راجح الخوري في مقاله:
الاسد أخذ نفساً مما يجري في منبج على أيدي الأميركيين، وفي الطبقة على الطريق الى الرقة على أيدي الروس، جعله في خطابه الأخير يقول إنه سيحرر سوريا شبراً شبراً، أي انه سيعيد الأومليت الى بيضة النظام
صنع الأسد أكبر أومليت في التاريخ الحديث، كسر ويكسر كثيراً من البيض السوري الذي ليس من الممكن أعادته كما كان، وبوتين لا يحتاج الى رأي نتنياهو في ان الدول التي حول اسرائيل، وسوريا في مقدمها، تتفكك، وان مصير الأسد مسألة ثانوية
يقول عاموس جلعاد إن ايران وميليشياتها والمقصود "حزب الله" انتقلت الى الحرب في جبهات الشمال، بما يوحي ان موسكو رتّبت الأمر الذي من شأنه زيادة دفع الإيرانيين الى الزاوية!
لا بد من أن يكون فلاديمير بوتين قد استلقى على ظهره من الضحك عندما قرأ كلمات بنيامين نتنياهو في خلال لقائه مع قادة الطائفة اليهودية في روسيا، بعدما سُئل عن مستقبل الوضع في سوريا، فقال: "لست أدري اذا كان من الممكن إعادة الأومليت السوري الى البيضة، اذا كنتم تسألون ما مستقبل العلاقات مع الأسد، فأنا أسأل ما هو مستقبل الأسد، إن مصيره مسألة ثانوية"!
فعلاً كيف يمكن أعادة الأومليت السوري الى البيضة؟
الاسد أخذ نفساً مما يجري في منبج على أيدي الأميركيين، وفي الطبقة على الطريق الى الرقة على أيدي الروس، جعله في خطابه الأخير يقول إنه سيحرر سوريا شبراً شبراً، أي انه سيعيد الأومليت الى بيضة النظام، ولكن لا بوتين ولا نتنياهو ولا حتى حلفاءه الإيرانيين يظنون ان في الوسع اعادة الزمن السوري خمسة أعوام الى الوراء!
لقد صنع الأسد أكبر أومليت في التاريخ الحديث، كسر ويكسر كثيراً من البيض السوري الذي ليس من الممكن أعادته كما كان، وبوتين لا يحتاج الى رأي نتنياهو في ان الدول التي حول اسرائيل، وسوريا في مقدمها، تتفكك، وان مصير الأسد مسألة ثانوية. هو يعرف ذلك والإيرانيون بكثير من الإمتعاض والمرارة يعرفون ذلك ايضاً، ولا بد ان يكون وزير الدفاع الروسي قد تلقى سيلاً من الأسئلة التي طرحها عليه نده الإيراني يوم الخميس، والتي تتركز على قول بوتين بعد لقائه نتنياهو كلاماً يثير القشعريرة في طهران: "إن اسرائيل تحارب الإرهاب وهي وروسيا حليفان من هذا المنظور"!
لكن اسرائيل تحارب ايران كما تقول وتواصل عملياتها العدوانية ضد "حزب الله" الذي حاولت طهران دفعه الى توسيع جبهة الجنوب لتشمل الجولان، فمن أين يجد بوتين دوراً لها في محاربة الإرهاب؟
إنه الأومليت السياسي في المواقف المتناقضة جذرياً بين حلفاء الأسد، وخصوصاً عندما نتذكر أن زيارة نتنياهو الثالثة لموسكو في خريف العام الماضي جاءت بعد محاولات تحريك جبهة الجولان، حيث شنّت اسرائيل غاراتها بمعرفة موسكو وتنسيق معها، وبعد ذلك جرى تبريد الجبهة. وفي السياق يقول عاموس جلعاد إن ايران وميليشياتها والمقصود "حزب الله" انتقلت الى الحرب في جبهات الشمال، بما يوحي ان موسكو رتّبت الأمر الذي من شأنه زيادة دفع الإيرانيين الى الزاوية!
هل كان نتنياهو ليضع إصبعه في عين بوتين ويعلن بعد المحادثات بينهما ان مسألة مصير الأسد هي مسألة ثانوية وان اسرائيل لا تتدخل فيها لو لم تكن المحادثات بينهما تسمح بذلك، ولو جاء الأمر مناقضاً للإعلانات الروسية عن بقاء الأسد، الذي صنع اومليت لا يستطيع بوتين أعادتها الى البيضة!
* نقلا عن العربية
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net