كان الملك جالسا يستريح في البهو الكبير، بعد أن رأس اجتماعا هاما في القصر فاستدعی بناته إليه ليداعبهن لحظات ، وكانت الكبرى أولى من حضر إليه. فسألها : كم تحبين أباك يا أميرة قالت : أحبك يا أبي كما أحب الذهب، فانبسطت نفس الملك من هذا الجواب، و أمر باستدعاء الوسطى ، ثم سألها: كم تحبين أباك با أميرة قالت : أحبك يا أبي كما أحب الماس! فازداد الملك سرورا، واستدعى إليه الأميرة الصغيرة، فسألها مثل اختيها: كم تحبين أباك؟ … قالت : أحبك يا أبي كما أحب الملح .
صورة توضيحية
فقطب جنين الملك وبدا عليه الغضب.. وأمر أن تبعد الأميرة الصغيرة عن القصر فورا… وخرجت الأميرة من القصر لا ندري أين تقصد، ولا أي طريق تسلك، فلم تزل تمشي حتى تجاوزت حدود المملكة إلى بلاد لا سلطان لأبيها عليها، ولم تكن تحسن عملا غير الطهي .. فعملت طاهية في قصر ملك تلك البلاد دون أن يعرف هذا الملك أو أحد من اتباعه انها اميرة وأن اباها ملك.
وذات يوم زار ابوها تلك البلاد فاحتفل به ملكها احتفالاً عظيماً وصنع له مأدبة فخمة في القصر وامر أن تشرف الطاهية الجديدة علي إعداد الطعام لهذه المادية، وعلمت الأميرة الطريدة أن أباها هو المدعو لهذه المادية فصنعت أحب الأطعمة إليه و أشهاهاإلى نفسه، وأجادت ما صنعته، ولكنها لم تضع الملح في أي صنف من أصناف الطعام.
وجلس الملكان إلى المائدة الفخمة الشهية وبدأ يأكلان، فأدهشهما معا أن كل أصناف الطعام كان ينقصها الملح، ولكنهما سكتا ولم يتحدثا عن ذلك الأمر.. تأدبا ومجاملة واستمرا يأكلان بلا شهية… واستمر الملك الضيف يأكل وهو في حيرة من أمره، ثم أمك رغيف مقببا كان قريبا منه، وكسره، فإذا بداخله خاتم، فلم يكد يراه، حتى صاح إنني أعرف صاحبة هذا الخاتم: ادعوها إلي لأراها فورا ؟ في تلك اللحظة، دخلت ابنته في ثياب طاهية فلم يكد نظره يقع عليها حتى قام من مجلسه وقدم إليها ذراعيه وه ويقول : حقاً يا ابنتي ان حاجتنا الي الملح اكثر من حاجتنا الي الذهب والماس، وقد تعلمت منك درساً عظيماً لن أنساه .