تفيد منظمة الصحة العالمية أن الزئبق المُنبعث من أجهزة الأملغم يمثل 53% من مجموع انبعاثات الزئبق في بيئتنا
«بدّك حشوة كومبوزيت أو بورسلين؟». لا تستغرب إن سألك طبيب الأسنان هذا السؤال عن «حشوة أسنانك». فالسؤال دونه «كلفة»، لذلك عليك أن تختار ما يناسب قدرتك على الدفع ببساطة. فقد عرف طبّ الأسنان أنواعاً عدة من الحشوات، كتلك التي تحتوي على الذّهب أو تلك التي تدخل فيها المواد البلاستيكيّة أو الزّجاحية أو البورسلين، حتى كان آخرها الحشوة التّجميليّة أو البيضاء والمعروفة باسم الكومبوزيت ريزين) composite resin).
ولكن، أكثر ما يثير الجدل فيها كانت الحشوة الفضيّىة ذات اللّون الأسود، المعروفة باسم الأملغم (amalgam)، برغم كلفتها المرتفعة نسبياً. أما السبب؟ فيتعلّق بالزئبق، أحد مكوّنات هذه الحشوة، والذي تتراوح نسبته ما بين 30 إلى 70%. لكن، ما الذي يجعله بكل هذه الخطورة؟
تتحدّث تّقارير طبيّة عدة عن مخاطر الحشوة الفضيّة، والتي يستخدمها أطبّاء الأسنان لملء فراغ في السنّ أو الضّرس ناجم عن تسوّس أو تجويف أو شقوق، باعتبارها تحتوي على نسبة كبيرة من المادّة السامّة، الزّئبق. وبحسب دراسة أجراها باحثون من جامعة جورجيا، فإن تحليل الدّم للأفراد الذين يملكون ثماني حشوات فضّية أو أكثر أظهر وجود مادّة الزّئبق بنسبة أكثر بـ 2.4 مرّة من أولئك الذين لا يملكون حشوات. كما وجدت دراسات أخرى أن «كمية انبعاثات الزئبق الموجودة في الأملغام تتراوح بين 1 لـ3 ميكروغرام في اليوم، على أقل تقدير، وتصل إلى حدود 27 ميكروغراماً، أي ما يعادل استنشاق 3% إلى 68% من الهواء الخاضع للمعايير النوعيّة المسموح بها في مكان العمل»، والتي توصي بها إدارة السلامة والصحة المهنية (أوشا، وكالة البيئة الاتحادية)، في حين حدّدت منظّمة الصّحة العالميّة أن الكميّة المسموح بها هي 1.6 ميكروغرام لكل كيلوغرام من وزن الفرد. وقد ذكرت المنظمة أن التّعرض لبخار الزئبق يمكن أن يزداد إلى خمسة أضعاف هذه النّسب بسبب عادات الأكل اليوميّة مثل طحن الأكل ومضغ العلكة وتناول المشروبات الغازية التي تتفاعل مع الحشوة.
وأكثر من ذلك، تفيد منظمة الصحة العالمية أن الزئبق المُنبعث من أجهزة الأملغم يمثل 53% من مجموع انبعاثات الزئبق في بيئتنا. وفي هذا الإطار، توصي وكالة حماية البيئة أطباء الأسنان باستخدام فواصل الأملغم للقبض على مخلفات الأملغم الزائدة واستيعابها، لتقليل نسبة الزئبق المُلقاة في شبكة المجاري! وشدّد هؤلاء على أن مخلّفات الأملغم تُصنّف ضمن خانة النّفايات الطّبية التي تُعالج بشكل خاص ودقيق.
أما الخطر الأكبر من انبعاثات الزّئبق فيكمُن وقت تحضير الحشوة. من هنا، «يجب اتخاذ كامل الاحتياطات لحظة إفراغ الكبسولة التي تحتوي على مادة الزّئبق وخلطها مع المواد الأخرى»، على ما يقول أحد أطباء الأسنان.