نتنياهو يتأكّد من عدم تزاحم العرب على الصناديق/بقلم: د. ثابت أبو راس

كل العرب
نُشر: 01/01 12:46,  حُتلن: 14:28

د. ثابت أبو راس في مقاله: 

لا حاجة أن تكون ناشطًا في الحركة الإسلاميّة، أو ناشطة في حزب التجمّع، كي تدرك أنّ هذه الإجراءات هي هجوم عدائيّ على مجْمل المواطنين العرب

النزعة العامّة هي تضييق حدود الخطاب السياسيّ والقانون الحاليّ يفاقم الأمر ويرمي إلى منح الأغلبيّة السياسيّة القوّةَ على ترسيم حدود الخطاب كيفما يحلو له 

لا أدّعي هنا أنّ جميع المواطنين العرب يعتقدون أنّ لقاء نواب التجمّع مع عائلات منفّذي العمليّات الذين تحتجز إسرائيل جثامينهم هو الأمر المصيب والحكيم

في المجتمع العربيّ تشكيلة واسعة من المواقف السياسيّة وخطاب نقديّ ومتنوّع

من المهمّ أن نفهم أنّ منظور الجماهير العربيّة يختلف كلّيًّا؛ فحتّى منتقدو خطوة نوّاب التجمّع لا يعتقدون ولو لحظة بأنّ هؤلاء النوّاب غير شرعيّين أو تجب الإطاحة بهم

خلال النقاش الأوليّ الحادّ على قانون "الابعاد"، الذي هو في الواقع قانون "الإطاحة"، قال عضو الكنيست ميكي روزنتال إنه بالإمكان تلخيص القانون بكلمتين "العرب خارجًا". وهذا ما يلخّص على نحوٍ جيّد كيفيّة فهم معظم المواطنين العرب لهذا القانون -المسألة التي لم يتطرّق إليها النقاش العامّ حول القانون الذي ركّز على الجوانب الدستوريّة والإجرائيّة.

قانون "الإطاحة"، بالنسبة للجماهير العربيّة، هو قانون يشير مرّة أخرى إلى أنّهم هم وممثّليهم غير مرغوب فيهم في الجهاز السياسيّ. يَعتبر معظهم هذا التشريع استمرارًا مباشرًا لرفع نسبة الحسم قبل الانتخابات، ولفيلم "العرب يتزاحمون على الصناديق"، ولحظر الحركة الإسلاميّة الشماليّة قانونيًّا.

لا حاجة أن تكون ناشطًا في الحركة الإسلاميّة، أو ناشطة في حزب التجمّع، كي تدرك أنّ هذه الإجراءات هي هجوم عدائيّ على مجْمل المواطنين العرب. النزعة العامّة هي تضييق حدود الخطاب السياسيّ، والقانون الحاليّ يفاقم الأمر ويرمي إلى منح الأغلبيّة السياسيّة القوّةَ على ترسيم حدود الخطاب كيفما يحلو له، وأن يطيح بمن يتجاوز تلك الحدود وردع البقيّة؛ فبدون أيّ إجراءات قانونيّة بإمكان أعضاء الكنيست تحديد ما هو التحريض على العنصريّة أو تأييد الإرهاب، وذلك وَفق المزاج السياسيّ السائد حينئذٍ.

بغية فهم خطورة هذا التشريع بالنسبة للجماهير العربيّة، ربّما من الواجب العودة والتذكير بالأوضاع الأساسيّة التالية: نحن المواطنون العرب في إسرائيل واقعون في موقف إشكاليّ من الناحية السياسيّة، فيه دولتنا في حالة صراع عنيف مع شعبنا. وبطبيعة الحال، مواضيع الخلاف بين المواطنين اليهود والعرب هي المواضيع الأكثر حسّاسيّة والأكثر قابليّة للاشتعال.

ينبغي أن يكون واضحًا أنّ المواطنين العرب يرغبون في العيش بمساواة والاندماج في المجتمع الإسرائيليّ، ويأتي هذا القانون بالذات في وقت فيه الخطاب المدنيّ هو الخطاب الرائد على أَجِنْدة الجماهير العربيّة اليوميّة وقياداتها (والدليل على ذلك أنّ جهود وموارد القائمة المشتركة استثمرت في السنة الأخيرة من أجل وضع وإقرار أكبر خطّة اقتصاديّة في تاريخ المواطنين العرب).

بموازاة ذلك، ستواصل الجماهير العربيّة المطالبة بالعدالة للشعب الفلسطينيّ والحلّ السلميّ للصراع الإسرائيليّ الفلسطينيّ، وكانت ستواصل ذلك حتّى لو كانت تنعم بالمساواة التامّة. بالنسبة للمواطن العربيّ العاديّ، والذي قد يكون له أقارب في المناطق الفلسطينيّة، فإنّ هذه الثنائيّة مفهومة ضمنًا، لكنّها ليست كذلك بالنسبة للمواطن اليهوديّ العاديّ، بل هي مشتبه بها.

لا أدّعي هنا أنّ جميع المواطنين العرب يعتقدون أنّ لقاء نواب التجمّع مع عائلات منفّذي العمليّات الذين تحتجز إسرائيل جثامينهم هو الأمر المصيب والحكيم. في المجتمع العربيّ تشكيلة واسعة من المواقف السياسيّة وخطاب نقديّ ومتنوّع. لكن من المهمّ أن نفهم أنّ منظور الجماهير العربيّة يختلف كلّيًّا؛ فحتّى منتقدو خطوة نوّاب التجمّع لا يعتقدون ولو لحظة بأنّ هؤلاء النوّاب غير شرعيّين أو يجب الإطاحة بهم. هم جزء من الخارطة السياسيّة الذين في الإمكان مناقشتهم. علاوة على ذلك، لدى الجماهير العربيّة انتقادات أشدّ من ذلك على احتجاز إسرائيل للجثامين لعدّة شهور.

لذا، إنّ قانون الإطاحة يُعتبر اعتداءً على مجرّد مشاركة المواطنين العرب في اللعبة السياسيّة. فهو يقول إنّ الجهاز السياسيّ غير معنيّ في استيعاب موقف الأقلّيّة العربيّة الأساسيّ والمختلف كلّيًّا. كما هو معلوم، إذا قام أيّ عضو كنيست بمخالفة القانون الجنائيّ الذي يحظر تأييد الإرهاب، فلدى الدولة الأدوات القانونيّة الكافية للتعامل معه. لكن أعضاء الكنيست يريدون هنا أن تكون السلطة بأيديهم هم.

لقد تدهورت على نحوٍ غير مسبوق ثقةُ الجماهير العربيّة في الجهاز السياسيّ في العقد الأخير إلى أسفل الدرك، وهو ما وجد تعبيرًا له في التراجع الدراماتيكيّ في نسبة التصويت في الانتخابات. في الانتخابات الأخيرة، ظهر تحوُّل عكسيّ وسُجّل ارتفاع معتدل في نسبة التصويت. في الديمقراطيّة السويّة، ترغب الدولة في رؤية مواطني الأقلّيّة يتزاحمون على صناديق الاقتراع، لأنّ مشاركتهم في الانتخابات هي المحكّ الأساسيّ للديمقراطيّة ومفتاح استقرار المجتمع. أمّا في إسرائيل، فيبتدعون لأهداف سياسيّة الأكاذيبَ حول تزاحم الأقلّيّة على الصناديق في يوم الانتخابات، وفي اليوم التالي يُذكّرون العرب أنّه مَهْما تزاحموا على صناديق الاقتراع فإنّ اختيارهم مشروط بمصادقة الأكثريّة.

-----------------------------------

د. ثابت أبو راس هو مدير مشارك في جمعيّة صندوق إبراهيم للتعزيز والدمج والمساواة بين المواطنين اليهود والمواطنين العرب في إسرائيل.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة