سُمع صوت مواء قطط…
طبوش… يا طبّوش… أين أنت يا حبيبي؟
نعم يا أمي! أنا هنا. [يقول بنفسه، بدأت بطلباتها].!!
ماذا قلت يا طبّوش؟
أقول أنا هنا يا أمي، ماذا تريدين؟
تعال… تعال يا صغيري…. تعال ساعدني يا طبوش….
بماذا تريدين أن أساعدك؟ ( لنفسه): آه… لقد عادت تعمل على تسخيري!
ماذا قلت يا طبوش؟
ماذا تريدين مني؟
اذهب إلى النبع يا بني واملأ هذه الجرة ماء.
ماذا يا أمي؟
اذهب، واملأ هذه الجرة من النبع.
استلقى الولد وقال لأمه: اريد أن أتشمّس! دعيني مرتاحا.
ماذا ؟ تريد أن ترتاح؟
أقول أنا لا أحب أن أنزعج!
تنزعج؟ إنك لا تحب أن تنزعج! قالت الأم مستغربة.
صورة توضيحية
لا أعني ذلك! ولكن الجرة ثقيلة، والطريق إلى النبع بعيدة، يا أمي!
أوه! كم أتمنى أن أطلب منك شيئا دون أن تتأفف أو تتذمّر.
آه .. أنت دائما تريدين أن أقوم بأعمال لك!
أنا أريد أن تساعدني يا طبوش في هذه الخدمة!
في هذه الخدمة! كم أتمنى أن يمضي يوم واحد دون أن تطلبي مني خدمة!
يا طبوش، الحياة كلها خدمات…ألا أخدمك أنا؟ ألا أطبخ لك الطعام؟ وأهتمّ بك؟ وأسهر على راحتك؟
نعم يا أمي .
أنا أطلب منك أن تخدمني قليلا فترفض.
أنا لا أرفض، لكنني تعب.
طيّب! إذا كنت لا تريد أن تساعدني فانتظر مني ما يسرك يا طبوش. قالت الأم بلهجة فيها تهديد.
بكى طبوش وقال كم أنا تعيس!
اسمع يا طبوش! الجرة هنا قرب الباب، ستنهض وتحملها وتذهب بها إلى العين لتملأها ماء وتعود بها. معك عشر دقائق لا أكثر ولا أقل! إن عدت ووجدتك لم تنفذ طلبي سترى ما لا يسرّك! أفهمت؟
هذا كثير!
أنا ذاهبة الآن، وسأعود لأرى هل نفذت أمري أم لا. مفهوم يا طبوش؟
سمع طبوش صوت أرنب.
قال الأرنب: ما بك يا طبوش؟ لماذا تبكي؟ أخبرني…. هل أستطيع أن أساعدك؟ عهدي بالهررة الصغيرة أنها لا تبكي، بل تلعب وترقص.
استمر طبوش في بكائه وأجاب: ماذا أقول لك يا صغيري الأرنب؟ أنا أبكي لأن أمي طلبت مني أن أملأ لها الجرة ماء… ومن أين؟ من النبع ! والنبع بعيد….. بعيد …. يبكي.
وماذا في ذلك يا طبوش؟
الجرة ثقيلة، والنبع بعيد!
هل تتعب يا طبوش؟
طبعا أتعب!
عليك أن تطلب المساعدة من الآخرين إذن!
هاه ..إذن لماذا لا تساعدني أنت يا أرنب؟ تحمل الجرة من أذن وأنا من الأذن الأخرى، ونذهب معا إلى النبع، فنتسلّى، وفي الوقت نفسه تكون قد ساعدتني…
أجاب الأرنب: يا ليت! ولكني مشغول يا طبوش… بإمكاني أن أرشدك!
ترشدني؟ بماذا ترشدني؟
خذ الجرة بيدك وسر بها إلى هناك… أترى جارك الحمار هناك؟
نعم أراه!
طلب منه أن يأخذك إلى النبع ويعيدك. فالحمار مخلوق طيّب، يحب المساعدة ، ولكن عليك أن تكون لبقا في كلامك!
ضحك طبوش وقال: فكرة… فكرة حلوة.!
إذن حدّثه وأطلب منه بلطف. إنه طيّب جدا لا يرد طلبا لأحد.
هه هه! فكرت بطريقة حلوة.
علا صوت نهيق حمار
مرحبا يا صديقي الحمار … كيف حالك؟
من هذا؟ من يكلمني؟ صاح الحمار.
هذا أنا! هذا أنا جارك، الهر طبوش…
نَهق الحمار: تشرفنا…
آه ما أحلى صوتك يا حمار! إنه جميل! جميل جدا جدا!
ماذا تقول؟ (مستغربا)
أقول أن صوتك جميل جدا جدا، لم أسمع في حياتي أجمل منه!
همس الأرنب: طبوش! طبوش!
ما بك يا أرنب؟ لماذا لحقتني؟
لحقت بك لأرى ماذا ستفعل…. وأراك الآن تكذب يا طبوش!
أكذب؟
نعم، تكذب على الحمار، وتقول أن صوته جميل مع أن صوت الحمار قبيح!
أسكت أنت! هذه طريقة أجعله بها يساعدني وينقلني مع جرتي إلى النبع.
ولكن هذا كذب!
نهق الحمار من جديد وقال: ما لك يا طبوش سكت؟ ماذا تريد مني؟
آه .. آه ! لو تعلم يا حمار! أنا مريض!
الحمار: مريض؟ أنت مريض؟ لا أرى فيك شيئا يدل على المرض!
هاه … صدقني… صدقني… أنا مريض، وفي الوقت ذاته عطشان … فهل لك أن تنقلني على ظهرك إلى النبع لأملأ الجرة ماء؟
أجابه الحمار: في الحقيقة يا طبوش أنا مخلوق أحب أن أساعد الآخرين، وخاصة المرضى منهم، والصغار الذين لا يكذبون….
أنا مريض صدقني . صدقني يا صاحب أجمل صوت في العالم .!
أنا صاحب أجمل صوت في العالم؟
طبعا… طبعا… صوت ولا أروع.
حسنا! ماذا تريد؟
انحن إلى الأرض قليلا أيها الحمار لكي أتمكن من أن أعتلي ظهرك!
اقترب أنت يا طبوش من رجلي، أجابه الحمار. اقترب يا طبوش وتسلقها تصل إلى ظهري!
حسنا، سأتسلق رجلك وبيدي الجرة… مدّ رجلك..
ضحك الحمار وقال: هه! خذها مني( يرفس طبوش فيقع وتنكسر الجرة)
صرخ طبوش من الألم وصاح: رفستني يا حمار؟ لماذا فعلت بي هذا ؟ كسرت فكّي وكسرت جرتي….وأخذ يبكي متألما …
أنا أكره الكذابين يا طبوش .
ماذا قلت أنا؟
قلت أن صوتي جميل، مع أني حمار وأعرف أن صوت الحمير من أنكر الأصوات…
تسائل طبوش: ماذا سأقول لأمي الآن بعد أن انكسرت الجرة وتلقيت رفسة على فكّي آه! يا لتعاستي !…
قال الأرنب: هذا جزاؤك لأنك كذبت عليه!
أجاب طبوش: معك حق .. أنا نادم جدا.
ألن تكذب بعد الآن؟ سأل الأرنب. اعتذر للحمار.
أبدا… أبدا أنا آسف يا حماري العزيز. لن أكذب بعد الآن!
لن تكذب بعد الآن؟
أبدا.. أبدا … لن أكذب.
حسنا، يكفي بكاء! كفّ عن البكاء وكفكف دمعك. خذ جرتي واصعد على ظهري، وهيّا بنا لنحضر الماء.
صحيح ؟ ألن ترفسني؟ سأله طبوش
لن أرفسك ما دمت لا تكذب.
شكرا لك.
هيّا هيّا … ماذا تنتظر؟
لا لا! شكرا يا حمار، لن أزعجك! سأذهب بنفسي كي أثبت لأمي أني لست متكاسلا.
أضاف الحمار: وبهذا تكون قد أحسنت صنعا.
قال الأرنب: أحسنت يا طبوش!
سألت الأم: طبوش! هل ملأت الجرة؟
أجابها طبوش ( فرحا) : نعم يا أمي!
الأم: هاه .. ولكن الجرة ليست جرتنا.
طبوش: نعم يا أمي ، هذه جرة الحمار .. آه ليتك يا أمي تعرفين ما حدث لي.
الأم: نعم … نعم … أعلم كل شيء … لقد كنت أراقبك من بعيد، وشاهدت الحمار يرفسك . كم خفت أن يؤذيك؟
صدقيني يا أمي كان درساً لن أنساه، ولن أكون خاملا ولا كاذبا..
أحسنت يا طبوش !! هكذا أريدك يا بني!!