إبراهيم خطيب في مقاله:
خوفي كل خوفي أن تكون هذه القيادة منعدمة الإرادة المقرونة بالاجتهاد والفعل الجاد لمناهضة الحظر وهنا تكون المصيبة أعظم
القيادة هي التي تحرّك الشعب وهي التي توجهه ومنها يستمد الفرد تطلعاته السياسية او الدينية فنحن يا سادة يا كرام نعاني مشكلة قيادة في الداخل الفلسطيني
لكون الحظر الذي اصاب الإسلامية يمكن أن يصل لكل آخر مختلف عن الاسرائيلي اليميني المتطرف وتزداد حالة التخوف السياسي المرفوق بالكراهية السياسية المصحوبة بالفعل السياسي الفاشي
مر أكثر من شهرين على حظر الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، هذا الحظر والذي برأيي يمثل نقطة فاصلة في الوعي الجمعي لفلسطيني الداخل لكونه يشير الى مرحلة عصيبة وصلت اليها علاقة الفلسطينيين في الداخل مع المؤسسة الاسرائيلية. ولكن يبقى السؤال أي انعكاسات وبالمقابل أي واجبات يحتمها هذا الحظر إن كان على المجتمع الفلسطيني في الداخل وإن كان على المؤسسة الاسرائيلية؟
سأبدأ بمجتمعنا، يبدو أن الشعور العام بالإحباط الذي يسيطر على كينونة الفلسطيني في الداخل (لعدة اسباب)، ناهيك عن اللامبالاة-السببية إضافة للخوف وانشغال الناس بمشاكلهم الحياتية لم يجعل قضية الحظر تأخذ زخمها السياسي الشعبي وينتج عنه الرد المناسب. ولكن هنا يأتي قسط مهم من اللوم على القيادات، فالقيادة هي التي تحرّك الشعب وهي التي توجهه ومنها يستمد الفرد تطلعاته السياسية او الدينية، فنحن يا سادة يا كرام نعاني مشكلة قيادة في الداخل الفلسطيني وخوفي كل خوفي ان المشكلة ليست في القيادة ذاتها وقدرتها على شحن الجماهير والتأثير عليها وإنما خوفي كل خوفي أن تكون هذه القيادة منعدمة الإرادة المقرونة بالاجتهاد والفعل الجاد لمناهضة الحظر وهنا تكون المصيبة أعظم.
لا أبغي من مقالي هذا وضع اللوم على القيادة فقط، فهي لها بعض جهودها التي لا تنكر ولا يمكن التعميم على كل القيادة وإن كان الجو العام كذلك، ولكن هل ارتقت هذه القيادات وعلى رأسها المتابعة ومن ثم المشتركة الى الحدث السياسي وردت عليه كما يجب، لا أظن ذلك.. وبالمناسبة الأمر ينسحب على قضية هدم البيوت وقضايا اخرى وليس فقط حظر الحركة الإسلامية، ممكن أن تكون الاجابة أننا لا يمكننا مجابهة دولة والقيادة تفعل ما بالإمكان ومع ادراكنا ذلك، لعدم سذاجتنا، ولكن بالإمكان قطعًا أكثر مما كان واللامبالاة والانشغال والاحباط الذي يحاصر مجتمعنا يمكن تحويله الى طاقة نابضة اذا كان هناك وعي بخطورة المرحلة.
وفي سياق الاحزاب والحركات استمر، خطورة الحظر سياسيًا تكمن في أن عدم الرد عليه او قل قلة تفاعل الحركات والاحزاب السياسية معه تكمن في أنه يؤسس لحالة من العزل السياسي والقبول باللاتعددية في مجتمعنا. وهنا لا أدعي أن هذا لسان مقال الاحزاب ولكنه لسان الحال. برأيي ضعضعة او اضعاف غريم سياسي بأسلوب قمعي ورضوخنا لذلك وعدم محاربة ذلك بشدة والوقوف معه كما تتطلبه اخلاق الكبار يمكن أن يأتي على صميم التعددية وقبولنا للآخر في مجتمعنا الفلسطيني وثقتنا في الاخر والتعايش مع وجود فكر مختلف وانعدام ما ذكر يؤسس لشعور بالحاجة لمزيد من التشبث بالحزبية والفئوية وليس لمزيد من التعايش المشترك بين فئات شعبنا الفلسطيني في الداخل.
وهنا أود أن اشير الى الحاجة لتأسيس قيادة موحّدة لمجابهة سياسات المؤسسة الاسرائيلية في قضية الحظر وغيره، هذا القيادة تضع جانبًا بمسؤولية ورجاحة عقل وشجاعة انتهازيتها السياسية او بتعبير ألطف انشغالاتها الفئوية او حتى العامة التي تعمل عليها بشكل منفرد (وتتجاوز حالة تسجيل النقاط على الاخرين او الحضور الاعلامي لاكتساب بعض المعجبين) وأن تضع استراتيجية نضالية خلّاقة، شجاعة ومسؤولة بمشاركة المجتمع.. لا تقضي على التعددية بل تضعها في سياقها الصحيح وتستفيد من تجارب الشعوب المظلومة التي اتحدت رغم تنوعها في مجابهة الظالم.. وإلّا فسيجري عليها قلم التاريخ الذي ينسى احدًا بخيره او بشره!
بالمقابل وفي توجهي للمؤسسة الاسرائيلية كنت قد اشرت في مقال سابق أن الذي يحدث مؤشر خطير على مستقبل سيء للمؤسسة الاسرائيلية لكون الحظر الذي اصاب الإسلامية يمكن أن يصل لكل آخر مختلف عن الاسرائيلي اليميني المتطرف وتزداد حالة التخوف السياسي المرفوق بالكراهية السياسية المصحوبة بالفعل السياسي الفاشي. الحظر ايضًا يجر حالة هائلة من الاحتقان السياسي، اضافة لمشكلة هدم البيوت وقضايا اخرى، هذا الاحتقان يمكن أن يؤدي لانفجار ان طال الزمان أو قصر. ففي الشقين الديموقراطي وفي الشق الامني يبدو أن القفازات الحديدية التي تتبعها المؤسسة الاسرائيلية تجعل من الصعب عليها احتواء فلسطيني الداخل ومقولة ما يأتي بالقوة يأتي بقوة أكبر منها يبدو أنها صالحة للاستهلاك الاني فهي لا تصح على المدى المتوسط والبعيد ويجب أن تكون المؤسسة الاسرائيلية وقيادتها أكثر ذكاءً فهي تقوم الان بتعبئة سلبية اتجاهها من قبل الفلسطينيين في الداخل وتجرهم لمعاداتها بقوة أكبر.
باحث في مرحلة الدكتوراه في العلوم السياسية في جامعة هومبولدت في برلين-ألمانيا
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net