ابراهيم خطيب:
هذا البرنامج يحتاج لفترة من الزمن ولكن اذا ما كان منضبطاً ببرنامج وترتيب فسيكون مثمراً
للدخول مباشرة في صلب الموضوع، ردود الافعال تمحورت حول الخطوات التي يجب علينا كفلسطينيين في الداخل القيام بها
اوافق على الاضراب كوسيلة نضالية ولكن هل هذا الاضراب الذي نريد.. تغلق بعض المصالح التجارية ويغيب الطلاب عن المدرسة..! لا هذا وحده غير كافٍ
أي خطوة نضالية يجب أن تتوفر فيها عدة عوامل فيجب أن تكون جماعية، هادفة، منظمة، جريئة، ووفق برنامج، وتحقيق هذه العوامل يساهم كثيراً في أن تكون هذه الخطوات فعّالة
الحدث المؤلم الذي كان قبل ايام في قلنسوة من هدم احد عشر بيتاً خلال سويعات، أقض مضاجع الجميع ومع أن سياسية الهدم لم تتوقف ولكن ازدياد وتيرتها وعنفها زاد من حدة الصدمة وردود الفعل حولها ليكون النقاش حول الخطوات المطلوبة للرد على هذه الهجمة من قبل المؤسسة الاسرائيلية اتجاه ابناء شعبنا واتجاه الحجر والبشر.
وللدخول مباشرة في صلب الموضوع، ردود الافعال تمحورت حول الخطوات التي يجب علينا كفلسطينيين في الداخل القيام بها، وقد تعالت الانتقادات بين مدافع ومهاجم للخطوات التي اتخذت ومطالب بخطوات اخرى، وتمحورت النقاشات حول فعالية الاضراب ومطلب استقالة اعضاء الكنيست ورؤساء السلطات المحلية وهو نقاش شرعي وله دلالات.
كلنا يعرف أن السياسات الاسرائيلية هي المسبب لما يحدث وكلنا ايضاً يعرف أن واجبنا حماية بقاء شعبنا ومستقبله وحقه في عيش كريم. أظن أن دور القيادات العربية في الداخل الان على المحك، فإلى الان مع محاولات هذه القيادات التعامل مع ما يجري وكلي ثقة بذلك ولكن يبدو تعاملها محدوداً لا يخرج عن طبيعة المألوف وكأني ببعضها كذلك تسقط عذراً ببعض الردود أو لسان حال بعض قياداتنا بأنه ليس بالامكان اكثر مما كان وهذا خطير جداً فوظيفة القيادة هي توجيه الجماهير واخراجهم مما فيه قدر المستطاع وليس الركون والسكون، وكلي ادراك لواقع الحال ولكن هذا لا يمنع من العمل الجاد قدر المستطاع واستنفاذ كل الامكانيات اللازمة.
أي خطوة نضالية يجب أن تتوفر فيها عدة عوامل فيجب أن تكون جماعية، هادفة، منظمة، جريئة، ووفق برنامج، وتحقيق هذه العوامل يساهم كثيراً في أن تكون هذه الخطوات فعّالة.
الاضراب بحد ذاته خطوة نضالية مهمة ولكن يكمن السؤال هل اعلان الاضراب لذاته هو الهدف.. وأظن أن الجواب القطعي لا! الاضراب يجب أن يكون مؤثراً لكي يسمى بإضراب ناجح، ولكي يكون مؤثراً يجب أن تتوفر فيه العوامل السابقة التي ذكرت فيجب مثلاً أن يكون الاضراب عاماً ويشمل العمّال والموظفين والكبير والصغير ومرافق الحياة المختلفة، ويجب أن يكون هادفاً يجب أن نعرف ما الهدف منه لكي نحقق مردوداً من عمله، ويكون منظماً بحيث ترتب كل اوراقه لكي ينجح، ولكي تكون الخطوة جريئة يجب أن تكون مختلفة وغير مبتذلة والامر الاهم أن يكون ضمن برنامج وليس مقطوعاً، وكل هذا مفتاحه حشد جماهيري وايمان جماهيري بقضيتها وبالخطوات التي تقام من قياداتها وهذه الثقة اضافة لجعل القضية قضية رأي عام ورفع الوعي اتجاهها وتحشيد الجماهير نحوها هو الكفيل بإنجاح الاضراب، وإلّا لما كان جماعياً ومؤثراً وبالمناسبة اذا ما تم ما ذكر فتستطيع القيام بخطوات كثيرة أخرى مؤثرة.
نعم اوافق على الاضراب كوسيلة نضالية ولكن هل هذا الاضراب الذي نريد.. تغلق بعض المصالح التجارية ويغيب الطلاب عن المدرسة..! لا هذا وحده غير كافٍ..
وبالانتقال لقضية استقالة رؤساء السلطات المحلية واعضاء الكنيست وهي خطوة مهمة، بغض النظر من الموقف الذي يمكن أن يكون عند أيٍ منا اتجاه المشاركة في انتخابات الكنيست، ولا يمكن اغفال الدور التمثيلي والرمزي السياسي لأعضاء الكنيست وخصوصاً على صعيد الرأي العام العالمي كما أنه لا يمكن إغفال دور رؤساء السلطات المحلية في ادارة دفة الحكم المحلي وكونهم السلطة التنفيذية في بلداننا العربية، وبالتالي لا يمكن إغفال أهمية مكانتهم مع النقاش الدائر والشرعي حول جدوى العمل البرلماني.
ويكمن السؤال متى تكون الاستقالة ممكنة ومتى تكون فعّالة؟ وبالإجابة على هذين السؤالين نستطيع حل بعض عقد النقاش الدائر رحاه الآن في صفوف فلسطيني الداخل، أظن أن الامر يتعلق كذلك بالسؤال هل عضوية الكنيست لذاتها قرار ايدلوجي ام قرار تكتيكي وهل يمكن التوقف عنه اذا فقد جدواه او مصالح جماهيرنا طلبت ذلك، وأظن أن الجميع يتفق أن مصلحة الجماهير وقضاياه أهم من أي كرسي، ويجب أن تضع الانا والمصالح الحزبية جانباً مقابل المصالح الوطنية لتكن قيادة وطنية مؤثرة وتحوز على ثقة الجميع.
على القيادات العربية في الداخل أن تضع خطوطاً حمراء لعلاقاتها مع الدولة، تجاوزها من قبل الدولة يعني الحاجة لخطوات غير تقليدية، فهل القيادات حددت ما هي الخطوط الحمر؟ وبالمناسبة الخطوط الحمر هذه يمكن أن تكون معلنة لكي نوضح للمؤسسة وتعرف ما الامر الذي لا يمكن أن نتنازل عنه. وهنا تأتي قضية الاستقالة، فأنا اتفق أنه لا يمكن التلويح بالاستقالة لكل أمر وكل عشية وضحاها ولكن يمكن أن يكون اداة فاعلة اذا كان ضمن برنامج نضالي وعند تجاوز الخطوط الحمر ولكي يكون فاعلاً كأي خطوة يجب أن يكون جدياً، جماعياً، منظماً ومرتبطاً بمطالب واهداف. واظن أن القيادات العربية يجب أن تُقر ذلك.
اذاً أظن أنّ احد مشاكلنا الاساسية تكمن في أن قيادتنا لم تعد برنامجاً نضالياً جماعياً وفق خطوات واهداف، وهذا الامر يجعل من الردود غير فعّالة ومجتزأة وذات صدى جماهيري ضعيف، مجدداً المشكلة في الدولة وهي الظالمة والمجرمة ولكن السؤال كيف نرد.. ومجدداً أدرك اننا لسنا دولة ولكن لدينا بالقطع امكانيات.
وهنا احاول ترتيب بعض الاوراق بوضع مقترح أولي لخطوات عامة في مناهضة هدم البيوت وتوسيع المسطحات وزيادة رخص البناء:
1. بناء برنامج نضالي طويل وقصير المدى.. بمشاركة مجتمعية واسعة
2. بناء هيئة قيادة عليا للنضال تكون في الميدان وتعالج الموضوع فقط (طبعاً تتخطى الانا والمصالح الحزبية والذاتية)
3. اجتماعات اهلية في كل البلدان لدراسة الخطوات والواقع تترافق مع دراسات وعمل للسلطات المحلية ويتم متابعة هذه الاجتماعات.
4. عمل اعلامي وجماهيري في قضية هدم البيوت والمسطحات وجعلها قضية رأي عام.. ينبثق عن الهيئة العليا وفيه متطوعون من الشباب والمختصين والفاعلين يترافق مع بناء لجان مختلفة.
5. تحشيد جماهيري من خلال محاضرات وندوات واجتماعات وفعاليات اخرى مكثفة وجعل القضية قضية جماهيرية.
6. احتجاجات ورسائل لمؤسسات ودول وهيئات مختلفة
7. احتجاجات من السلطات المحلية (يترافق مع عمل جيد لخطط بناء وتخطيط)
8. ممكن ان تكون مخرجات الامور مختلفة ويتم التصعيد تدريجياً واذا ما لم ننجح يمكن أن يتم التصعيد باضراب مفتوح وتصعيد في الرد على القرارت الحكومية وعدم الاستجابة لما يناهض وجودنا، استقالات من الكنيست والسلطات المحلية وامور اخرى!
هذا البرنامج يحتاج لفترة من الزمن ولكن اذا ما كان منضبطاً ببرنامج وترتيب فسيكون مثمراً، وبالمناسبة التجنيد والمال الذي يضخ ويصرف وصرف ابان انتخابات الكنيست والسلطات المحلية يغيّر مجتمعات.. فيمكن أن يكون اداة للمساهمة في مثل هذا البرنامج.
عندما تكون الرعية بلا رعاة أكفاء (وآمل أن لا يكون حالنا كذلك!)، واضحي الهدف ومجتمعين عليه وجسورين في تحقيقه.. تضيع الرعية..المجرم يقوم بإجرامه وهذا متوقع منه.. ولكن كيف نرد.. هذا السؤال؟ هذا المقال ليس لجلد الذات بل للحث على العمل وتوضيح المطلوب، كما انه ليس للمزاودة بل حرصاً على جماهيرنا وخوفاً على قيادتنا (التي لا يمكن الانكار أنها تحاول العمل وتعمل) وهذا المقال حرصاً على مجتمعنا وأملاً في تغيير الحال.
• باحث دكتوراه في العلوم السياسية – جامعة هومبولدت- برلين
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net