الدكتور ابراهيم خطيب في مقاله:
هذا الاتفاق يجعل من الدروز "مواطنين" درجة ب + مع بعض الامتيازات في مقابل الاخرين درجة ب فقط
القانون جاء صراحة ليقول أننا، أي اليهود، أصحاب الحق وفقط نحن، وأنا الدولة العبرية ليست إلّا دولة قومية صرفة كأمثال الدول القومية في أوائل القرن العشرين، بعيدة عن القيم الانسانية الجامعة
عتقد أننا في الداخل يجب أن نغيّر من خطابنا السياسي من الحديث عن المساواة والحقوق للحديث عن أصل الصراع وتطلعاتنا فيه
ليكون مستوى خطابنا وتطلعاتنا مختلفاً بعدما أقرت اسرائيل أنها لن ولم تكون دولة مواطنة طبيعية او دولة ديموقراطية
لا تزال تفاعلات قانون القومية على الارض قائمة، وكانت المحاولات الاخيرة من قبل بعض الدروز، والذين وصل معهم نتنياهو لاتفاق سيء أراه تأصيلاً لما يريده قانون القومية من تفضيل اليهود على الاخرين في هذه البلاد. الاتفاق الجديد مع بعض ممثلي الدروز، يعطي الدروز امتيازات على أساس "خدمتهم" لليهود و/ او دولة اليهود وليس لاعتبار المواطنة او حتى ليس مواطنتهم في دولة اليهود. هذا الاتفاق يجعل من الدروز "مواطنين" درجة ب + مع بعض الامتيازات في مقابل الاخرين درجة ب فقط.. وما زال يؤصل لإستحالة الحديث عن دولة مواطنة وحقوق..
وبالمناسبة لن يصل لهذه الدولة، أي دولة المواطنة والحقوق، يمين او يسار لأنه يفرّغ الدولة من مضمونها ونقاشهم حول الرتوش وليس المضمون، وعلينا أن نعي كعرب في هذه البلاد أن هذه الدولة قامت على صراع وما زالت تحارب من خلاله.. أمّا بعضنا فما زال يصارع في نطاق ملعب القوي وأجندته المتمثلة بالمطالب والحقوق والتي يمكن أن تتنازل في بعضها هذه الدولة ما دامت لا تمس أصل ما قامت عليه.
قانون القومية والذي يشير إلى أن ما سماها أرض اسرائيل "هي الموطن التاريخي للشعب اليهودي والتي قامت بها دولة إسرائيل وهي الدولة القومية للشعب اليهودي والتي يحقق فيها حقه الطبيعي، الثقافي، الديني والتاريخي لتقرير المصير ويكون حق تقرير المصير فقط للشعب اليهودي"، وبالتالي كل فعل سياسي وقانون سيكون على أساس قومنة ما هو قائم، فما سُن هو قانون أساس تنبثق منها القوانين.
القانون جاء صراحة ليقول أننا، أي اليهود، أصحاب الحق وفقط نحن، وأنا الدولة العبرية ليست إلّا دولة قومية صرفة كأمثال الدول القومية في أوائل القرن العشرين، بعيدة عن القيم الانسانية الجامعة. مع أنني أعتقد أن جر اسرائيل الى مربع نقاش المواطنة هو عمل قاصر لكون اسرائيل قامت على أساس احتلالي إحلالي يضع شعباً مكان اخر وتفرض عليه سلطتها ورؤيتها وترى ذاك الشعب عدواً لها وبالتالي تتخوف منه دائماً كتخوف السارق من الذي قام بسرقته.
اسرائيل كيان غير طبيعي، الدول القومية الاخرى جاءت في سياقات "طبيعية" تعالت فيها النزعة القومية الاثنية عند شعبها في دولتها الطبيعة مع وجود الاخرين، لكن اسرائيل ليست تطور طبيعي لنظام قومي تغوّل في قوميته، بل دولة احتلت شعباً بناءً على النزعة القومية وتأكيداً لها وبالتالي أي تراجع في ذلك سيفرغ الدولة من مضمونها. صراع اسرائيل في مربع تقرير المصير والحق في البلاد وليس في سياق الحقوق داخل البلاد، وما دامت الاخيرة يمكن أن تضر في تقرير المصير والحق في كل البلاد واستيطانها فسيتم تقليص ونزع أي حقوق داخل البلاد. وبالتالي يجب أن لا نُجر للنقاش الهامشي حول هامش الحقوق التي يمكن أن تتفضل بها علينا الدولة اليهودية والتي لن تكون إلّا حقوق هامشية منزوعة الماهية والتأثير فلا مواطنة ولا كاملة ولنكن واقعيين صراع اسرائيل حول الاصل وليس توابعه.
حاولت اسرائيل ولعقود تعطيل الهوية الفلسطينية، العربية والاسلامية للفلسطينيين في الداخل ومحاولة أسرلتهم وفق نظام العصا والجزرة وخلصت أنه لن يكون ذلك بل ازداد وعي الفلسطينيون في الداخل وبنفس الوقت كانت الظروف الدولية مريحة لهم لقطع جزيلة كل خطيب ولتقول بصريح القانون بعدما قالته بصريح الفعل أن هذه دولة اليهود وجاءت لخدمتهم وتثبيت تطلعاتهم وكل فعل او قانون يجب أن يكون في هذا الاتجاه. اسرائيل ولعقود عملت على ادارة الصراع مع الفلسطينيين بدون إعطائهم أي حق، وها هي اليوم تستغل الظرف الاقليمي والدولي ودعم الولايات المتحدة وتصاعد اليمين الفاشي الشعبوي في العالم لتقول أن هذه الارض لنا وفقط لنا وأي حديث عن الديموقراطية هو هامشي ومضمون لليهود لا لغيرهم لأنهم هم وفقط هم أصحاب البلاد.
وبالتالي أعتقد أننا في الداخل يجب أن نغيّر من خطابنا السياسي من الحديث عن المساواة والحقوق للحديث عن أصل الصراع وتطلعاتنا فيه، هذا لا يعني تنصلنا من واقعنا أو دخولنا في حالة من العدمية مع المؤسسة القائمة، بل ليكون مستوى خطابنا وتطلعاتنا مختلفاً بعدما أقرت اسرائيل أنها لن ولم تكون دولة مواطنة طبيعية او دولة ديموقراطية. هذه مرحلة فاصلة في تاريخنا وعلينا التعلم من تجارب الشعوب الاخرى وأول ذلك تنظيم ذاتنا وصياغة رؤيتنا.
* الدكتور ابراهيم خطيب - دكتور وباحث في العلوم السياسية.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net