محمد بركة:
فضيلة الشيخ رائد صلاح يحاكم على ثوابته، من قبل نظام ظالم يستهدف وجودنا وأرضنا
كمال خطيب:
الاجساد تفنى والأموال تفنى، ولكن هناك شيء لا يفنى أبدا، وهو المواقف والثبات عليها، فهي لا تنسى وتبقى أبد الدهر
لطفي:
نحن أمام مفكر كتابته عميقة يمكن الاشتباك معها بعمق مماثل
سامي جمال محاجنة:
الكتاب محاولة جادة من الشيخ رائد صلاح، لرسم معالم مجتمع عربي اسلامي فلسطيني، عبر خلق قواسم مشتركة وترك مساحة واسعة للإختلاف
نظّمت الهيئة الشعبية لنصرة عشاق الأقصى، مساء يوم أمس الجمعة، أمسية لإشهار كتاب "معركة الثوابت" لصاحبه الشيخ رائد صلاح، الذي تغيبه السجون الإسرائيلية بمزاعم التحريض على الإرهاب، ويضم الكتاب سلسة مقالات بعنوان "معركة الثوابت" بدأ الشيخ رائد بكتابتها في صحيفة "المدينة" الصادرة بمدينة أم الفحم، بعد تحرره من السجون الإسرائيلية مطلع العام القادم، حيث اعتقل 9 أشهر على خلفية ملف “خطبة وادي الجوز".
خلال امسية اشهار الكتاب
واستضافت قاعة "الأنيس" في مدينة أم الفحم، أمسية اشهار الكتاب، وسط حضور حاشد من الأهالي من مختلف البلدات الفلسطينية في الداخل الفلسطيني، وبرز من بين الحضور: السيد محمد بركة، رئيس لجنة المتابعة العليا، الشيخ كمال خطيب، رئيس لجنة الحريات في الداخل الفلسطيني، الشيخ صياح الطوري، شيخ العراقيب، الشيخ أسامة العقبي مسؤول لجنة افشاء السلام في منطقة النقب.
استهلت الأمسية بتلاوة من القرآن الكريم، تلاها الدكتور الشيخ أحمد أبو عجوة من مدينة يافا، وتولى فقرة العرافة مسؤول الهيئة الشعبية لنصرة عشاق الأقصى، الإعلامي حامد اغبارية، مرحّبا بالحضور جميعا وخص بالتحية عائلة واخوة واخوات الشيخ رائد صلاح وأفراد عائلته.
وبين يدي الكتاب، قال اغبارية: "تطرق الشيخ رائد في الكتاب إلى تفصيلات حول ثوابت شعبنا وعالمنا العربي وأمتنا الإسلامية، وتقرأ بين دفتيه تأصيلا فريدا لكل ثابت من ثوابتنا التي تحدد هويتنا وترسم خارطة النهوض والتحرر للأجيال القادمة".
بركة يتحدث عن الشيخ رائد صاحب الأقوال والأفعال
وكانت المداخلة الأولى في الأمسية، لرئيس لجنة المتابعة العليا، محمد بركة، وتوجه بالتحية للحضور وعائلة الشيخ رائد صلاح، وقال إن: "فضيلة الشيخ رائد صلاح يحاكم على ثوابته، من قبل نظام ظالم يستهدف وجودنا وأرضنا، نفتقد حضوره بيننا في جلسات لجنة المتابعة، وقد كان خير مشارك يفعل ما يقول ويقول ما يفعل، وكان مستعدا دائما لدفع ثمن ما يقوله".
وأكد بركة على التضامن مع التيار الإسلامي المستهدف من قبل المؤسسة الإسرائيلية عبر التضييق والملاحقة، منددا بتوقيف الشيخ كمال خطيب الأربعاء الماضي للتحقيق وقال: "أصر أفراد الشرطة على اقتياد الشيخ كمال بسيارتهم ورفضوا أن يأتي بسيارته ونسبوا إليه التخابر مع عميل أجنبي، فكيف تنسب له هذه التهمة ويسرح بعد ساعتين، إذا نحن هنا امام استهداف واضح وظالم ضد أبناء شعبنا عموما والتيار الإسلامي بشكل خاص".
وأشار إلى أن مسلسل ملاحقة القيادات الإسلامية وأبناء الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا لم يتوقف منذ الحظر، وأضاف: "نؤكد هنا وقوفنا إلى جانب الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا، وقد كانت المتابعة بيتا يتشارك فيه كل أبناء شعبنا بمن فيهم الحركة الاسلامية المحظورة إسرائيليا، نحن لا نخرج الحركة من قوانينا ولا من اطرنا ولا من أخلاقنا، وهذا يجب ان يكون واضحا للقاصي والداني".
وتتطرق بركة إلى فعاليات اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني بنسخته الثالثة، والتي تنطلق الثلاثاء القادم عبر مهرجانات في الداخل الفلسطيني والضفة وقطاع غزة والخارج، منوّها إلى أهمية المشاركة في فعاليات هذا اليوم الذي يتوحد خلاله احرار العالم في تضامنهم مع الشعب الفلسطيني.
ثم تحدث المحاضر الجامعي، الدكتور سامي جمال محاجنة، وقال إنه رغم عدم اختصاصه العلمي في النقد، لكنه التزم بتلبية الدعوة لطرح مداخلته "وفاء للشيخ رائد صلاح القائد العلم والجار وابن البلد" كما قال.
وقال محاجنة إن الكتاب عبارة عن "معركة فكرية وشعورية على الثوابت، قرأت الكتاب ضحكت أحيانا واستمتعت وحزنت احيانا أخرى، تمنيت أن يكون الشيخ رائد بيننا، كي نوافقه ثم نختلف معه".
ورأى الدكتور سامي أن الشيخ رائد صلاح بمسيرته العملية الطويلة في خدمة شعبه، لا يحتاج لكتابة كتاب، كي يؤكد على التزامه بالثوابت لأن مارس هذا الإلتزام عبر مسيرته العملية خدمة الجماهير على مدار 40 سنة.
وشدّد على ان في الكتاب "فخر وعنفوان واعتزاز واضح من الشيخ رائد بإسلاميته وعروبته وفلسطينيته، وكم نحن بحاجة إلى هذا النهج في التفكير في ظل سيطرة ثقافة الهزيمة، كما تطرق إليها الشيخ نفسه عبر صفحات الكتاب".
ولفت محاجنة إلى أن الكتاب "محاولة جادة من الشيخ رائد صلاح، لرسم معالم مجتمع عربي اسلامي فلسطيني، عبر خلق قواسم مشتركة وترك مساحة واسعة للإختلاف".
وقال في مداخلته إن الكتاب يستعرض إلى جانب الرؤية التنظيرية النظرة التطبيقية من خلال الصبر والتفكير بموضوع العصيان المدني مشيرا إلى أن "الشيخ سعى إلى توسيع دائرة الانتماء لتتجاوز الفرد والعائلة إلى دوائر الفكرة الاسلامي والانتماء العروبي والفلسطيني، وهذا مهم في ظل أن سقف انتماءاتنا هو سقف الانتماء العائلي، وكم هو مؤلم أن بعض القوى والاحزاب عمدت إلى توظيف الانتماء العائلي من أجل حساباتها".
وفي مداخلته، أكد الباحث الاستاذ صالح لطفي، أن الكتاب “يشكل فكرا عميقا يمكن الاشتباك معه، وقد كشفت مقالات الكتاب التي كتبها الشيخ في صحيفة "المدينة" أننا إزاء الشيخ رائد المفكر".
وأضاف: "الطروحات التي اوردها الشيخ في كتابه، يمكن أن تغير في معاشنا بالسياق الفلسطيني والعروبي والإسلامي، وقد وفق الشيخ في اختيار مصطلح "العروبي" للتأكيد على وقوفه في المنتصف بين دعاة القومية من الاشتراكيين والليبراليين، فهو من منطلقاته التوحيدية الاسلامية، أراد التأكيد كذلك على المنطلق العروبي القومي الذي وجد في الحالة الإسلامية الأولى في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين والحكم الأموي والحكم العباسي".
وأشار صالح لطفي إلى أن "الشيخ رائد حدّد في الكتاب المنهجية التي يمكن من خلالها حمل الثوابت والدفاع عنها، وهي منهجية تستند إلى الأساس التوحيدي والقدري والأساس الوطني في السياق العروبي".
خطيب: سنحمل السلّم في العرض ولن نتنازل عن ثوابتنا أو نسير وفق موضة اليوم وزمن "لكع ابن لكع"
وكانت الكلمة الختامية في الأمسية، للشيخ كمال خطيب، حيا الحضور وعائلة الشيخ رائد صلاح، وخص الشيخ صياح الطوري بتحيته قائلا: "نحيي والدنا وأخانا الكبير والذي أصبح رمزا لكل مجتمعنا في الداخل، الشيخ صياح الطوري، هذا البطل الصامد على أرضه، قبل أيام في أوج المطر هدموا العراقيب للمرة الـ 124، لكن الشيخ صياح وأهله يزدادون ثباتا مع كل هدم".
ثم تطرق خطيب إلى العبر في سورة "البروج" والتي تترجم معاني الالتزام بالثوابت، وتحدث عن قصة المرأة التي جاؤوا بها مع طفلها لإلقائها في الأخدود، في حال لم تتراجع عن إيمانها بالمسيح عليه السلام، لكنها بين التردد والحيرة، خوفا على طفلها، تدخلت قدرة الله تعالى التي انطقت طفلها فقال لها "اصبري يا أمي فأنت على الحق" وحينها اختارت أن تلقى في النار وفازت هي ومن أبوا من قومها التراجع عن الإيمان بالمسيح عليه السلام فوزا كبيرا، وانتصرت عقيدتهم على العقيدة الفاسدة للمدعو "ذو النواس" وكان يدين باليهودية.
وتابع الشيخ كمال: "الاجساد تفنى والأموال تفنى، ولكن هناك شيء لا يفنى أبدا، وهو المواقف والثبات عليها، فهي لا تنسى وتبقى أبد الدهر". وأضاف: "حينما يكون الخطاب اليوم هو الدعوة الى التمسك بالثوابت والتي يحاكم عليها الشيخ رائد، فهذا يعني أنك تسبح ضد التيار، لأن الموضة اليوم، ليست في أن تبقى على مواقفك وثوابت وتحمل السلم في العرض، ولكننا سنحمل السلم في العرض، ولن ندير خدنا الأيسر لمن يصفعنا على خدنا الأيمن، لن نرفع الراية البيضاء، نعلم أن هذا الخطاب صعب في ظل وضع عالمي يسبح فيه الكل بحمد اسرائيل، ويفرطون بالقدس من أجل أن ترضى أمريكا وإسرائيل ولكن هذا لن ينالونه أبدا بإذن الله".
ثم استدى الشيخ كمال ذكرى الثورة المصرية التي كانت بالأمس، وقال: "نتذكر منذ تلك الثورة المباركة وجود 60 ألف معتقل في مقدمتهم الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي، نتذكر آلاف الشهداء والجرحى، قبل أيام تم تسريب مقال للدكتور الأسير محمد البلتاجي، ودعا فيه أيضا إلى التمسك بالثوابت في مواجهة الطاغوت الحاكم، تخيلوا لو وافق مرسي ومن معه على ما أراده السيسي!!، لكان الان خارج السجن، كذلك أرادت المؤسسة الإسرائيلية مساومة الشيخ رائد صلاح على ثوابته، ولو وافق معهم وتنازل عن الثوابت فيما يخص القدس وحقنا الأبدي في الأقصى، لكان خارج السجن، فهو حين يتحدث عن التزامنا وإصرارنا على الثوابت، يريد لنا أن نعيش نحن هذه الثوابت، لا أن نرضى بالأمر الواقع، صحيح ان هذا قد يتطلب أن ندفع الثمن من حريتنا او صحتنا او مالنا او كرامتنا، ولكن إن لم نقدّم نحن الثمن من أجل الحفاظ على ثوابتنا فمن سيقدم!!".
وأشار خطيب إلى أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام التي تتحدث عن حال الناس آخر الزمان وكيف يتكلم في الناس "الرويبضة" والخون وأمثال من وصفهم الحديث الشريف بـ لكع ابن لكع" بمعنى اللئيم ابن اللئيم والسافل ابن السافل والهامل ابن الهامل" وقال: "أمثال لكع ابن لكع هم من يتصدرون المشهد اليوم، انظروا هل هناك اهمل وأسفل من أمثال السيسي وابن سلمان وابن زايد وغيرهم!!، يريدون أن تصبح عاصمة فلسطين "أبو ديس” وكأنهم يوقّعون على مكة المكرمة، ولكن أمثال هؤلاء بلا كرامة ولا يهمهم شيئا".
كما استدعى الشيخ كمال، قصة الإمام أحمد ابن حنبل، ايام "فتنة خلق القرآن" وكيف حاولوا مساومته، لكن لصا مشهورا في بغداد حينها وكان جاره في السجن قال له "يا إمام انا جلدت وتحملت في الحرام أفلا تتحمل في الحلال وانت على الحق". ونوّه خطيب في ختام كلمته إلى ضرورة التمسك بالثوابت التي دعا إليها الشيخ رائد في كتابه لأنها هي الأصل الذي يمكن لأمتنا أن تنهض وتتحرر من خلالها حتى لو قدّمت التضحيات والأثمان البالغة في سبيل ذلك. هذا وقد وزّع كتاب "معركة الثوابت" على الحضور في نهاية الأمسية.