جاء في بيان مدى الكرمل:
سعى المؤتمر إلى مناقشة العلاقة بين أطراف المثلّث الثّلاثة: المرأة الفلسطينيّة، والقانون، والدّولة في السّياق الاستيطانيّ الاستعماريّ
سلّط المؤتمر الضوْء على النّساء في هذا المثلّث، وفحص وضعيّتهن، وتأثير هذه العلاقة عليهن من خلال التّركيز على ثلاثة أبعاد عينيّة
وصل إلى موقع العرب وصحيفة كل العرب بيان صادر عن مركز مدى الكرمل، جاء فيه:"عُقد في عكا القديمة، يوم الخميس الماضي، 2016/7/14، المؤتمر الدوليّ الثاني لبرنامج الدّراسات النّسويّة في مدى الكرمل - المركز العربيّ للدّراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة، تحت عنوان: المرأة الفلسطينيّة، القانون والدّولة في السّياق الاستيطانيّ الاستعماريّ. وسعى المؤتمر إلى مناقشة العلاقة بين أطراف المثلّث الثّلاثة: المرأة الفلسطينيّة، والقانون، والدّولة في السّياق الاستيطانيّ الاستعماريّ".
خلال المؤتمر
وتابع البيان:"سلّط المؤتمر الضوْء على النّساء في هذا المثلّث، وفحص وضعيّتهن، وتأثير هذه العلاقة عليهن من خلال التّركيز على ثلاثة أبعاد عينيّة. أولًا، البعد الجندريّ لنوعية هذه العلاقة، والتمييز الواقع على النّساء من قبل المؤسّسة الحاكمة من جهة، ومن قبل المجتمع الذكوريّ الداخلي الفلسطينيّ والمجتمع الإسرائيليّ من جهة أخرى. ثانيًا، البعد العرقيّ وعنصريّة الدولة تجاه الفلسطينيّين عامّة، والمرأة الفلسطينيّة خاصّة. فيما يتطرّق البعد الثّالث إلى كولونياليّة قانون المستعمِر، ووضعيّة النّساء الفلسطينيّات في المناطق الحدوديّة. من جهة أخرى، سلّط المؤتمر الضوْء، أيضًا، على دور القانون كنهج جوهريّ في المنظومة الاستيطانيّة الاستعماريّة لاستلاب المرأة الفلسطينيّة حقّها في حياة كريمة".
وزاد البيان:"افتتح المؤتمر د. امطانس شحادة، مدير البرامج البحثية في مدى الكرمل ومنسّق برنامج دراسات إسرائيل، بكلمات ترحيبيّة تطرّق خلالها لهدف المؤتمر وأهميّته، قائلاً "ينطلق هذا المؤتمر من قناعة بأن أدوات منظومة الاستيطان الاستعماري عديدة، ومجندة كافة في خدمة السيطرة والنفي وتفوّق المستعمر؛ من ضمن ذلك استعمال منظومة القانون لفرض السيطرة والضبط، تحت شعار الديمقراطية أو إرادة الأغلبية في الحالة الإسرائيلية. فبالإضافة إلى المنظومة الاستعمارية البنيوية، شهدنا في السنوات الأخيرة سنّ عدد من القوانين التي تهدف إلى السّيطرة والقمع، كقمع الوعي الجماعي، وقمع المواقف السياسية للفلسطينيين، وقمع الحريات الفردية، والتدخل في الحق في اختيار شريك الحياة، ناهيك عن ممارسات الاستعمار الأخرى في المناطق الفلسطينية عام 67 وبشكل بارز في القدس. كل هذا تحت شعار حسم الأغلبية والأمن".
وأضاف البيان:"افتتحت البروفيسورة نادرة شلهوب كيفوركيان، مديرة برنامج الدراسات النسويّة في مدى الكرمل، ومحاضرة في علم الإجرام، الجلسات بمحاضرة بعنوان "المرأة الفلسطينيّة، القانون والدولة اليهوديّة: قراءة نسويّة نقديّة"، تحدّثت من خلالها عن المشروع الكولونيّاليّ - الاستيطانيّ الصهيونيّ وتجلّياته على المرأة الفلسطينية، قائلة "النّظام الكولونياليّ - الاستيطانيّ الّذي تطوّر لحظة ولادة دولة إسرائيل في حالة من الطوارئ الفورية والمستمرة، يطمح للقضاء على الفلسطينيّين والآخرين، المتسلّلين، والكيانات الخطيرة من أجل أن يحيا الشّعب اليهوديّ، وينمو، ويزدهر. من خلال توصيف التعريف الأساسيّ للدولة اليهودية بموجب الأيديولوجية الصهيونية كتفكير العرق النقي، مع إنشاء المواطنة العنصرية التي تتجلى في قانون العودة للعام 1950، والذي يمنح الجنسية بصورة تلقائية لأي شخص يمكن أن يثبت أنّ لديه جدًّا يهوديًّا واحدًا، بينما، وفي نفس الوقت، ينكر حق العودة للفلسطينيين الذين ولدوا على هذه الأرض، كما ومن خلال قوانين المواطنة والدخول الإسرائيلية الأخرى، فإنه يمكننا أن نشير إلى أنّه قد تمّ تفعيل طرد الفلسطينيين من الإطار الإيديولوجي للدولة اليهودية وأنه تتم المحافظة عليه عن طريق العنف، وفي بعض الحالات بصورة بطيئة وخفية، ولكنّه دائمًا عملية قوية للإزالة. بالتّالي، فإنّ اللّعبة الحتميّة، والّتي لا مفرّ منها، للدّيمغرافيا تتواجد في أجنحة الولادة. مع كلّ ولادة فلسطينيّة، يبرز تهديد جديد للسّكّان اليهود. لذلك، وبينما قد تحظر القوانين الرّسميّة والمدوّنات الأخلاقيّة الفصل، أو قد تتطلّب توفير الرّعاية الطبيّة المحايدة للجميع، وعلى حدّ سواء في النّظام، فإنّ القدرة على خرق القوانين، والالتفاف عليها قد تحقّقت، وتمّ تشريعها، والتغاضي عنها؛ ويصبح غير القانوني مرنًا قانونيًّا، ومحظورًا رسميًّا، ومستنكرًا من الكثيرين، لكنّه نادرًا ما يطبّق، أو يتمّ التحقيق فيه، أو تصويبه".
جلسات المؤتمر
وجاء في البيان:"الجلسة الأولى للمؤتمر كانت بعنوان "المرأة ما بين عنصريّة الدّولة والقانون" وترأستها المحامية هديل بدارنة، واشترك فيها كلّ من المحاضرة شيريل هاريس في كليّة الحقوق في جامعة كليفورنيا، والمحامية سهاد بشارة، مديرة وحدة الأرض والتخطيط في عدالة، والمحاضرة سراب أبو ربيعة قويدر في جامعة بن غوريون في النقب.
تحدّثت شيريل هاريس عن التجربة الأمريكيّة في عنصريّة الدّولة والقانون، قائلة "بالرغم من أن العبوديّة لم تعد جليّة في سن القوانين، إلّا أنها تؤثر، حتى يومنا هذا، على صقل الحياة السياسية للسود في أمريكا والمهجر، وخاصة على صعيد علاقة السود مع الشعب وقضية منحهم الجنسيّة الأمريكيّة كباقي مواطني الدولة". خصّت في مداخلتها قضية المرأة السوداء وعلاقتها مع الدولة من جهة، ومع المجتمع الذكوري من جهة أخرى. أما مداخلة المحامية سهاد بشارة كانت بعنوان "الفضاءات الجندريّة في تكوين الاستعمار الاستيطانيّ الإسرائيليّ"، وتطرّقت خلالها لحالة تهجير قرية أم الحيران غير المعترف بها في النقب، وتعامل السلطات والمؤسسات الإسرائيلية مع دور النساء في هذه القضية، لتحولها لفضاء نسائي. وسلّطت سهاد الضوء على لغة الجندرية الواضحة في حالة قرية أم الحيران والتي تدعم سياسة الكولونياليّة الصهيونيّة. أما المداخلة الأخيرة للجلسة الأولى كانت للمحاضرة سراب أبو ربيعة-قويدر بعنوان "سياسة محو الطبقيّة لدى النّساء الفلسطينيّات العاملات في النقب"، وتحدثّت خلالها عن منطق الكولونياليّة الاستيطانيّة الذي يتمثّل في إقصاء الفلسطيني الأصلانيّ في النقب بشكل عام، والنساء الفلسطينيات المهنيّات بشكلٍ خاص. منطق الاستيطان لا يستهدف المجموعات الضعيفة والفقيرة فحسب، إنما أيضا الشرائح القوية اقتصاديا التي تتحدّى علاقات القوة الكولونياليّة. وفي هذا السياق تقول أبو ربيعة-قويدر، "إن النساء الفلسطينيّات المهنيّات في النقب هن المستهدفات من قبل السياسة الكولونياليّة الاستيطانيّة، لكونهن يحتفظن برأس مال ثقافي الأعلى في مجتمعهن على الصعيدين الإقتصادي والتعليمي". أما الجلسة الثانية، فقد كانت بعنوان "الجنوسة، العنصريّة والعنف ضد المرأة"، وأدارها طالب الماجستير عامر إبراهيم، واحتوت على 4 مداخلات لمحاضرات أجنبيات ومحليّات. المداخلة الأولى كانت للمحاضرة دنيس دي سيلفا، من جامعة كوين ماري في لندن، بعنوان "النساء الفلسطينيّات في مواجهة العنف العنصريّ"، وتحدّثت خلالها عن التناقضات الداخلية في مفهوم العدالة، الذي عليه أن يكون مبنيّا على مبدأ المساواة. ولكن، مفهوم العدالة لا يأخذ بعين الاعتبار التّدخلات السياسيّة للسلطة المتوّرطة في العنف والانتهاكات الجندريّة، والتي يحاول التوجّه المبني على الحقوق معالجتها. أما المداخلة الثانية كانت للمحامية نسرين مصاروة، من كيان - التنظيم النسوي، بعنوان "الدولة، والمشغّل الفلسطينيّ والتحرّش الجنسيّ في أماكن العمل"، وتطرّقت خلالها للتضييقات التي يعيشها المجتمع النسوي والنسائي بشكل عام، في كل ما يتعلّق بالمشاركة الفعالة بالحيّز العام، والذي له قوانينه التي تكتبها المؤسسة البيضاء بكل قوة. هذه المقولة صحيحة وحادة أكثر بكل ما يتعلق بالواقع الذي تعيشه المرأة الفلسطينية داخل إسرائيل، لا سيما، المرأة الفلسطينية العاملة- أو التي تبحث عن عمل- أمام مشغلها الفلسطيني. المداخلة الثالثة كانت للمحامية عبير بكر، بعنوان "فقدان الحماية القانونيّة لدى الأسيرات الفلسطينيّات في السجون الإسرائيليّة"، وتطرّقت خلالها لمعاناة الأسيرات الفلسطينيّات، والتي لا تختلف عن معاناة الأسرى الرجال الفلسطينيين، من حيث أنماط الإهانة وممارسة الضروب المختلفة من أساليب التحقيق غير المشروعة قانونيًا. إلّا أنّ كونهنّ نساءً قد يعرّضهنَّ لأنماط إضافيّة من التعذيبات النفسانيّة والجسديّة، والتي تستهدف بالأساس أجسادهنّ وحرمتها. المداخلة الرابعة كانت لطالبة الدكتوراه سائدة مقاري - ريناوي، بعنوان "مابين الرواية والقرار - عرض وتحليل نقديّ لجريمة اغتصاب المرأة الفلسطينيّة بحسب ظهورها في قرارات المحاكم اللوائيّة في إسرائيل". وتحدّثت خلالها عن مركزيّة القضاء لإحداث تغييرات مجتمعيّة جذريّة وليس فقط منظومة لحل النزاعات. سلّطت الضوء على النظريات النقدية للقانون، والتي تبيّن أن هذا الحيز يمثل ويعكس صراعات القوى بين مجموعات عدة في الحقل لكل منها قيمته ورغباته، ويشكل أداة ضاغطة بيد المجموعة الحاكمة، لكبت مجموعات أخرى. ولذا منذ أكثر من ثلاثة عقود يسلط النقد النسوي الضوء على القضاء، حيث يعتبره أداة مركزيه لدعم منطق المساواة بين الرجل والمرأة ورفع مكانتها المجتمعية بواسطة أدوات قانونيه-شرعية تضمن إيقاف العنف والتنكيل بأشكالة.
ترأست المحاميّة بانة شغري الجلسة الثالثة، والتي تطرّقت لموضوع "القانون، والإماتة، والمناطق الحدودية"، واشترك في الجلسة عرين هواري، طالبة دكتوراه، وقدّمت مداخلة بعنوان "النّقاش حول تعديل قوانين الأحوال الشخصيّة: الخطابات والمرجعيّات". تناولت المداخلة المبادرات لتعديل وتشريع قوانين ذات تأثير على الأحوال الشخصية للفلسطينيين داخل الخط الأخضر. التي اعتمَدَت ولغاية عام 2001، وبشكل شبه حصري على نظام الملل العثمانيّ، بصيغته التي اعتمدها الانتداب البريطانيّ، والذي تبنته إسرائيل. بالإضافة للنقاشات التي دارت حول تلك المبادرات والتي أسفر جزء منها عن تقليص في صلاحيّات المحاكم الدينية فيما يتعلق بالأحوال الشخصية للمسلمين والمسيحيين، لصالح المحاكم المدنيّة. أمّا المداخلة الثانية كانت بعنوان "استقلاليّة المحاكم الكنسيّة عن جهاز الدّولة: إرث أبويّ استعماريّ، وقرار سياسيّ بحت"، وقدّمتها المحاميّة حلا موسى دكور. تحدّثت، حلا، في مداخلتها عن الفراغ القانوني الذي أخلفته استقلالية المحاكم الكنسيّة عن القضاء الإسرائيلي، من عدم وجود شفافيّة في إطلاق الحكم أو عدم وجود رقابة قضائية خارجيّة. أمّا المداخلة الثالثة والأخيرة للجلسة كانت بعنوان "الاعتقال الإداريّ لجثامين الفلسطينيّات: تجميد القوانين، تجميد الجثامين"، وقدّمتها المحاضرة سهاد ظاهر ناشف. وتحدّثت، بدورها، عن بنية تجميد واحتجاز جثامين فلسطينيّات في ثلاجات الموت الإسرائيليّة، ما أسمته بتجميد زمن حيّز الموت لجثامين الفلسطينيّات، عبر تفاعل ثلاثة أنواع من البنى القانونيّة؛ القانون الدولي والاتفاقيّات حول التعامل مع الجثامين في مناطق الصراع، والقانون الإسرائيلي وقرار المحكمة العليا بهذا الشأن، والقانون والعادات الفلسطينيّة الاجتماعية المحليّة.
عُقدت، في نهاية المؤتمر، جلسة ختاميّة مع نائبة البرلمان حنين زعبي والبروفيسورة نادرة شلهوب كيفوركيان، تحدثن خلالها عن مسيرة نضال النساء الفلسطينيّات أمام السلطات الإسرائيليّة من جانب، وأمام المجتمع الفلسطيني وتعامله مع المرأة من جانب آخر"، إلى هنا نص البيان.