الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 12 / نوفمبر 23:02

متظاهرو تونس و.. مصر!/ بقلم: سمير عطا الله

كل العرب
نُشر: 25/01/16 07:37,  حُتلن: 07:42

سمير عطا الله  في مقاله:

تعاني اليونان أزمة اقتصادية أعمق وأسوأ من أزمتي مصر وتونس. لكن اليونانيين لا يرون الحل في تحطيم معالم الدولة ومظاهر الوطن، ولا في الانصراف إلى التسابق على الخصب في المخيمات

لا بد للجماهير العربية أن تعتاد على أنها شريكة في المسؤولية أيضًا، وأن عليها أن تُدرك معنى التخريب والعنف وشل أعمال الدولة

بدل أن يخاطب الرئيس عبد الفتاح السيسي المصريين مباشرة، خاطبهم من خلال التونسيين، عندما ناشدهم العودة إلى الهدوء وعدم الإصغاء إلى دعاة التخريب، قائلا إن الوضع الاقتصادي صعب في كل العالم. لقد أصبحت الدعوة إلى العقل في العالم العربي عملاً شاقًا، ويبدو أن الخراب يستثير الغرائز. لا وقت لدى الجماهير للتفكير. إنها تريد من السماء أن تُمطر المعجزات. وتريد زعماء يسلونها في الساحات والميادين ولا يغيبون عنها في مكاتبهم. لكن أي معجزة ستؤمن مئات آلاف الوظائف والأعمال إذا كان معدل الولادات في مصر 5600 ولادة في اليوم الواحد؟ لا الاقتصاد الألماني، ولا الأوروبي مجتمعًا، يستطيع أن يواجه هذه النسبة من الضغط.

ألقى الرئيس السيسي بكلمة في مناسبة يوم شهداء الشرطة. الرجال الذين قُتلوا في حروب الغدر الداخلية. وكان من عادة رؤساء مصر عندما يتحدثون عن الشهداء أن يكون ذلك عن ضحايا الصراع العربي الإسرائيلي. لكن أعداء الاستقرار نقلوا المعركة إلى الداخل. والذين أطاحوا نظام مبارك لم يقدموا البديل المثالي. والذين أطاحوا نظام بن علي في تونس ظنوا أن الحرية هي في إحراق المؤسسات وإغلاق العاصمة. لقد أطاحوا معه مداخيل البلاد واغتالوا صناعتها السياحية، ولم يقدموا مشروعًا بديلاً واحدًا.

الثورة ليست حرائق وهتافات، بل مسؤولية كبرى. والثورة التي لا تقدم بديلاً أفضل هي مغامرة أسوأ. ولا بد للجماهير العربية أن تعتاد على أنها شريكة في المسؤولية أيضًا، وأن عليها أن تُدرك معنى التخريب والعنف وشل أعمال الدولة. لا يمكن لأي معجزة اقتصادية أن تؤمن صباح كل يوم 5600 رغيف إضافي، ومقعد مدرسي إضافي، وزجاجة حليب وثوب ووظيفة وغرفة في منزل، أو في مقبرة في ضواحي القاهرة.
تعاني اليونان أزمة اقتصادية أعمق وأسوأ من أزمتي مصر وتونس. لكن اليونانيين لا يرون الحل في تحطيم معالم الدولة ومظاهر الوطن، ولا في الانصراف إلى التسابق على الخصب في المخيمات. ولا في تخصيب أجيال «جديدة»، إما تحطم في الشوارع، أو تلاحق النساء في المترو والباصات والشوارع والساحات، وتحول حياتهن إلى جحيم يومي.
يجب أن نعطي الدولة فرصة البحث - معنا - عن حلول وعمل ونمو. أما حين يكون معدل النمو 2 في المائة في العام، ومعدل الولادات - في اليوم الواحد - 5600، فسوف تمتلئ الشوارع والمدافن وباصات التحرش على نحو لا يطاق.

* نقلا عن "الشرق الأوسط"

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net


مقالات متعلقة

.