ثمانون لؤلؤة وجمانة وزَبرجدة أشكّها عِقدًا جميلًا وأزفّه الى هناك الى بيروت لجارة القمر فيـــــــــــــــــروز ليُزيِّن جِيدها الجميل بعيد ميلادها الثمانين
كيف لا أفعلُ ذلك ولها في نفسي مكانة خاصّة ، راقية ، عابقة بشذا الأيام ؟!
كيف لا أفعلُ ذلك وهي قصيدة الفنّ الأجمل والأحلى على شُرفات الصّباح والظهيرة والمساء ؟!
كيف لا افعل ذلك وصوتها العذب ، المتهادي ، الرقراق ، المتعانق بشغَف غريب مع موسيقى الرّحابنة ، يسرقني من ذاتي بعيدًا لأجد نفسي هائمًا ما بين الارض والسّماء ؟!
كيف لا افعل ذلك ووقع كلماتها الأثيريّ يتحدّى الريح الحَرون والعواصف العاتية؟!
فكلّ أغنية من أغانيها درّة يتيمة ، تدخل القلوب دونما استئذان ، فتفعل فعل الخمرة الجيّدة في النفوس العطشى، وتلوّن الحنايا والثنايا والضّمائر بالمحبّة
تضايقْتُ يومًا من أحد ابنائي الثلاثة حينما صرّح لي قبل سنوات إنّه لا يستعذب فيروزتنا كثيرًا ، وأنّ هناك مَن تبزّها، فقلتُ وقتها له : ما زِلْتَ يا صغيري فجًّا حتّى ولو تبوأت أعلى المراتب ، الى أن عاد يومًا الى رُشده وبات يترنّح على الصوت الكريستالي، الآتي من فوق ، من لدُن السّماء فصرخْتُ وقلْتُ له : مرحى
لقد نضجْتَ ونضجَ فيكَ الذوق وبات مُرهفًا يعرف النشوة ويتذوّقها
حقيقة فلبنان - ومع كل مواكب مبدعيه العِظام - وهم كثر ، يبقى بدونك ولولاكِ يتيمًا ، لاجئًا مُشرّدًا ،
عذرًا جبران وعقل والصّافي والصّبوحة والرّومي و
، ففيروز أعطته اللون الجميل ، وسبغت عليه المجد والعِزّ ، وكتبت حروفه بماء الذَهب
فيروز الراهبة الجميلة في محراب الفنّ الأصيل
أطربْتِ دُنيانا
فيروز الرّاهبة الصامتة التي ترفع قلبها قبل صوتها ، فتسجد عند اقدام الإله مُترنّمةً ، خاشعةً ، فتغنّي المصلوب والقدس والاوطان والحنين ومواكب الايام
تُطرب أرواحنا
فيروز ، الصّبيّة التي لا تعرف الثرثرة ولا تعشق – شوفوني يا ناس- ولا تهوى التباهي تحظى باحترام كلّ مَن غرّدَ وشدا ولحّنَ واستمع
فيروز ، بحياتها الفنيّة العطرة ، وحياتها الخاصّة تضفي على رواية عمرها بِسرٍّ جميل غامض ، يحاول الكلّ ان يستكشفه ولكن هيهاتِ!
كثيرًا ما تساءلْتُ بيني وبين نفسي :
ماذا تفعل هذه الفيروزجة في هذه الأيام ؟ وماذا تُحبّ من الأطعمة والاشربة؟ ولِمَن تسمع في الصباحات والأماسي ؟ أتُراها تنام وتصحو مثلي على صوت فيروز
لسْتُ أدري
ولكنني أدري أنّها في القلب والوجدان زنبقة لا ولن تعرف الذبول ولو اضحت مائتين من السّنين ، وسيبقى شذاها يُعمِّد الشّرقَ بأريجه وفوْح عطره
فيروز
جارة القمر والريح ، وزنبقة الاودية ونرجسة التّلال : دُمْتِ بخير والعقبى للمائة بعد العشرين ، والصّحّة تُظللكِ كما السّعادة وهدأة البال والايمان والتقوى
فيروز
كلّ عام وأنت محبوبتنا
عبلّين – الجليل - تشرين الثاني 2016