د.هاني العقاد في مقاله:
بات مؤكدا أنّ العملية السياسية اصبحت في عداد الأموات وأنّ قرارات ترامب ما هي الا اعلان الوفاة وما جاء بعد ذلك كان بمثابة طقوس الدفن والتأبين
سلوك اسرائيل الاحتلالي من ممارسات استيطانية وما صاحبها من مصادرة الاراضي ومخططات تهويد القدس كان بهدف التحلل من اوسلو من طرف واحد وبالتالي اخلاء مسؤوليتها عن استكمال ما جاء بالاتفاقية
اليوم نحن على ابواب اجتماع هام للمجلس المركزي الفلسطيني البرلمان المصغر والذي يعهد اليه اتخاذ كافة القرارات القانونية والحاسمة في الشأن السياسي والاجرائي
انتهت اتفاقية اوسلو منذ العام 1999 اي بانتهاء المرحلة الانتقالية، وانتهت اوسلو بعد نشوب الانتفاضة الثانية وتدمير اسرائيل كل ممتلكات السلطة الفلسطينية الشرطية والرسمية، وانتهت اوسلو بعد حصار الرئيس ياسر عرفات لأكثر من لثلاث سنوات ومن ثم اغتياله، وانتهت اوسلو بعد استمرار وتصاعد الاستيطان الاسرائيلي في اراضي الدولة الفلسطينية في الضفة والقدس في سلوك احتلالي تدميري لفرض حلول من طرف واحد يدمر افاق حل الدولتين، وانتهت اوسلو بعد ثلاث حروب على غزة وقتل اسرائيل لعشرات الالاف من الفلسطينيين وتجريب عشرات الانواع من الاسلحة الفتاكة.
اليوم بعد اعلان السيد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل وتصويت اللجنة المركزية لحزب الليكود الحاكم على ضم الضفة الغربية واعتبارها جزءًا من اراضي اسرائيل وإصدار المستشار القضائي للحكومة نتنياهو تعليمات للوزارات بالتعامل مع هذا الاجراء قانونيا، وبعد ان تصوت الكنيست الاسرائيلي على مشروع يقضي بعدم التنازل عن اي جزء من القدس للفلسطينيين ضمن اي حلول نهائية الا بتصويت ثلثي اعضاء الكنيست وبعد مشروع القدس الكبرى، بات مؤكدا أنّ العملية السياسية اصبحت في عداد الأموات وأنّ قرارات ترامب ما هي الا اعلان الوفاة وما جاء بعد ذلك كان بمثابة طقوس الدفن والتأبين.
سلوك اسرائيل الاحتلالي من ممارسات استيطانية وما صاحبها من مصادرة الاراضي ومخططات تهويد القدس كان بهدف التحلل من اوسلو من طرف واحد وبالتالي اخلاء مسؤوليتها عن استكمال ما جاء بالاتفاقية، هنا بات مهما لكي نفهم ان اوسلوا عمليا لم تعد قائمة وانتهت وبالتالي بات على الفلسطينيين التفكير عمليا في بديل لان البقاء في هذا المربع على انتظار ان تعود اسرائيل للاتفاقية وتستكمل باقي مراحلها لتفاوض على القضايا الكبرى وتنهي الصراع وتسمح بتطبيق حل الدولتين على كامل حدود العام 1967اصبح مجرد سراب لان اسرائيل تجسد البديل لكل عملية السلام وهو فرض الحلول من طرف واحد و بغطاء امريكي واسع. لعل هذا كله يفرض على القيادة الفلسطينية العودة للبدائل المتاحة والطبيعية لحالة فرض الوقائع وبما يتيحه القانون الدولي فلا التزام باتفاقيات من طرف واحد وخاصة ان القيادة الفلسطينية في الدورة السابعة والعشرين للمجلس المركزي في الاول من أذار 2015 اكده البيان الختامي في البند الخامس بوجوب تحديد العلاقة مع دولة الاحتلال وبالتالي وقف التنسيق الامني بكافة أشكاله في ضوء عدم التزام اسرائيل بالاتفاقيات الموقعة بين الطرفين ، كما ورفض المجلس فكرة الدولة اليهودية والدولة الفلسطينية ذات الحدود المؤقتة ورفض اي تواجد استيطاني اسرائيل في اراضي الدولة المستقبلية على حدود العام 1967 وهي التي تتحدث عنها خطة ترامب للسلام.
اليوم نحن على ابواب اجتماع هام للمجلس المركزي الفلسطيني البرلمان المصغر والذي يعهد اليه اتخاذ كافة القرارات القانونية والحاسمة في الشأن السياسي والاجرائي وهذا يضع امام المجلس المركزي ضرورة حسم العلاقة نهائيا مع الاحتلال الاسرائيلي واتخاذ قرار حاسم في اتفاقية اوسلو بأشكالها السياسية الامنية والاقتصادية وحسم القرار المصيري بالإبقاء على واشنطن كراعية للعملية السياسية وبالتالي التفاوض في ظل القرار الامريكي الخطير باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل وما تبعها من قرارات اسرائيلية باطلة كالتصويت على اعتبار الضفة الغربية جزء من اراضي دولة اسرائيل وقرار القدس الموحدة الاخير. لعل المجلس المركزي اليوم امام مفصل هام وحاسم فأما ان يقود الشعب الفلسطيني باتجاه حسم مسيرة حالة الضياع والابتزاز الاسرائيلي والامريكي و وقف حالة الاستنزاف السياسي او ان يسير في ذات الاتجاه وهذا صعب ومستحيل ،لذا فان المجلس مطالب الان بالتحلل من اتفاقية اسلو وتعليق الاعتراف بإسرائيل كشريك في عملية السلام الى حين قبولها بكل الاتفاقيات السابقة والعمل على تحقيق السلام العادل على اساس حل الدولتين و قرارات الشرعية الدولية ذات الشأن.
لم يعد امام الفلسطينيين الا حسم الامر والاعلان من قبل المجلس المركزي رفض التعاطي مع اي طروحات امريكية وتحريم التعامل مع ادارة ترامب كراعية للسلام ورفض كل ما جاء من قرارات امريكية انفرادية فيما بتعلق بالقدس ومستقبلها السياسي وبالتالي رفض الانحياز الامريكي الكامل لإسرائيل و رفض التعامل مع دولة الاحتلال الا عبر وسيط دولي ويجب تسمية الامم المتحدة كوسيط بين الدولة الفلسطينية واسرائيل كبديل لواشنطن في رعاية عملية السلام ،ولعل انهاء عمل السلطة زمنيا بات مهما واصبح متطلب ومطلب وطني مهم يوفر فرصة لتقرير بدائل قانونية وشرعية لاتفاقية اوسلوا واولها اعادة العهدة الى منظمة التحرير الفلسطينية بإدارة الشأن السياسي والإداري والاقتصادي للأراضي الدولة الفلسطينية عبر حكومة دولة التي يجب اعلانها تحت الاحتلال، وتكليف اللجنة التنفيذية بمتابعة عمل حكومة الدولة الفلسطينية وبالتالي يجب ان يصدر قرار فوري بتشكيلها هذه الحكومة كحكومة للدولة الفلسطينية لتعمل حسب القانون الدولي كدولة تحت الاحتلال الى حين التحرر واعلان الاستقلال التام ، كما ويجب اقرار كل اشكال الاشتباك مع المحتل على الارض ومن خلال الجماهير لتستمر الانتفاضة الشعبية وتتصاعد بكافة اشكالها وتحول الحالة الاحتلالية الى حالة يدفع فيها الاحتلال الثمن حتى لو ادت الى اقدام الاحتلال الاسرائيلي على اعادة احتلال الضفة الغربية بالكامل لتحمل نتائج مخططات حكومة نتنياهو لتصفية القضية الفلسطينية.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net