أحمد حازم في مقاله:
بالرغم من مرور 13 عاماً مى تولي محمود عباس رئاسة السلطة الفلسطينية، إلا أن مراقبين سياسيين يعتقدون بأن عباس لم ينجز أي شيء للشعب الفلسطيني
محمود عباس هو رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وزعيم "فتح"، وهو بذلك يمسك بزمام كل الأمور فلسطينياً، ولذلك فهو يريد "وريثاً" سياسياً يضمن مواصلة نهجه السياسي
السؤال المطروح الآن حول من سيخلف الرئيس الفلسطيني هو في الحقيقة سؤال يشغل بال الفلسطينيين.. حتى أن البعض يتساءل وبحق عما إذا كانت هناك مواصفات إقليمية ودولية معينة للرئيس الفلسطيني القادم؟
يرى محللون سياسيون أن النهاية السياسية للرئيس الفلسطيني محمود عباس قد اقتربت، في ظل أحاديث كثيرة تدور وراء الكواليس حول الوريث القادم لعباس في الرئاسة الفلسطينية، ولا سيما بعد دخوله المستشفى، ونصيحة الأطباء له بالتقليل من ساعات عمله لكي لا تزداد حالته الصحية سوءاً. وفي ظل هذا الوضع تشهد الساحة الفلسطينية منذ فترة مداولات على الصعيدين الشعبي والسياسي (خصوصاً في إطار حركة فتح) حول الشخصية التي من الممكن أن تكون خليفة عباس.
وبالرغم من مرور 13 عاماً مى تولي محمود عباس رئاسة السلطة الفلسطينية، إلا أن مراقبين سياسيين يعتقدون بأن عباس لم ينجز أي شيء للشعب الفلسطيني سياسياً، بقدر ما أنجزه من إرضاءات لإسرائيل مثل تمسكه بالمفاوضات العبثية التي لم ينجم عنها أي إيجابية للشعب الفلسطيني، وتمسكه بالتنسيق الأمني الذي ساعد الجهات الأمنية الإسرائيلية في اعتقال العديد من الفلسطينيين في الضفة الغربية، الأمر الذي أثار ولا يزال يثير غضب الشارع الفلسطيني. لكن محمود عباس كان يضع جل اهتمامه في كسب ود المجتمع الدولي حتى لو تطلب ذلك تنازلات على حساب الشعب الفلسطيني. ولذلك لا بد من الإشارة إلى أن "هذا الرجل "كان يرمز في الماضي الى القدرة على استيعاب المعطيات الدولية والإقليمية، بما جعله يلعب" دورا محوريا في الوصول الى اتفاق أوسلو ".
يقول الكاتب اللبناني خير الله خير الله: " لولا أبو مازن وفريق العمل الفلسطيني الذي تفاوض سرّا مع الإسرائيليين في اوسلو، لما كان الاتفاق الذي أعاد ياسر عرفات الى ارض فلسطين.، والاهمّ من ذلك كلّه انّه لولا اتفاق أوسلو لما دخل أبو عمّار البيت الأبيض في العام 2000، أي في السنة الأخيرة من ولاية بيل كلينتون، ولما كان اكثر زعماء العالم تردّدا على مقرّ الرئيس الاميركي". لكن كل تلك النشاطات لم تجلب سوى الويلات للشعب الفلسطيني.، لأن اليمين الإسرائيلي أعلن منذ البداية معارضته لاتفاق أوسلو ولكل تسوية تؤدي الى قيام دولة فلسطينية مستقلّة.
محمود عباس هو رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وزعيم "فتح"، وهو بذلك يمسك بزمام كل الأمور فلسطينياً، ولذلك فهو يريد "وريثاً" سياسياً يضمن مواصلة نهجه السياسي، بما في ذلك الحفاظ على مصالح أولاده والمقربين منه. لكن "ابو مازن" يصطدم بعقبات كثيرة، منها الدور الإقليمي والدولي في اختيار الخليفة القادم، والأهم من ذلك موافقة إسرائيل لأنها ستتعامل مباشرة مع الرئيس المقبل.
صحيح أن هناك عدة أسماء مطروحة لخلافة الرئيس الفلسطيني، مثل صائب عريقات وناصر القدوة وحسين الشيخ وجبريل الرجوب ومحمد إشتية، لكن "ابو مازن" يميل إلى اسم واحد فقط وهو نائبه في رئاسة حركة فتح محمود العالول، الذي يتصدر قائمة "الورثة" بعد أن اختارته اللجنة المركزية لحركة " فتح" نائبا لرئيس الحركة محمود عباس. وهذا الإختيار يعني من الناحية العملية تولي العالول منصب رئيس السلطة الفلسطينية في حال وفاة عباس أو عدم قدرته على أداء منصبه وحتى موعد إجراء انتخابات جديدة.
ويبدو أن عباس (حسبها) من جميع النواحي ليختار الشخص الملائم لخلافته حسب رأيه، فطيلة فترة رئاسته للسلطة الفلسطينية لم يفكر عباس أبداً في تسمية شخص نائبا له، لكن الوقت قد حان لذلك بسبب التطور الصحي لعباس وأيضاً لسبب سياسي في غاية الأهمية. فحسب القانون الفلسطيني فإن رئيس المجلس التشريعي هو الذي يتولى رئاسة السلطة الفلسطينية في حال حدوث أي شيء للرئيس. وبما أن رئيس المجلس التشريعي (عزيز دويك) ينتمي لحركة حماس، فإن عباس باختياره نائباً له يقطع الطريق أمام دويك لتولي منصب الرئاسة.
وفي السنوات الأخيرة برزت أسماء قيادية (فتحاوية) لتولي منصب الرئيس، كان السجين مروان البرغوثي أهمها لأنه يتمتع بشعبية قوية في الشارع الفلسطيني، حتى أن محللين سياسيين يرون أن بقاء البرغوثي في السجن يفيد بعض المعنيين بالرئاسة الفلسطينية المقبلة كونه بعيداً عن المنافسة. ويعتقد بعض آخر أن ماجد فرج، رئيس جهاز المخابرات العامة المقرب من عباس مقبول أمريكيا وإسرائيليا، خصوصاً وأن تاريخه معروف في ملاحقة المطلوبين لإسرائيل. لكن العمل الأمني شيء والعمل السياسي شيء آخر، ولذلك فإن عباس نفسه لا يرى فيه شخصية تستطيع قيادة دولة. حتى أنه غير مرضي عنه عربياً. وفي خضم هذه التكهنات يرى بعض المحللين أن القيادي الفتحاوي محمد دحلان هو الشخص الأكثر حظاً لتولي منصب الرئيس المقبل للسلطة الفلسطينية، لأنه يحظى بدعم الأردن ومصر والسعودية والإمارات ومقبول إسرائيلياً وأميركيا.
على أي حال فإن السؤال المطروح الآن حول من سيخلف الرئيس الفلسطيني هو في الحقيقة سؤال يشغل بال الفلسطينيين، ويجعلهم في قلق دائم. حتى أن البعض يتساءل وبحق عما إذا كانت هناك مواصفات إقليمية ودولية معينة للرئيس الفلسطيني القادم؟ - على اعتبار أن إرادة الشعب في صناديق الإقتراع لا تكفي وحدها.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net