جوني منصور في بيانه:
نعلم علم اليقين أن السياسة الاسرائيلية تتمنى في سرها اختفاء المسيحيين من المشهد الحياتي اليومي في إسرائيل
الشعارات الفاشية تبين مدى ومستوى التطرف الديني والأخلاقي لدى عدد من الجماعات اليهودية المتطرفة سياسيا ودينيا واجتماعيا
العبارات والشعارات المسيئة للمسيحية والمسيحيين التي رشقها مأفونون من اليمين الإسرائيلي المتطرف على جدران كنيسة رقاد السيدة (دورمسيون) في القدس تقزز النفس وتثير القلق والتوتر ليس فقط في أوساط مسيحيي البلاد، إنما في أوساط كافة أبناء الشعب العربي الفلسطيني الملاحق والمضطهد والمقموع سواء في الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية والقدس العربية وقطاع غزة، أو في بعض المناطق في الداخل. وكذلك تقض مضاجع العديد من الإسرائيليين من أصحاب الضمير والداعمين للحقوق الفلسطينية المشروعة.
وهذه الشعارات الفاشية تبين مدى ومستوى التطرف الديني والأخلاقي لدى عدد من الجماعات اليهودية المتطرفة سياسيا ودينيا واجتماعيا، والتي توجه من قيادات حاخامية وسياسية تبث سمومها من خلال خطابها الديني والسياسي. هذه ليست المرة الأولى، ونتمنى أن تكون الأخيرة، لكن على ما يبدو أن الأمور ليست كما نتمنى، فما جرى لكنيسة الطابغة قبل شهور من اليوم من حرق وتدنيس وما خط من شعارات مسيئة على جدران دير اللطرون واحراق مدخله وتحطيم شواهد قبور في مقبرتي كفر برعم وبيت جمال وغيرها من اعتداءات أثمة على أماكن العبادة المسيحية والإسلامية أيضا، يدفعنا إلى ان نسأل: ماذا فعلت وتفعل الشرطة الإسرائيلية لمنع تكرار مثل هذه الاعمال الاجرامية؟ وهل قامت بإلقاء القبض على الفعلة ومن يقف ورائهم؟ وغيرها من الأسئلة العملية لوضع حد لهذه الظاهرة المقلقة جدا. لكن نظرة إلى ما جري حتى الآن يبين لنا أن الشرطة قد أعلنت قبل أسابيع انها توصلت إلى طرف خيط، وانها القت القبض على... وانها قامت بالتحقيق مع... وان لديها معلومات استخبارية عن خلفيات الجماعات المتطرفة التي قامت بمثل هذه الأعمال... وغيرها من الخطوات والتصريحات التي لم تضع حدا نهائيا لأعمال التخريب والاعتداءات على حرمات أماكن العبادة، ولم تضع الفعلة وراء القضبان، وإنما تؤكد قصور الشرطة في القيام بواجبها.
القضية أكبر من كل هذه التساؤلات، إنها قضية وجود وبقاء واستمرار. إذ أننا نعلم علم اليقين أن السياسة الاسرائيلية تتمنى في سرها اختفاء المسيحيين من المشهد الحياتي اليومي في إسرائيل لأسباب مختلفة، في مقدمتها تمسكهم – أي المسيحيين - بانتمائهم الوطني وكونهم مركب مركزي وفعال في تفعيل الحياة اليومية من مؤسسات وهيئات ومشاركات وطنية تعمل على حماية انسان هذا الوطن والوقوف إلى جانب الحق والعدل والاستقامة. سنوات طويلة والاعتداءات تتكرر على أماكن العبادة المسيحية والإسلامية ولم تنجح الشرطة إلى الآن من إنهاء هذا الملف. إن مزيدا من الاعتداءات سيعزز لدى مجموعات من المسيحيين ظاهرة القلق الحياتي، وتفتح باب التفكير بالهجرة على مصراعيه، بعد ان اقفل جزء منه في السنوات الأخيرة وتراجعت نسبة الهجرة إلى الخارج.
ماذا يتطلب هذا الوضع؟ ألا تبقى المسألة مقتصرة على انتظار ما سيرشح عن تحقيقات الشرطة، وهذا واجبها، إذ عليها القيام بالتحقيقات والاعتقالات بسرعة كبيرة وعدم ترك الآمور على ما هي عليه... الخوف في المرة القادمة من إقدام متطرفين على اعمال أكثر تطرفا وقد تودي بحياة أبرياء لا سمح الله. فمن سولت له نفسه القيام بإحراق عائلة دوابشة في قرية دوما جنوبي مدينة نابلس، لن يتأخر في القيام بعمل مشابه أو أكثر. وعندها لا ينفع الندم. من جهة أخرى، يتوجب على رجال الدين من رؤساء كنائس ولجان راعوية ومجالس ملية وجمعيات فاعلة في المجتمع وقيادات سياسية كأعضاء كنيست وأحزاب واللجنة القطرية ولجنة المتابعة الالتفاف حول بعضهم البعض لتدارس الوضع ومخاطره في الحال، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية النفوس والاملاك وضمان عدم تكرار مثل هذه الأعمال مستقبلا. أضف إلى ذلك، وكنت قد وجهت نداء في السابق إلى رؤساء الكنائس والطوائف المسيحية على مختلف توجهاتها الدعوة إلى اجتماع عام لطرح المشكلة وتشكيل لوبي ضاغط يبين تماسك أبناء الكنائس مع شعبهم الملتف من حولهم في هذه القضية. وأعود وأكرر النداء من جديد، أن هذه الفعلة الآثيمة والمستنكرة منا جميعا تستوجب وقفة قوية تؤكد الحضور المسيحي العربي المدعوم بقوة من هيئات ومؤسسات شعبنا للحيلولة دون تكرار مثل هذه الأعمال. فهل نسمع قريبا، وقريبا جدا صدور دعوة بهذه الروح والتوجه؟
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net