لماذا قتلوا الزعيم القذافي واطاحوا بنظامه؟/ عبد الباري عطوان

كل العرب
نُشر: 01/01 07:52,  حُتلن: 07:59

عبد الباري عطوان:

لم يدخل نتنياهو إسرائيل ومقر منظمة الاتحاد الافريقي (اديس ابابا) الا بعد وفاة هواري بومدين، واغتيال القذافي، فبعد اختفاء الرجلين تحولت افريقيا الى قارة إسرائيلية

“ثوار الناتو” وحلفاؤهم من العرب والغربيين دمروا ليبيا ودورها العربي الافريقي في التصدي للاستعمار الغربي، وها هم حكام ليبيا الجدد يتصالحون مع إسرائيل ويطبعون معها، تحت ذريعة التواصل مع يهود ليبيا

نفتخر بأننا كنا في هذه الصحيفة وغيرها، من بين القلة من الناس الذين ميزوا بين ثورات عربية شرعية انطلقت لاهداف شريفة، ابرزها تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والاطاحة بأنظمة الفساد الديكتاتورية، وأخرى ثورات “مفبركة” جرى اعدادها في غرف المخابرات الغربية الاستعمارية لاغراق المنطقة العربية في الفوضى الدموية، وتفكيك دول المراكز، وانهاك جيوشها الوطنية، وبما يخدم بقاء وازدهار دولة الاحتلال الإسرائيلي.

علامات “الفبركة” و”التصنيع″ في غرف الغرب السوداء كانت واضحة منذ بدايات انطلاق “الثورة” الليبية، ومع مرور الأيام تأكدت هذه الحقيقة، التي اخفتها حملات إعلامية عربية وغربية مكثفة ومدروسة، وجاء تدخل حلف “الناتو” عسكريا للإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي، وبمباركة جامعة عمرو موسى، ودعم دول عربية كانت النواة الاصلب لمنظومة “أصدقاء ليبيا”، ليؤكد شكوكنا، ويدفعنا للوقوف ضد هذه الثورات “المزورة” والتدخل العسكري الاستعماري، مع تسليمنا ان بعض أبناء الشعب الليبي الذين نزلوا الى الشوارع للمطالبة بالديمقراطية، كانوا صادقي النوايا، ووقعوا دون ادراك ووعي في مصيدة هذه المخطط، واذرعة التضليل الإعلامي.

ما يدفعنا الى ذكر هذه المقدمة الطويلة، وهو ما كشفت عنه رسائل هيلاري كلينتون، وزير الخارجية الامريكية السابقة، الالكترونية من اسرار حول هذا الملف الليبي، ونشرته مجلة “الفورين بوليسي” الامريكية يوم امس، تحت عنوان “لماذا سعى حلف الناتو للإطاحة بالزعيم الليبي”.
الرسائل اجابت على هذا السؤال بالقول ان الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي قاد الحرب على ليبيا وجند دول عربية وشخصيات ليبية، وجامعة الدول العربية، ومحطات تلفزة عربية وغربية عملاقة، لتحقيق أهدافا نوجزها فيما يلي:
الأول: الاستيلاء على النفط الليبي وتوظيف عوائد في خدمة المصالح الفرنسية والبريطانية.
الثاني: منع توسع نفوذ الزعيم الليبي معمر القذافي في افريقيا.
الثالث: تأمين بقاء النفوذ الفرنسي في منطقة شمال افريقيا، وبما يؤدي لحماية وتكريس مصالح فرنسا.
الرابع: تأكيد القوة العسكرية الفرنسية في القارة الافريقية ودول الاتحاد المغاربي العربي، والتمهيد للتدخل في مالي ومنطقة الساحل.
الخامس: تعزيز شعبية الرئيس ساركوزي في داخل فرنسا وفوزه لولاية رئاسية ثانية.
جميع هذه النقاط الخمس مهمة في تقديرنا، ولكن ما هو اهم منها مجتمعة، هو الاحتياطات الهائلة من الذهب والفضة التي راكمها الزعيم الليبي (143 طنا من الذهب 150 طنا من الفضة)، وبهدف اصدار عملة افريقية تعتمد على هذا الذهب وتفك ارتباطها بالعملة الأوروبية، والفرنك الفرنسي خصيصا.
صحيفة “بوليتيتشيسكويه أوبوزرينييه” الفرنسية قالت انه بمجرد اكتشاف المخابرات الفرنسية لمخطط الزعيم القذافي ونواياه هذه، قررت التعبئة السياسية والعسكرية لشن حرب اسقاطه، وايجاد الذرائع لها، ولم يكن هناك افضل من ذريعة “الربيع العربي”.
الرئيس الإيطالي سيلفيو برلسكوني اعترف رسميا وفي حديث لوكالة “اينا” الإيطالية الرسمية انه كان يعرف انها ثورة مفبركة من قبل الرئيس الفرنسي ساركوزي وبدعم من نظيره البريطاني ديفيد كاميرون، كما ان الرئيس الامريكي السابق باراك أوباما ايد ما ذكره رئيس الوزراء الفرنسي، وقال ان التدخل العسكري في ليبيا كان أسوأ قرار اتخذه في فترتي رئاسته، ويندم شديد الندم عليه.

أدوات فرنسا وبريطانيا العرب الذين نفذوا مخططاتها في ليبيا اختفوا كليا من المسرح السياسي، ونهبوا مئات المليارات من الأرصدة الليبية ومن العملات الأجنبية واحتياطات الذهب التي تركها الزعيم القذافي، والدول العربية المتواطئة مع هذا المخطط حولت ليبيا الى دولة فاشلة تعبث فيها الميليشيات المسلحة فسادا ودموية.

نصف الشعب الليبي (ثلاثة ملايين) البسيط الكريم المتواضع العربي والمسلم، دفع ثمن هذه المؤامرة غاليا من دمائه وثروات بلاده واستقرارها، وما زال، ونصفه بات مشردا مجوعا في دول الجوار، أي مصر وتونس، ومن بقي مكرها في ليبيا لا يجد لقمة العيش الكريمة، والأمان والاستقرار، ناهيك عن الخدمات الطبية والتعليمية والبلدية الاساسية.
لم نكن في اي يوم من الأيام من أصدقاء الزعيم الليبي، ولم تدخل صحيفتنا ليبيا في أي يوم من الأيام، رغم الوعود المغرية، ولم نزر ليبيا في العشرين سنة التي سبقت اندلاع “ثورتها” الا مرة واحدة عام 1999، رغم الدعوات الكثيرة التي جرى توجيهها لنا، ومحبتنا التي نعتز بها للاشقاء الليبيين.

“ثوار الناتو” وحلفاؤهم من العرب والغربيين دمروا ليبيا ودورها العربي الافريقي في التصدي للاستعمار الغربي، وها هم حكام ليبيا الجدد يتصالحون مع إسرائيل ويطبعون معها، تحت ذريعة التواصل مع يهود ليبيا.
بعد اغتيال الزعيم الليبي معمر القذافي، واسقاط نظامه، ها هو بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء دولة الاحتلال يصول ويجول في قارة افريقيا، ويُفرش (بضم الياء) له السجاد الأحمر في عواصمها، وها هي اثيوبيا تقيم سد النهضة، وتتآمر مع حكومات افريقية لتقليص حصة مصر من مياه نهر النيل وتعطيش الملايين من اشقائنا المصريين.
***

لم يدخل نتنياهو إسرائيل ومقر منظمة الاتحاد الافريقي (اديس ابابا) الا بعد وفاة هواري بومدين، واغتيال القذافي، فبعد اختفاء الرجلين تحولت افريقيا الى قارة إسرائيلية.
القوات الفرنسية هي التي اعتقلت الزعيم الليبي وسلمته لعملائها لكي يعتدوا عليه جنسيا بطريقة بشعة يندى لها الجبين، وتشكل وصمة عار في تاريخ العرب والمسلمين، ومن المؤلم ان هناك من يتباهى بهذه الفعلة ويدافع عنها.
هل فهمتم الآن حقيقة المؤامرة التي تعرضت لها امتنا وما زالت؟ والادوار التي نفذها “الكومبارس″ العرب فيها، وما زالوا؟
لم نندم مطلقا على استخدامنا تعبير “ثوار الناتو” رغم ما لحقنا من اذى وحملات تشويه، ولن نندم مطلقا أيضا عندما كتبنا مقالا افتتاحيا يوم التدخل العسكري لحلف الناتو في ليبيا كان عنوانه “بروفة ليبية والهدف سوريا”.
نرجوكم إعادة قراءة هذا المقال مرة أخرى.

نفتخر بأننا كنا في هذه الصحيفة وغيرها، من بين القلة من الناس الذين ميزوا بين ثورات عربية شرعية انطلقت لاهداف شريفة، ابرزها تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والاطاحة بأنظمة الفساد الديكتاتورية، وأخرى ثورات “مفبركة” جرى اعدادها في غرف المخابرات الغربية الاستعمارية لاغراق المنطقة العربية في الفوضى الدموية، وتفكيك دول المراكز، وانهاك جيوشها الوطنية، وبما يخدم بقاء وازدهار دولة الاحتلال الإسرائيلي. علامات “الفبركة” و”التصنيع″ في غرف الغرب السوداء كانت واضحة منذ بدايات انطلاق “الثورة” الليبية، ومع مرور الأيام تأكدت هذه الحقيقة، التي اخفتها حملات إعلامية عربية وغربية مكثفة ومدروسة، وجاء تدخل حلف “الناتو” عسكريا للإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي، وبمباركة جامعة عمرو موسى، ودعم دول عربية كانت النواة الاصلب لمنظومة “أصدقاء ليبيا”، ليؤكد شكوكنا، ويدفعنا للوقوف ضد هذه الثورات “المزورة” والتدخل العسكري الاستعماري، مع تسليمنا ان بعض أبناء الشعب الليبي الذين نزلوا الى الشوارع للمطالبة بالديمقراطية، كانوا صادقي النوايا، ووقعوا دون ادراك ووعي في مصيدة هذه المخطط، واذرعة التضليل الإعلامي. *** ما يدفعنا الى ذكر هذه المقدمة الطويلة، وهو ما كشفت عنه رسائل هيلاري كلينتون، وزير الخارجية الامريكية السابقة، الالكترونية من اسرار حول هذا الملف الليبي، ونشرته مجلة “الفورين بوليسي” الامريكية يوم امس، تحت عنوان “لماذا سعى حلف الناتو للإطاحة بالزعيم الليبي”. الرسائل اجابت على هذا السؤال بالقول ان الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي قاد الحرب على ليبيا وجند دول عربية وشخصيات ليبية، وجامعة الدول العربية، ومحطات تلفزة عربية وغربية عملاقة، لتحقيق أهدافا نوجزها فيما يلي: الأول: الاستيلاء على النفط الليبي وتوظيف عوائد في خدمة المصالح الفرنسية والبريطانية. الثاني: منع توسع نفوذ الزعيم الليبي معمر القذافي في افريقيا. الثالث: تأمين بقاء النفوذ الفرنسي في منطقة شمال افريقيا، وبما يؤدي لحماية وتكريس مصالح فرنسا. الرابع: تأكيد القوة العسكرية الفرنسية في القارة الافريقية ودول الاتحاد المغاربي العربي، والتمهيد للتدخل في مالي ومنطقة الساحل. الخامس: تعزيز شعبية الرئيس ساركوزي في داخل فرنسا وفوزه لولاية رئاسية ثانية. جميع هذه النقاط الخمس مهمة في تقديرنا، ولكن ما هو اهم منها مجتمعة، هو الاحتياطات الهائلة من الذهب والفضة التي راكمها الزعيم الليبي (143 طنا من الذهب 150 طنا من الفضة)، وبهدف اصدار عملة افريقية تعتمد على هذا الذهب وتفك ارتباطها بالعملة الأوروبية، والفرنك الفرنسي خصيصا. صحيفة “بوليتيتشيسكويه أوبوزرينييه” الفرنسية قالت انه بمجرد اكتشاف المخابرات الفرنسية لمخطط الزعيم القذافي ونواياه هذه، قررت التعبئة السياسية والعسكرية لشن حرب اسقاطه، وايجاد الذرائع لها، ولم يكن هناك افضل من ذريعة “الربيع العربي”.

الرئيس الإيطالي سيلفيو برلسكوني اعترف رسميا وفي حديث لوكالة “اينا” الإيطالية الرسمية انه كان يعرف انها ثورة مفبركة من قبل الرئيس الفرنسي ساركوزي وبدعم من نظيره البريطاني ديفيد كاميرون، كما ان الرئيس الامريكي السابق باراك أوباما ايد ما ذكره رئيس الوزراء الفرنسي، وقال ان التدخل العسكري في ليبيا كان أسوأ قرار اتخذه في فترتي رئاسته، ويندم شديد الندم عليه. أدوات فرنسا وبريطانيا العرب الذين نفذوا مخططاتها في ليبيا اختفوا كليا من المسرح السياسي، ونهبوا مئات المليارات من الأرصدة الليبية ومن العملات الأجنبية واحتياطات الذهب التي تركها الزعيم القذافي، والدول العربية المتواطئة مع هذا المخطط حولت ليبيا الى دولة فاشلة تعبث فيها الميليشيات المسلحة فسادا ودموية. نصف الشعب الليبي (ثلاثة ملايين) البسيط الكريم المتواضع العربي والمسلم، دفع ثمن هذه المؤامرة غاليا من دمائه وثروات بلاده واستقرارها، وما زال، ونصفه بات مشردا مجوعا في دول الجوار، أي مصر وتونس، ومن بقي مكرها في ليبيا لا يجد لقمة العيش الكريمة، والأمان والاستقرار، ناهيك عن الخدمات الطبية والتعليمية والبلدية الاساسية.

لم نكن في اي يوم من الأيام من أصدقاء الزعيم الليبي، ولم تدخل صحيفتنا ليبيا في أي يوم من الأيام، رغم الوعود المغرية، ولم نزر ليبيا في العشرين سنة التي سبقت اندلاع “ثورتها” الا مرة واحدة عام 1999، رغم الدعوات الكثيرة التي جرى توجيهها لنا، ومحبتنا التي نعتز بها للاشقاء الليبيين. “ثوار الناتو” وحلفاؤهم من العرب والغربيين دمروا ليبيا ودورها العربي الافريقي في التصدي للاستعمار الغربي، وها هم حكام ليبيا الجدد يتصالحون مع إسرائيل ويطبعون معها، تحت ذريعة التواصل مع يهود ليبيا. بعد اغتيال الزعيم الليبي معمر القذافي، واسقاط نظامه، ها هو بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء دولة الاحتلال يصول ويجول في قارة افريقيا، ويُفرش (بضم الياء) له السجاد الأحمر في عواصمها، وها هي اثيوبيا تقيم سد النهضة، وتتآمر مع حكومات افريقية لتقليص حصة مصر من مياه نهر النيل وتعطيش الملايين من اشقائنا المصريين. *** لم يدخل نتنياهو إسرائيل ومقر منظمة الاتحاد الافريقي (اديس ابابا) الا بعد وفاة هواري بومدين، واغتيال القذافي، فبعد اختفاء الرجلين تحولت افريقيا الى قارة إسرائيلية. القوات الفرنسية هي التي اعتقلت الزعيم الليبي وسلمته لعملائها لكي يعتدوا عليه جنسيا بطريقة بشعة يندى لها الجبين، وتشكل وصمة عار في تاريخ العرب والمسلمين، ومن المؤلم ان هناك من يتباهى بهذه الفعلة ويدافع عنها. هل فهمتم الآن حقيقة المؤامرة التي تعرضت لها امتنا وما زالت؟ والادوار التي نفذها “الكومبارس″ العرب فيها، وما زالوا؟ لم نندم مطلقا على استخدامنا تعبير “ثوار الناتو” رغم ما لحقنا من اذى وحملات تشويه، ولن نندم مطلقا أيضا عندما كتبنا مقالا افتتاحيا يوم التدخل العسكري لحلف الناتو في ليبيا كان عنوانه “بروفة ليبية والهدف سوريا”. نرجوكم إعادة قراءة هذا المقال مرة أخرى.

نقلا عن الرأي اليوم

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

 

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة