الرئيسية مقالات

فرقعت مع سمانا/ بقلم: فؤاد سليّمان

كل العرب
نُشر: 14/09/16 20:16,  تحديث: 18:11
فرقعت مع سمانا/ بقلم: فؤاد سليّمان

فؤاد سليّمان في مقاله:

أشعر بالخجل من كوني عربيّا مرّتين أو ثلاث كلّ يوم

أنا متأكّد أنه لو عاد السّيد المسيح من السماء إلى الأرض في عيد الصّليب لتأفأف من وضع أتباعه

عدت من النّاصرة بعد مقابلة مع فرقة سراب في قناة مساواة لأجد زوجتي تتكلّم مع أهلها الألمان عبر الهاتف الخلويّ، ثمّ إتصل بي أبي وعزمني على طبخة كوسا وورق من طبيخ أمي اللذيذ، فقبلت دعوته وأجبته بروح النّكتة قائلا : “أبي إنّي أتساءل مع نفسي ، هنالك دار الكوسا صحيح؟ " فأجاب "صحيح هنالك إسم عائلة بإسم الكوسا " فتابعت قائلا " فلماذا ليس هنالك دار الورق؟" ، فرط أبي من الضحك. عدّت الى داري بعد الوجبة وجلست أمام حاسوبي وتصفّحت الفسيبوك لأجد أحد أصدقائي يكتب عن عيد الصّليب، ففهمت حالا أنّ هذا الأمر يفسّر المفرقعات التي سمعتها خلال النّهار كلّه.

بما أنّ عيد الصّليب جاء هذا العام في 913 وفي فترة عيد الأضحى لدى المسلمين، فقرّر المسيحيون أن يخفّفوا من الفرقعة في عيد الصّليب، أيضا لكي يظهروا وجها لطيفا أمام المسلمين وأيضا لتوفير النّقود التي قد يبذّروها على شراء المفرقعات. لا بدّ أنّ أمر فرقعة المفرقعات النّاريّة أمر خطير حين يتمّ بشكل غير منظّم، وإنّ الشرطة تقوم بالضّبط على من يبيع المفرقعات أحيانا، ونرى أخبارا عن إصابات مدمية سبّبتها المفرقعات. ولقد جاء الأمر الى مرحلة جديدة في خطورة إستعمال المفرقعات في مجتمعنا العربي في البلاد حين شاهدنا جميعنا الشّجار العنيف في كفرمندا قبل بضع أسابيع. في هذه الحالة في كفرمندا إستعملت المفرقعات كسلاح للتخويف وللأذى، أنا عندما رأيت هذه المشاهد المروعة والمؤسفة قلت لأبي: “شكلها فرقعت مع سمانا" . ما هذا ! شجار من نوع جديد ! شجار مفرفع لدرجة غريبة ! وطبعا إستغلّت وسائل الإعلام العبريّة الأمر لكي تري كم نحن العرب همج ولا دين لنا ولا خجل. أنا حقيقة عندما رأيت مشاهد الفرقعة خجلت من كوني عربيّا، وبصراحة، والصّراحة مهمّة للغاية، فإنّي أشعر بالخجل من كوني عربيّا مرّتين أو ثلاث كلّ يوم. وخصوصة في أيّام مثل عيد الصّليب الّذي تحوّل إلى مصنع للفرقعة والإزعاج. أنا متأكّد أنه لو عاد السّيد المسيح من السماء إلى الأرض في عيد الصّليب لتأفأف من وضع أتباعه.

نحن أقليّة هنا ونعاني من العنف اتّجاهنا من مؤسّسات الدولة، هذا العنف ينعكس في عنصريّة، عدم تواجد فرص للنّجاح، فقر، تجاهل وغيرها من الظّواهر. ونحن مليئون بالقهر، ونريد أيّ فرصة لتنفيس ذلك العنف الذّي يكمن بداخلنا، فنبدأ بإيذاء كل من هو أضعف منّا، كما ونبدأ بإطلاق النار والمفرقعات وغيرها من الأسلحة. والعنف يبدو في مرحلة إزدياد وليس بمرحلة إنخفاض. فقد رأينا في الفترة الأخيرة حوادث اطلاق النّار الموجّهة الى الرأس، من جولس إلى الشّاب من النّاصرة في زمن حلول عيد الأضحى. إنّ ما يحصل هنا هو إزدياد من شدّة العنف ونوعيّته وهذا أمر مؤسف جدّا.

هنالك أبحاث عن دور العاب الحاسوب العنيفة في زيادة أو تخفيض ظواهر العنف في المجتمع، فإتضّح من البحث أنّ هنالك نوعين من البشر، النوع الأول يكتفي بالعنف خلال ألعاب الحاسوب ويكون هادءًا في حياته الفعليّة، أمّا النّوع الثّاتي فيقلّد ما يراه خلال العاب الحاسوب ويصبح أكثر عنفا في حياته الفعليّة. إنّ الفلسفة الوجوديّة تقول إنّ الإنسان بحاجة إلى العنف وأن هنالك متعة في مشاهدته وإستعماله، وأنّ ذلك يأتي من كونه تطوّر من القرود المفترسة، وإن أيّ حلّ لقضيّة العنف البشري قد يأتي فقط عن طريق إحداث تغييرات في الجّينات البشريّة، ليس بفكرة سيّئة حسب رأيي.

ها أنا أجلس أمام حاسوبي وآخذ جغعة من عصير التمر هندي ورشفة من السّيجارة حيث أسمع صوت الفراقيع، فراقيع عيد الصّليب، الّتي تقاطع أغنية للفنّان علاء عزّام من كلام خير فودة والّتي تقول : “ تعبان وعايف حالي من هالعيشة المرّة يا خالي". وأغلق أعيني لكي أتوحّد في سلام داخلي عميق.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net