عندما يكون الفكر العقيم، والجهل السقيم، مسيطرًا على أمٍ تخاف من مجتمع ظالم، وأب عقدته أقاويل مجتمعٍ رجعيّ...
عندها... توأد الطفولة! طفولة الإبنة القاصر التي لم تبلغ سن الرشد بعد، والتي لا سلطة ولا حول. وعندها تصبح هذه الطفلة أمٌ لأطفال! وتكون هي الضحية، كبش فداءٍ يقدمُ على إناءٍ من ذهب، لنفسٍ دنيئةٍ وعقلٍ سفيه، ربما الى قاصرٍ لا يعرف المصير، وربما لعجوزٍ بسنِّ والدها الذي يفوقها عمرًا وتجهلُ التعامل مع عجوزٍ فُرض عليها في هذا العمر!
ظاهرة الزواج المبكر، أي زواج القاصرات، هي ظاهرة اجتماعية شائعة ويمكن وصفها بالكارثة لما يكمن بداخلها من تأثيرات ونتائج سلبية على القاصرات، منها الحرمان والمشقة والانتهاك... زواج فتاة قاصر التي لم تبلغ الا سنوات قليلة، فتاة في عمر الزهور، فتاة تنقصها العظات! فتاة لم تكتمل بعد، لتحمل عبء الزواج ومشاق الحمل وصعوبة مراحل التربية... وتنقلب رأسًا على عقب، فهي غالبًا لن تجد عاقلًا يرشدها أو قريبًا يحتويها وينصفها، ولن تجد قلبَ أمٍ حنون يرأف بها ويحتضنها! فهي قد تزوجت داخل مجتمعٍ رجعيّ ذكوريَ! مجتمع نادى بالحق حلمٌ! حقُ طفلةٍ بدميتها باتَ حلمًا ، حقُ فتاةٍ بكتبها ودراستها باتَ حلمًا، حقُ قاصرٍ بريعانها بات حلمًا، ويا ليت الحلمَ سهلَ المنال، فإنْ أدركتهُ تكون من محققي ثامن عجائب الدنيا، ولكن... في حلمها دميتها لها وفي واقعها ظلَت حلمًا !
هذه هي نهاية زواجٌ مبكِّر لفتاة قاصر تحت عنوان العادات وبحجة مجتمعٍ متخلف، ولكن، ما السبب ؟! السبب هو عقولٌ تفضّل رؤية إيماءات تافهة، بدلًا من سماع صوت العقل، نهاية طفلةٍ أصبحت أرملة أو مطلقة، وإن عطف عليها القدر تكون طفلةَ غارقة في وحل المسؤولية، ما بين الطفولة والأمومة... وفي النهاية ستظلُّ تردّد جملها: "بدّي أرجع لطفولتي" "يا ريت لو ظلّيت صغيرة" "عليوم لو ظليت عند أهلي"... ولكنها تبقى جملًا تحلّقُ في سماء الأمنيات !
الطفولة حقٌ للفتيات أولى أن يصان، أولى من وأده وأولى من سرقة زواج مبكرٍ لفتاة في عمر لا يُعد!
الكاتبة هي طالبة عمل اجتماعي في جامعة تل أبيب
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net