الدكتور ابراهيم خطيب في مقاله:
التساؤل المركزي الى أين الوجهة وما المطلوب وهل نحن على قدر مواجهة الواقع الصعب الذي نعيشه؟ هذه الاسئلة الجماعية بحاجة لأجوبة جمعية
بتنا بحاجة الى مؤتمر انقاذ وطني تتضافر فيه جهود الجميع للخروج من الواقع المركّب الذي نمر فيه وأظن أن مؤتمر الانقاذ الوطني، والذي يجب أن يشارك فيه الجميع بترفع عن الشخصانية وبتجاوز للأنانية
المتابع للأحداث السياسية في الداخل الفلسطيني يلمس توحش مؤسسي اسرائيلي في النهج اتجاه الفلسطينيين في الداخل، يتجلى ذلك بالقوانين العنصرية واخرها قانون القومية، هدم البيوت، تضعضع الحصانة الاجتماعية وقضايا أخرى، مع ما يرافق ذلك من ضرب القضية الفلسطينية في الصميم من خلال ما تسمى صفقة القرن. كل ذلك يصاحبه بالمقابل ارتفاع في نسبة المتعلمين، جنوح للرفاه الاجتماعي ومن جهة اخرى تصاعد الفردانية والمصالح الشخصية.
والتساؤل المركزي الى أين الوجهة وما المطلوب وهل نحن على قدر مواجهة الواقع الصعب الذي نعيشه؟ هذه الاسئلة الجماعية بحاجة لأجوبة جمعية.. وعليه أعتقد أننا بتنا بحاجة الى مؤتمر انقاذ وطني تتضافر فيه جهود الجميع للخروج من الواقع المركّب الذي نمر فيه وأظن أن مؤتمر الانقاذ الوطني، والذي يجب أن يشارك فيه الجميع بترفع عن الشخصانية وبتجاوز للأنانية، يجب أن يكون مؤتمراً جامعاً لكل حريص على مستقبلنا في الداخل ويكون رافعة لتغيير الواقع وتحشيد الجماهير للقضايا الحارقة التي نعاني منها ويكون مثمراً وتطبيقه واقعاً وفق برنامج عمل عملي ومُتابَع، ويكون في محورين كالتالي:
1. المحور السياسي: لا يخفى على أحد مدى التغول السياسي الاسرائيلي وحدة عنصريته وسوئه اتجاه الفلسطينيين في الداخل من هدم البيوت، مروراً بالملاحقات السياسية، التضييق على الحيز العام، التمييز وغيرها ليكون المسمار الاخير هو ما يسمى قانون القومية وإن كانت تبعات قانون القومية تضر اسرائيل استراتيجياً؛ فداخلياً يأكل المجتمع اليهودي ذاته بصراعٍ داخلي، ودولياً بمظهر وجوهر اسرائيل العنصري العرقي، ومع أن القانون يقونن استمرار اضطهادنا وسياسة الفصل العنصري، ولكن حقيقة فهذا السياسة مُطبقة منذ النكبة سياسة ونهجاً على الارض ولم يتغير سوى التشريع مع أهميته (والذي بالمناسبة يضع البنية التحتية لصفقة القرن والاعتراف بيهودية الدولة عربياً).
ومع حالة التردي السياسي والهجمة التي تنتهجها المؤسسة الاسرائيلية، أعتقد أنه قد ان الاوان لقيادة الجماهير في الداخل لأن تُقر برنامج نضالي وتصوّر سياسي قابل للتطبيق والقياس يضع نصب عينيه ما تصبو اليه الجماهير الفلسطينية في الداخل وما يجب أن نوجه له الجماهير بدون انقطاع عن البرنامج الوطني الفلسطيني وامتداداته العربية والاسلامية مع الاخذ بالاعتبار خصوصية حالتنا. المتابع لوضع المتابعة والمشتركة والمركبات الحزبية للداخل الفلسطيني، يلمس ضعف في الاداء السياسي (كتعبير مخفف عن حالة سيئة من التردي السياسي الحزبي)، يمكن لمس هذا الضعف، بالاداء الواهن وغير المجدِ لجل السياسيين العرب. فإذا ما نظرنا لأداء أعضاء الكنيست لا يمكن القول أنهم حققوا انجازاً سياسياً يحسب للجماهير العربية من خلال الكنيست ليس لأنهم لا يريدون بل لأنهم لا يستطيعون، وإن كان يُحسب لهم بعض الانجازات الإعلامية والتي بتقديري ما زالت قاصرة عن تغيير الواقع.
دور القيادة يتجاوز الخطابات والحضور الاعلامي والمسيرات، بل دورهم في تحقيق برنامج سياسي استراتيجي او على الاقل متوسط المدى، واضح المعالم على الارض من خلال عمل نضالي متراكم يسعون من خلاله لتحقيق مكاسب للفلسطينيين في الداخل، ويبدو أن هذا مفقود لحد كبير وخصوصاً في السنوات الاخيرة. وبالتالي هي همسة للقيادات السياسية بتنحية الصراعات الحزبية جانباً والخلافات السياسية وضبط حب اظهار الذات وكسب عواطف الجمهور بالخطابات الرنانة إلى عمل ميداني على الارض من خلال استراتيجية واضحة وليست أعمال تطفئة حرائق واعمال تكتيكية هنا وهناك. كما أن دور الجميع في المؤتمر الوطني هو صياغة المتفق عليه سياسياً، بما لا يتنافى مع الايمان الحزبي والحركي لكل حزب وحركة، ويكون هناك سعي لتذويت هذا البرنامج في صفوف الجماهير العربية وتحشيد الجماهير حوله ومشاركتها في بنائه وتطبيقه.
2. المحور الاجتماعي: يمر مجتمعنا في الداخل الفلسطيني بعدة مشاكل اجتماعية قسم منها لأسباب سياسية، وقسم اخر لأسباب مجتمعية داخلية ويمكن ذكر العنف، حوادث الطرق، المخدرات والحصانة المجتمعية الضعيفة كظواهر نعاني منها وإن كان بنسب مختلفة، ولكي نرقى ونحقق تطلعاتنا السياسية يجب أن يكون المبنى الاجتماعي حصيناً ومتيناً، وعليه من الواجب العمل لتحصين مجتمعنا اجتماعياً وخصوصاً مع الايمان أن دور المؤسسة الاسرائيلية يمكن أن نسمّيه عدم الاكتراث في أقل تعبير. وبالتالي يجب أن يسعى مؤتمر الانقاذ لإقرار خطة وطنية فلسطينية للقضايا الاجتماعية التي يعاني منها داخلنا الفلسطيني وفي مقدمتها العنف.
اخيراً، فإن تقدم المجموعات أياً كانت ماهيتها مبني على التنظيم الجماعي والفعل الجماعي، وهنا يجب الاستفادة من دروس الشعوب الاخرى. وتحقيق غايتنا يتطلب جهود وتضحيات كبيرة، شجاعة ومسؤولة وهذا يحتاج لتناغم قيادي ومجتمعي يتضح فيه للطرفان المسؤوليات والواجبات وواجب الساعة هو النهوض من سباتنا ليكون مؤتمراً وطنياً وليس فقط شكلياً بل نوعياً يشكّل نقلة نوعية في عملنا السياسي في الداخل وتطلعاتنا كمجموعة مضطهدة ويرافقه برنامج عمل تراكمي .. وإلّا فلننتظر المزيد!
• الكاتب باحث ودكتور في العلوم السياسية
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net