راجح الخوري:
أردوغان قال إنه يزفّ خبراً ساراً "سنساعد أصدقاءنا السوريين من خلال منحهم الفرصة اذا كانوا يرغبون في الحصول على الجنسية التركية
يبدو بان كي - مون راعياً لهذه المؤامرة القذرة ولكن في وسع أردوغان المتحمس لها ان يجنّس ايضاً المليوني سوري الذين لجأوا الى لبنان الذي يختنق!
كان ينقص رجب طيب اردوغان ان يستعير شعار حافظ الاسد الذي كرره دائماً في الحديث عن لبنان "شعب واحد في بلدين"، هذا ما تذكّرته عندما استمعت الى الرئيس التركي يعلن يوم الأحد ان الحكومة التركية تعمل على مشروع من شأنه ان يسمح في نهاية المطاف للراغبين من اللاجئين السوريين بالحصول على الجنسية التركية!
اذاً هو "التتريك" أخيراً الذي كان يتردد في ايام السلطنة العثمانية، ولكن المضحك المبكي أنه إذا كان النظام السوري كرر دائماً المزاعم عن سعيه الى استعادة لواء الاسكندرون الذي ضمته تركيا، فها هو أردوغان يعمل على ضمّ الشعب السوري، أو على الأقل مليونين وسبعمئة ألف من السوريين هربوا الى تركيا، وسيفضلون الحصول على جنسيتها بدل العودة الى جحيم النظام و"داعش" الذي رعته تركيا.
أردوغان قال إنه يزفّ خبراً ساراً "سنساعد أصدقاءنا السوريين من خلال منحهم الفرصة اذا كانوا يرغبون في الحصول على الجنسية التركية، نحن نعتبركم إخواننا وأخواتنا، لم تبتعدوا عن وطنكم ولكن فقط عن منازلكم وأراضيكم لأن تركيا هي وطنكم"... طبعاً شعب واحد في بلدين!
إعلان اردوغان أثار عاصفة من الاعتراضات الفورية والردود الغاضبة لأنه يشكّل في نظر معارضيه مناورة رخيصة لتسجيل عدد إضافي من الأصوات التي يحتاج اليها للتحوّل الى النظام الرئاسي، وقال الكثيرون إن قراراً كهذا يتعلّق بالهوية التركية، لا يتخذه شخص بعينه ولو كان رئيس الجمهورية بل يحتاج الى استفتاء الشعب التركي! في أي حال، أظن ان بان كي - مون يغرق الآن في التصفيق لأردوغان الذي فتح باب توطين اللاجئين، وهو ما يستجيب لمشروع القرار الذي رفعه الى الأمم المتحدة وستدرسه في ١٩ أيلول المقبل، والذي كان وضعه بعدما جال على الدول المضيفة للاجئين، وفيه دعوة صريحة وواضحة الى توطين اللاجئين في البلدان التي نزحوا اليها!
عنوان التقرير: "بأمان وكرامة، التعامل مع التحركات الكبيرة للاجئين والمهاجرين"، وهو يحدد تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر كبلدان مدعوة الى "استيعاب اللاجئين والمهاجرين في كل مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية"، معتبراً ان هذا الاستيعاب هو في مصلحة كل الأطراف، بلدان المنشأ والمضيف واللاجئ! لكن تقرير بان أثار الغضب في طول المنطقة وعرضها لأنه يمكن ان يحرق الشرق الاوسط، عبر دعوة الأمم المتحدة الى تجنيس اللاجئين، بما سيدمّر توازنات اجتماعية ويهدد هويات وطنية، فماذا يفعل مثلاً الفلسطينيون بالعودة، وماذا يفعل لبنان الذي يغرق في طوفان من اللجوء الذي يصل الى ٤٥٪ من عدد سكانه؟
يبدو بان كي - مون راعياً لهذه المؤامرة القذرة ولكن في وسع أردوغان المتحمس لها ان يجنّس ايضاً المليوني سوري الذين لجأوا الى لبنان الذي يختنق!
نقلا عن جريدة النهار
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net