د. هاني العقاد في مقاله:
الفترة الحالية حافلة بكثير من المعطيات التي تشير بان بوتن اراد لروسيا موقفا معتدلا من كل الصراعات بالإقليم واولها الصراع الاول بين العرب واسرائيل
لعل بوتن ركز حديثه مع نتنياهو حول بعض الطروحات التي قد توقف حالة الانهيار في مستويات عملية السلام بمجملها
الفرصة امام روسيا متاحة والطريق مهيأة خاصة ان بوتن اوجد لروسيا اكثر من دور في الاقليم فما عليه الان الا ان يعمل مع كل الاطراف كالرباعية الدولية
فلاديمير بوتن رجل روسيا القوي في زمن احداي القطب تميز بانتهاء الزعامات واختفاء الكاريزمات التي يحب التاريخ ان يتحدث عنها ويسجلها في صفحاته بشيء من الخصوصية، بوتن اليوم هو الرجل الوحيد بالعالم المركزي الذي يتمتع بتلك المواصفات وهو الرجل الوحيد الذي يعمل من اجل بقاء روسيا قويه تستطيع الحفاظ على حالة التفوق العسكري والسياسي بالعالم، مؤخراً كانت روسيا وجهة الفلسطينيين من خلال الزيارة الهامة التي قام بها الرئيس ابو مازن الكرملين واجتماعه الهام مع الرئيس فلاديمير بوتن الذي يلغي احادية القطب و الفعل المركزي بالمنطقة بعد التدخل ومنع اندلاع حرب جديدة بين سوريا واسرائيل و نسال هنا هل بوتن قادر على لعب دور حيوي في ابقاء المنطقة خارج دائرة النار التي تحاول كل من اسرائيل والولايات المتحدة رسمها من خلال العربدة والحقد وما يقولون عنه حالة الردع الى تتشدق بها اسرائيل بين الفينة والأخرى، نقول نعم لان هذا الرجل يقود موسكو نحو سياسات اكثر اعتدالا ونزاهة من التدخل الايجابي في الشرق الاوسط لصالح صناعة السلام والحفاظ على حقوق الجميع، بالذات فان روسيا اليوم تعتبر من اهم اللاعبين في الاقليم الذي يحسب له حساب في الفعل والقول وما جاء هذا من فراغ ولم يأتي عبر الوقوف امام الكاميرات والمنصات الخطابية واحتضان الشقراوات وارسال رسائل التهديد والجنون في كل اتجاه.
الفترة الحالية حافلة بكثير من المعطيات التي تشير بان بوتن اراد لروسيا موقفا معتدلا من كل الصراعات بالإقليم واولها الصراع الاول بين العرب واسرائيل، وهذا ما تمثل في التدخل الروسي ومن بوتن شخصيا لوفق اندلاع حرب شاملة على سوريا عبر الاتصال الهاتفي الهام لا الذي اجراه مع نتنياهو حيث حذر الاخير قيام اسرائيل بقضف اهداف جديدة في سوريا خاصة في جود القوات الروسية هناك ، لعل هذا يعتبر بمثابة اثبات وجود في المنطقة بل ومتربعة على كافة تفاصل المشهد في سوريا وتراقب عن كثب كافة تعقيدات المشهد ليس فقط بل تقدم الدعم العسكري على الارض لتبقي حاضرة المشهد . روسيا كانت محطة نشاط سياسي كبير خلال الفترة الاخيرة تمثلت في لقاءات هامة جدا بزيارة لرئيس وزراء الكيان نتنياهو الذي ذهب الى هناك لغرض في نفس يعقوب واراد من بوتن شيئا يبقي اسرائيل دولة معربدة في الاقليم ويبقيها مهددة للسلم والامن والاستقرار، ولا اعتقد ان بوتن استمع باهتمام للرجل و وعده بالكثير، فلا يمكن لنتنياهو ان يوظف علاقاته الضعيفة مع بوتن لصالح عربدة اسرائيل ، الحديث كان واضحا بان اسرائيل لابد ان تفهم ان ما يجري في سوريا من تحالفات لن يسمح لإسرائيل بمزيد من العربدة او الاعتراض على أي وجود استراتيجي هناك.
لعل بوتن ركز حديثه مع نتنياهو حول بعض الطروحات التي قد توقف حالة الانهيار في مستويات عملية السلام بمجملها ، على عكس ترامب المنحاز كليا لصالح الاحتلال الاسرائيلي ومشاريعه الاستعمارية فهو يعي ان أي تدخل غير عادل في الصراع يمكن ان يدمر علمية السلام بالكامل ويعي ان اسرائيل لابد وان تعترف بحل الدولتين وتعمل على تطبيقه ويدرك ان السلام لا يمكن ان يتحقق الا بإنهاء الاحتلال، زيارة الرئيس ابو مازن الاخيرة ايضا لروسيا جاءت ليستكشف ابو مازن اذا ما كانت روسيا قادرة مناطحة امريكا وانهاء حالة التفرد الامريكي والقيام بأحداث اختراق فعلي في تكوين وقيادة حشد دولي يمكن ان يتوصل لمؤتمر دولي للسلام تتمخض عنه اليات حقيقية لأنهاء الاحتلال الاسرائيلي وتطبيق حل الدولتين، واذا ما كانت روسا قادرة على العمل خارج الهيمنة الامريكية على عملية السلام والتقدم بمبادرات ذات طابع دولي. الحقيقة ان ابومازن يدرك جديا ان ترامب يخشي الدور الروسي في علمية السلام و ويحسب له حساب خاصة بعد الحضور بعمق في مسالة الشرق، لذا سارع ترامب الى تناسي حالة التوتر مع روسيا واتصل بالرئيس بوتن اثناء زيارة الرئيس ابو مازن اولا لكي يحاول ان يقنع بوتن بأهمية اقناع الفلسطينيين قبول التفاوض وثانيا ليعرف ما مدي الدور الذي يمكن ان تلعبه روسيا في علمية السلام من الان فصاعدا بعد تغير الموقف الفلسطيني تجاه واشنطن .
الفرصة امام روسيا متاحة والطريق مهيأة خاصة ان بوتن اوجد لروسيا اكثر من دور في الاقليم فما عليه الان الا ان يعمل مع كل الاطراف كالرباعية الدولية باعتبار روسيا عضو فيها وكل من مجلس الامن والاتحاد الاوروبي وافريقيا لتقوم روسيا ببلورة مبادرة دولية تقود لمؤتمر دولي يخرج باليات محددة لإنهاء الصراع الاسرائيلي ويسمح بحق تقرير المصير للفلسطينيين واقامة دولتهم على كامل حدو العام 1967 بما فيها القدس عاصمتهم الحقيقية والتي لا تنازل عنها مهما تعقد الصراع وطال، اعتقد ان بوتن الان يمكن ان يفعل هذا ويلعب الدور الحاسم في اتجاه التواجد الروسي في عمق الصراع بدلا من البقاء في الكرسي الخلفي هو والأوروبيين وبالتالي يستطيع ان يحشر ترامب في زاوية ارادها ترامب ويفرض الشروط الروسية على أي صفقة قادمة ومنها الاقرار بان القدس عاصمة للدولتين،ومن ينجح بوتن انهاء حالة التفرد الامريكي بزيادة حضوره السياسي في المنطقة وينقذ عملية السلام التي باتت مهددة بفعل قرارا ترامب بشان القدس واختزال وظيفته في التجهيز لصفقة القرن التي يقول عنها تيلرسون وزير الخارجية انها تتقدم كثيرا وبات ترامب على وشك الاعلان عنها قريبا.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net