياً في نفسي فكما يقولون "ولنا في الخيال حياة"، فهل يا تُرى غيابها يعني فقداني للأمل؟!.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net