موناليزا فريحة:
منذ وصوله الى البيت الابيض، ذكر ترامب مراراً بأنه سيقيم مناطق آمنة في سوريا، وأن الخليجيين سيدفعون كلفة هذا المشروع
التغيير الأبرز في خطة ترامب فيبدو أنه سيكون على حساب بعض الفصائل المعتدلة التي كان يعتمد عليها أوباما والتي تحدّث عنها مسؤولو إدارة ترامب باستخفاف
المعلومات القليلة المتداولة عن خطة الرئيس دونالد ترامب للتعجيل في معركة القضاء على "داعش" لا تثير تفاؤلاً. فبعد الوعود الكثيرة بخطة جديدة وتهديدات بفتح أبواب الجحيم على التنظيم الاصولي، تكاد الملامح الأولى للاقتراحات التي رفعت اليه تجعلها نسخة تقريبية من خطة سلفه باراك أوباما الهادفة إلى "إضعاف داعش تمهيداً للقضاء عليه".
لم تحمل العناوين الرئيسية للخطة جديداً، ومعظمها بدا مألوفاً ومكروراً، ومنها إلحاق الهزيمة العسكرية بالمقاتلين في سوريا والعراق ومطاردة الجماعات الأخرى التي أعلنت الولاء لتنظيم أبو بكر البغدادي وتجفيف الموارد المالية التي تمكن التنظيم من مواصلة القتال وتعبئة مقاتلين جدد، إضافة إلى القضاء على الإيديولوجيا التي تحرك هذا التنظيم الارهابي.
أما خيارات إقامة مناطق آمنة التي رفضها أوباما ووعد ترامب باللجوء اليها كحل انساني لأزمة اللاجئين، فهي، استناداً الى المعلومات التي يتناقلها الاعلام، مجرد أفكار قد يكون تطبيقها أخطر مما كان في ظل ولايتي أوباما، مع تقدم القوات السورية التي تدعمها ايران وموسكو أكثر من الرقة.
منذ وصوله الى البيت الابيض، ذكر ترامب مراراً بأنه سيقيم مناطق آمنة في سوريا، وأن الخليجيين سيدفعون كلفة هذا المشروع. لكنّ المشكلة لا يتجاهلها الرئيس الجديد أو ربما يجهلها، وهي أن التمويل ليس العقبة الوحيدة في مشروع كهذا يتطلب استثماراً أميركياً أكبر في النزاع، علماً أنه هو نفسه لم يبد يوماً حماسة لهذا الأمر، كما أن ثمة قادة عسكريين يعارضون المشروع لأنه قد يضطر واشنطن الى الانخراط في عملية واسعة مما يتركها من دون استراتيجية خروج من النزاع.
ولا تزال خطة المناطق الآمنة التي يصر عليها ترامب أشبه ببناء قصور من الرمال. فإلى اصرار الرئيس الاميركي على العمل مع موسكو ضد "داعش" ومع غياب أي تفاصيل دقيقة عن مشروعه الموعود، يزيد التشاؤم بهذه الخطة غياب رغبة حقيقية لدى الرئيس في التزام جدي حيال الأزمة السورية. همه الأبرز يتركز على مقاتلة "داعش" ووقف موجات اللجوء التي يربطها بتفاقم التطرف الاسلامي وما يمثله في رأيه من خطر على الأمن الاميركي. ومن هنا، يبدو اعلانه عن انشاء مناطق آمنة أشبه بمحاولة ساذجة لاقناع السوريين بالبقاء في أرضهم.
أما التغيير الأبرز في خطة ترامب فيبدو أنه سيكون على حساب بعض الفصائل المعتدلة التي كان يعتمد عليها أوباما والتي تحدّث عنها مسؤولو إدارة ترامب باستخفاف، واصفين اياها بأنها متعاطفة مع "داعش" و"القاعدة"، وهي الأوصاف نفسها التي يستخدمها نظام الأسد للحديث عن الفصائل السورية المعارضة.
نقلا عن جريدة النهار
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net