حين دخلت أمل ذٰلك الصباح إلى صفها فوجئ الجميع بأن السعادة قد غادرت وجهها، وارتسمت في خيالهم أسئلة حيرى بلا إجابة: أين ذهب ذٰلك التوهج؟ أين تلك الابتسامة؟ أين الاجتهاد الذي انطفأ فجأة مثل عود كبريت ميت؟
لم أرَ على وجه صديقتي سوى مرارة الحنظل، بينما اختفى شعرها الذي كان يتناثر على كتفيها تحت حجاب أسود بلون الحزن المختزن في عينيها. سألتها عن الحكاية فأجهشت في بكاء مر، وشهقت بدموعها وألمها وخيبتها المخبأة في صدرها، ووعدتني أن تشرح لي كلّ شيء في رسالة.
شعرت بالقلق عندما تأخرت تلك الرسالة، واستبدّ بي فضول ممتزج بالخوف على صديقتي، وحين اتصلت بالبيت جاءني صوت أخيها يحمل الفاجعة:
"لقد انتحرت الكافرة.. ألقت بنفسها من فوق سطح البيت".
سقطت سماعة الهاتف من يدي، بينما بقي بقي صوت أخيها الهادر يرنّ في أذني كأجراس المآتم.
صحوت من ذهولي على رسالة وضعتها ابنة جيراننا الصغيرة بين يدي.. فتحتها باضطراب ورحت أقرأ:
"عندما سافر والداي تركاني في رعاية أخي، وفي آخر الليلة الأولى لغيابهما تحوّل حارسي المؤتمَن عليّ إلى ذئب مفترس، افترس جسدي الغض، وسلب مني أعزّ ما أملك، قبل أن يتحول إلى سجّان.. وحين توسلت إليه أن أعود إلى المدرسة اشترط أن ابتلع لساني، ولا أخبر أحدًا بفعلته الحقيرة، وأمرني أن أضع حجابًا يخفي شعري، ويكتم في صدري الحكايات والأنات والكلمات المخبأة.
لم يحتمل صدري الصغير كل هذا الألم.. لذلك كان لا بدّ من...".
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.ne