ميشيل تويني:
كل لبنان وكل لبناني مهدد بسبب حرب سوريّة زُج فيها اللبنانيون من دون إرادتهم، من سياسيين مرتهنين للخارج
لكنهم يحتاجون حتماً، بل هم في أشد الحاجة الى مسؤولين على مستوى شجاعة اللبنانيين وصمودهم وما يستحقون من رجال دولة حقيقيين
بعد انفجار القاع المريع الذي أعاد كما في كل صيف الى اللبنانيين مشهد الدماء والشهداء والانفجارات، عادت أيضاً الشائعات والأخبار والمعلومات، الدقيقة وغير الدقيقة، عن سيناريوات تقول إن الانفجارات ستستهدف شواطئ لبنانية وتجمعات ومقاهي وأسواقاً تجارية وكازينو لبنان. والأكيد أن هذه المعلومات لا تساهم إلا في الأذى للبنان واستقراره، أكثر مما هو مأزوم في بداية موسم الاصطياف، كأن "المؤامرة" الثابتة على اللبنانيين تعود في كل سنة مع الاستعدادات لموسم ناجح يساعد البلاد على الانتعاش والصمود في مواجهة الأزمات.
السؤال: هل كازينو لبنان مهدد فعلاً؟ وهل هناك مجمعات سياحية كبيرة أخرى مستهدفة ومهددة؟ وهل المطار نفسه مهدد؟
والجواب أن كل لبنان وكل لبناني مهدد بسبب حرب سوريّة زُج فيها اللبنانيون من دون إرادتهم، من سياسيين مرتهنين للخارج. وكل لبنان مهدد إذا تراخت إرادة المواجهة الأمنية والسياسية للارهاب، وإذا لم تكن في المستوى الذي تفرضه هذه الحرب.
والمسؤول؟ كل مسؤول سمح للنازحين وللحدود بأن يكونوا غير منظمين، من دون حسيب أو رقيب، وكل من سمح بهذا الفلتان. فدور الجهات الرسمية في أزمة كهذه أن تهتم بالامن، وأمن الحدود هو أولوية!
صحيح أن أزمة الاٍرهاب عالمية، ودفعت الثمن بلدان عديدة آخرها فرنسا وبلجيكا وتركيا والسعودية، وصحيح أن السيطرة على انتحاريين أمر صعب، لكن في البلدان المتحضرة يحاولون حلحلة الأزمة ومواجهتها قدر المستطاع للقيام بواجباتهم على أكمل وجه. صحيح أن جهات أمنية كثيرة في لبنان والجيش اللبناني يعملون على مكافحة الاٍرهاب، لكن يجب أن نعالج المصدر، والمصدر هو الحدود غير المنظمة. كما يجب طلب أوراق من جميع السوريين في لبنان في كل حي وضيعة ومنطقة، وضبطهم. وعلى الحكومة ان تتعامل بجدية كاملة مع هذا الملف وان تطلب من البلديات التعاون معها كي يصبح لكل لاجئ وضع معروف وواضح ومحدد.
وهذا العمل لا تقوم به الجهات المعنية اللبنانية بطريقة جدية وشاملة بعد. ما دمنا لا نسيطر على الحدود والنازحين الموجودين والمنتشرين في كل المناطق سيبقى كل لبنان مهدداً.
اليوم وفي كل يوم، ليس السؤال عن المكان او الزمان، ففي كل دقيقة وفي كل لحظة يمكن إرهابيّاً كافراً ان يفجر حقده الأعمى. إن اللبنانيين لا يحتاجون الى شهادات من أحد في الشجاعة والصمود أمام كل أنواع الأخطار التي عرفوها سابقاً والتى يواجهونها اليوم. ولا يحتاجون ابداً الى شهادات في حب الحياة وتجاوز أي مخاوف تنشأ عن التفجيرات والتهديدات وسواها. ولكنهم يحتاجون حتماً، بل هم في أشد الحاجة الى مسؤولين على مستوى شجاعة اللبنانيين وصمودهم وما يستحقون من رجال دولة حقيقيين.
نقلا عن جريدة النهار
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net