النائب د. يوسف جبارين (الجبهة – القائمة المشتركة):
اليوم امام هذا التصعيد الدموي في بلداتنا، نسأل: هل وصلنا الى حالة حرب اهلية بمجتمعنا؟
علينا أن نخرج من الشعور بالضعف واليأس، وان نؤمن أنه بإمكاننا أن نحقق تقدمنا بأنفسنا
تفعيل ضغط جماهيري ممنهج على الشرطة، حتى تقوم بدورها بجمع السلاح ومكافحة العنف والجريمة بصورة حازمة ورادعة
المبادرة الى حملة جماهيرية تثقيفية ممنهجة تعمل مع فئة الشباب تحديدًا، تهدف إلى تسييد خطاب الحوار والاحترام المتبادل والتحلي بالصبر
إقامة طاقم طوارئ متخصّص في كل بلدة، مؤلف من جهات مهنية وشخصيات لها اعتبارها الجماهيري والاجتماعي والسياسي
على مدارسنا ان تكون الصرح الأخلاقي والتربوي، والصرح النهضوي الذي نعوّل عليه التغيير وبناء الحياة الكريمة للأجيال القادمة
قبل عدة سنوات عقدنا في مقر لجنة المتابعة في الناصرة، بمبادرة مركز دراسات للحقوق والسياسات، يومًا دراسيًا حول مخاطر تفاقم العنف في مجتمعنا وسُبل مواجهته، وذلك برعاية المهندس رامز جرايسي الذي كان في حينها رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية. كان المتحدث المركزي العالم الاجتماعي البروفيسور محمد حاج يحيى، الذي قرع ناقوس الخطر محذّرًا أن ظواهر العنف في مجتمعنا قد تتدهور أكثر الى حالة "حرب أهلية"، وذلك، كما قال، في ظل مؤشرات سياسية واجتماعية واقتصادية لا تبشر بخير.
أعتقد البعض حينها أن هذا الوصف يحمل مبالغة ما، لكننا اليوم امام هذا التصعيد الدموي في بلداتنا (32 قتيلًا منذ بداية العام!) نسأل: هل وصلنا الى حالة حرب اهلية بمجتمعنا، وخاصةً مع هذا الانتقال الخطير من العنف المجتمعي الى الجريمة المنظمة في العديد من بلداتنا؟
أشرنا في المؤتمر الى عدة توصيات أساسية لمواجهة العنف، ويبدو لي أنّ كل الخطوات العملية التي طرحناها اصبحت الآن ضرورة مُلحّة، وقد أصبح واجب الساعة هو تضافر كل الجهود في مجتمعنا، السياسية والمهنية والجماهيرية، من اجل اخراج الافكار والتوصيات الى حيّز التنفيذ، في كل بلدة وبلدة وعلى المستوى القطري.
أُشير هنا الى ثمانِ توصيات مركزية قد تلخص خطوات العمل المطلوبة:
* علينا، اولًا، أن نخرج من الشعور بالضعف واليأس، وان نؤمن أنه بإمكاننا أن نحقق تقدمنا بأنفسنا.
* ثانيًا: تفعيل ضغط جماهيري ممنهج على الشرطة، حتى تقوم بدورها بجمع السلاح ومكافحة العنف والجريمة بصورة حازمة ورادعة. وبالتوازي، تنفيذ حملة جماهيرية توعوية تنادي إلى عدم اللجوء للسلاح وعدم اقتنائه.
* ثالثًا: إجراء مسح شامل للاحتياجات الملحة في كل بلدة وبلدة على المستويات التعليمية والثقافية والاجتماعية والصحية والنفسية والاقتصادية وجودة البيئة والحدائق العامة وغيرها، وبالمقابل إجراء مسح شامل للموارد البشرية المهنية، ومن ثم صياغة وتنفيذ خطة شاملة للنهوض بالتنمية الاجتماعية والتربوية والاقتصادية في البلدة.
* رابعًا: تفعيل ضغط جماهيري على المكاتب الحكومية من اجل اغناء مؤسساتنا بكوادر مهنية في مجالات الخدمات النفسية والاجتماعية والتربوية، وإغناء مدارسنا بمستشارين تربويين ونفسيين يساندون الطواقم التعليمية والتربوية في أداء مهامها.
* خامسًا: المبادرة الى حملة جماهيرية تثقيفية ممنهجة تعمل مع فئة الشباب تحديدًا، تهدف إلى تسييد خطاب الحوار والاحترام المتبادل والتحلي بالصبر، واللجوء للجهات المهنية الرسمية والجماهيرية لحل أي نزاع، والى نبذ عقلية الثأر واستبدالها بعقلية التَّروي، ونبذ عقلية الهيمنة واستبدالها بعقلية الدعم المتبادل، ونبذ ظروف الشرذمة واستبدالها بالعمل لخلق مجتمع متضامن ومتكافل.
* سادسًا: تنفيذ حملة جماهيرية توعوية ممنهجة، عبر ورشات عمل ومحاضرات ومناشير تثقيفية، تصبو إلى نبذ التعصّب العائلي والطائفي والحزبي والحاراتي ونبذ التحريض والضغينة، وتعزيز الانتماء الوطني والقومي وصقل الهوية القومية والانسانية الجامعة والاعتزاز بها.
* سابعًا: إقامة طاقم طوارئ متخصّص في كل بلدة، مؤلف من جهات مهنية وشخصيات لها اعتبارها الجماهيري والاجتماعي والسياسي، لتبادر الى احتواء مشاكل العنف ومنع تفاقمها، والقيام الفوري بإجراءات تهدئة الخواطر، والصلح إذا أمكن، إلى جانب إفساح المجال أمام القانون ليأخذ مجراه، إذا اقتضى الأمر.
* ثامنًا: على مدارسنا ان تكون الصرح الأخلاقي والتربوي، والصرح النهضوي الذي نعوّل عليه التغيير وبناء الحياة الكريمة للأجيال القادمة. من هنا اهمية وضع خطة مهنية تربوية وتعليميّة شاملة لمكافحة العنف من خلال جهاز التربية والتعليم، وتشمل وضع المواد التربوية الملائمة، واغناء المربين والهيئات التدريسية بمهارات ناجعة ضد العنف المجتمعي.
الأخوة والأخوات، نحن جميعًا الآن أمام امتحان التطبيق. فلنشمّر عن سواعدنا، كلّ في موقعه ومساهمته، حتى نحمي مجتمعنا وشعبنا، ونصون هويتنا.
وأخيرًا، لا بدّ من أن نستذكر كلمات المناضل مارتن لوثر كينغ، حيث قال: "المصيبة ليست في ظلم الأشرار، بل في صمت الأخيار".
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net