الشيخ كامل ريان:
اللهم انك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا وعن ابنائنا وبناتنا وابائنا وامهاتنا واهد شبابنا الى طريق العفو والتسامح والمصالحة والمصافحة والوفاق انه نعم المولى ونعم النصير
العفو رغم الدمع والألم! هكذا افهمتني زوجتي لماذا العفو؟
بالامس احيينا جميعا ليلة القدر والتي كانت كلها جمال وروعه وخشوع وسكينه وشحن بالطاقه الايمانيه التي يبحث عنها كل مؤمن يحب الله ورسوله ويحب ان يكون بجوار الله ليحظى برضا الله وعفوه واتصف هذا اليوم بكثرة قراءة القرأن الكريم والصلاة والذكر لله العفو الكريم "اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني"
العفو ربما تكون من اكثر الكلمات التي رددناها بالامس ذكرا لله وطلبا لشفاعته وزلفى لمغفرته. وكم خيمت علي هذه الكلمه"العفو" القليله بحروفها ولكنها عظيمه وكبيره جدا في محتواها ومعناها ومضمونها حتى وصلت الى نتيجة ان فلسفة الحياة الايمانيه والانسانيه مبنيه على ان يعفو الله عنا كبشر حيث من نهجنا اننا نكثر الخطئيه ونبادر بالمعصيه ولن يسعفنا الا تلك الكلمه العظيمه التي هي بداية لم الشمل مع الشفاعه الربانيه والعنايه الرحمانيه وايضا في بعدها الانساني والاجتماعي حيث لن تقوم قائمه لبني البشر ان لم يتعاملوا فيما بينهم من العفو والتسامح والتصافح بما يرجوه ويطالبوه بالحاح من خالقهم من خلال جميع عباداتهم في الحياة كلها بما يشمل اهم محطه من محطات التناجي مع الله وطلب العفو وتجديد العهد معه لمصالحه جديده والشروع بخوض بحار التوبة من جديد، الا وهي محطة ليلة القدر التي هي خير من الف شهر.
بالامس وبعد ان اتممنا ما يمكن ان نعمله من اجل احياء تلك الليله العظيمه المباركه وفي طريقنا الى المسجد ونحن نردد سوية اللهم انك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا يا كريم وكأن هذه الكلمه"العفو" كانت اللازمه التي لازمتنا في البيت وخارج البيت وفي الطريق حتى اخذت منا مأخذها من الخشوع والتأثر لدرجة البكاء الى ان سمعنا بخبر قد عكر صفونا وشتت ذهننا ونغص مشوارنا ونجح ان ينقلنا من من عالم الملكوت والسماء الى عالم المملوكين العبيد من البشر الا وهو خبر قتل شاب في ريعان شبابه من شعفاط على اثر خلاف عائلي على دنيا فانيه لينضم الى قائمة الاف الضحايا والمصابين في الجليل والمثلث والنقب وجنين والقدس ونابلس والذين هم ابناؤنا ولم تطلهم يد عدونا وانما طالتهم يد ابنائنا في ظل غياب قيمة "عفو ليلة القدر" التي اصبحت مغيبه في مجتمعاتنا الاسلاميه والعربيه بالرغم من كثرة المصلين وكثرة رواد المساجد الذين كما يبدو انهم يتقنون فن معرفة الطقوس والشعائر والحركات ويعرفون الطرق التي تؤدي الى المسجد ولا يعرفون الطريق التي تؤدي الى بوابة قيم واخلاق "عفو ليلة القدر" وكأنهم حريصون كل الحرص لأن يحصلوا ان ينالوا عفو الرحمان وفي قرارة انفسهم مصرون على عدم استعدادهم لمنح قيمة"العفو" لابناء شعبهم واوطانهم وامتهم الى درجه ان هذا الصنف يبخل احيانا ان يعفو عن ابناء اسرته القريبه جدا ليكون الرصاص هو الحكم وليس العقل ولا حتى الانسانيه ولا حتى الغريزه البهيميه
في ظل هذا التلاطم والتداخل من المشاعر الحزينه تسلل سؤال مني الى زوجتي ام معاذ التي تجلس بجانبي اين انت والعفو من قاتل ابننا لو وقف امامك وبيدك الحكم؟
فكان جوابها بلا تردد ولا تلعثم ولكنه مغدق ومشبع بدموع الشوق والحنين لابننا المغدور
كان جوابها ويا ليت تسمعه كل ام وكل اب تبنوا عادة الثأر والانتقام والتجييش والتحريض من غير تفكير ولا تعقل ولا ادراك لكلمة "عفو ليلة القدر"
كان جوابها وماذا يفيدني او يفيد ابني ان قتل علي يدي ويد غيري!
ولكن ما يحتاجه ابني في هذا الموقف هو الاجر والثواب والمغفره من الله وان اطمئن واضمن انه في الجنان مع الصديقين والصالحين
ومن اجل ابني ومن اجل ديني ومن اجل وطني ومن اجل مجتمعي لا املك الا ان ادعو الله له بالهدايه وان يكون جزاء هذا الدعاء وهذه الهدايه هو الربح الصافي لابني من الاجر والثواب والحسنات
هكذا علمتني زوجتي ام معاذ معنى العفو الذي نسعى اليه في ليلة القدر وسائر الليالي
اللهم انك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا وعن ابنائنا وبناتنا وابائنا وامهاتنا واهد شبابنا الى طريق العفو والتسامح والمصالحة والمصافحة والوفاق انه نعم المولى ونعم النصير