سونا زعبي عثمان في مقالها:
كيف يرى المسلم العلماني نفسه، بالسنوات القادمة؟
ما هي ثقافة المسلم المتدين؟ وما هي حدوده؟ وما هي ثقافة المسلم العلماني؟ وما هي حدوده؟
يعتقد الشعب أن الديموقراطية تبدأ عند أبواب الحكومات، وانا أقول ان الديموقراطية تبدأ وتنمو بالشارع، في المدرسة، على طاولة الطعام، فِي المؤسسات
تحتاج الديموقراطية لتدريب يومي، أسمح لك من خلال التدريب ان تكون حرا كما تريد، وتسمح لي أن أكون حراً تماما كم خلقتني أمي!
إنه في الستين
رأى الكثير في حياته
يعمل سائق لحافلة نقل حكومية،
إختلفت القوانين كثيراً في الشركة عبر السنوات الاخيرة ، كان مكانه أفضل بكثير ماديا ومعنويا عندما كانت هنالك نقابة عاملين فعالة في الشركة.
إنه يوم الجمعة،
وكم يحب يوم الجمعة.
يذهب الى سوق الخضار وسوق السمك، يختار السالمون او اللبراك، رغم أسعارهما، فلقد عوَّد عائلته على هذه العادة ولن يوقفها، ليسوا بحاجة لأن يغيروا اَي شيء من عاداتهم بسبب الوضع المادي، وهو يعلم تماما كيف يقتصد بأشياء اخرى كي لا يشعروا بذلك.
يتوقف أيضا عند الحناوي،
ليأخذ قنينة نبيذ أبيض.
هو يفضّل مذاق النبيذ الأبيض البارد بجانب السمك.
يطلب من البائع أن يلف القنينة بورق بني غير شفاف، فالبلد ما عادت كما كانت، ابو سليم جاره قد عاد للمرة الرابعة من الحج، وجمعة الطويل انتقل من المسبحة الى آلة التسبيح الالكترونية، وقد سمع من فاطمة زوجته أنه يُسَبِّح بها أربعين الف مرة في اليوم!
ليست لديه مشكلة مع الدين، بل على العكس اذ يحب طقوس الأعياد ويتشوق لرمضان كالطفل الصغير، لكنه لا يحب القوانين.
لا يحب أن يجبره أحد على القيام بشيء، او عدم القيام به.
بالكاد يستطيع تطبيق قوانين السير.
فروحه تحب الحرية،
تحب أن تجرب، ثم تحكم.
وهو لا يحب أن يكون للدين قوانين توضع للجميع.
يحب الدين حر وروحاني.
وصل الى البيت،
محملا بالخضار والسمك.
- "عزمت ابو سليم وأم سليم على الغذاء"
استقبلته نجوى، باسقاط المطرقة على رأسه،
كتم غيظه، الذي تعود ترويضه مع سنين زواجهما، فقد كان ينتظر يوم الجمعة، ليجلس مع ابناءه بهدوء، وليتناول السمك المحمر، ويحتسي كأسين من النبيذ البارد، ثم يخلد لقيلولة قصيرة.
سيجلس الآن مع ابو سليم، الذي لا ينفك عن محاولات إقناع نجوى، بعد أن يئس منه، بالسفر الى الحج معهما السنة القادمة.
وسيسألها إن بدأت بالصلاة.
وربما يطلق العنان ويحدثها عن عذاب القبر.
يخاف ابو سليم من عذاب القبر،
ويخاف ربيع أن يموت قبل أن يطبخ له روبوت بيتي. حلف ربيع لنجوى برحمة أمه انه سيبيع قطعة ارض ويشتري روبوت بيتي متطور، اذا بقي على قيد الحياة.
لكن ربيع يحترم ابو سليم، فيضع قنينة النبيذ في الخزانة البعيدة، ويخبىء قناني البيرة في أسفل الرف بالثلاجة ويضع فوقها بعض الخضار.
ويبدأ بتحضير الطاولة مع ابناءه وهو يفكر،
هل يحترم ابو سليم طريقه، كما يحترمه؟
هل يستطيع ربيع أن يكون على طبيعته، دون ان يتعرض لتبشير وتجريح وتخويف؟ ان يفعل ما يشاء علنا امام الناس دون التستر، كما يكونون هم؟
هل يستطيع أن يكون مسلما علمانيا، يشرب ما يشاء ويأكل ما يشاء، ويربي أطفاله كما يشاء؟ فلا يقوم بواجبات الاسلام الدينية، وبالرغم من ذلك يحب الثقافة الاسلامية؟
هل يجعل المسلم المتدين ذلك صعبا على المسلم العلماني فيختار البعد التام عن الدين؟
ما الذي يمنع المسلم المتدين من تقبل المسلم العلماني، كما هو، دون المس بذلك؟
وكيف يرى المسلم العلماني نفسه، بالسنوات القادمة؟
هل هنالك مكان يجمعهما بمحبة، وتقبل؟
ما هي ثقافة المسلم المتدين؟ وما هي حدوده؟
وما هي ثقافة المسلم العلماني؟ وما هي حدوده؟
اليست قاعدة الحرية الاساسية، ان يتقبل أحدهما الاخر بكل محبة وتفهم؟
يعتقد الشعب أن الديموقراطية تبدأ عند أبواب الحكومات، وانا أقول ان الديموقراطية تبدأ وتنمو بالشارع،
في المدرسة
على طاولة الطعام
فِي المؤسسات
وفِي أبسط العلاقات الانسانية.
كما وتحتاج الديموقراطية لتدريب يومي، أسمح لك من خلال التدريب ان تكون حرا كما تريد، وتسمح لي أن أكون حراً تماما كم خلقتني أمي!
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net