د. محمد خليل مصلح في مقالته:
لا داعي لدفع اثمان سياسية مقابل التهدئة مع الاحتلال لإرضاء النظام المصري، وللحفاظ على العلاقة معه؛ خاصة ونحن نعرف ان الميدان هو من يصنع التهدئة
التهدئة سلوك سياسي يقترب من الاعتراف بالكيان الاسرائيلي
كل الطرق مغلقة امام العقل الصهيوني الا طريق الكفاح المسلح، وتجربة اوسلو اكبر برهان؛ الفكر الصهيوني الاحتلالي الاستعماري العنصري، نجح الكيان الصهيوني والتحالف العربي المشبوه في زرع الخوف من ثمن الكفاح المسلح، وقللت من انجازاته خاصة انه نجح في تثبيت الهوية الفلسطينية في الصراع والوجود الفلسطيني والحق من حالة الميوعة والذوبان، ولم نحتاج الى غيتو للحفاظ على هويتنا؛ فكانت البندقية، ثم حدث الانقلاب والتراجع على حساب البندقية لمصلحة الدبلوماسية والمفاوضات، ولقد تم خداعنا وتضليلنا؛ في فداحة الثمن الذي ندفعه في طريق المفاوضات؛ المفاوضات الطريق الذكية لشرعنة الوجود الصهيوني لفلسطين والقدس في المقدمة واسقاط حق العودة.
التهدئة مع الاحتلال
هناك اسئلة كثيرة وعلامات استفهام تطرح على سلوك حماس الاخير للخروج من عنق الزجاجة مع تفهمي لما للمأزق والازمة التي اصطنعتها السلطة الفلسطينية والكيان الاسرائيلي، لكن من الخطأ الاستراتيجي التغاضي ان الارضية التي تقف عليها ضعيفة ومتحركة بل اكثر من ذلك غادرة؛ فهي تلعب في ملعب لا تملك منه الكثير البيئة والتحالفات معادية والطريق وعرة ولا يجوز ان تتحمل مخاطرها لوحدها؛ الاثمان باهظة التي ستدفعها مقابل الاعتراف بها كواقع سياسي.
حماس بدون الفصائل الوازنة لا يمكن ان توقع اتفاقيات مع الاحتلال منطقيا، واذا فعلتها تكون قد ارتكبت خطأ استراتيجيا، وهي بذلك تثبت التهمة بنزعة حماس او الاخوان حسب ما يشاع انهم لا يؤمنون بالشراكة، وتزرع عدم الثقة من الاخرين في سلوكها السياسي والفكري، لان صناعة التحالفات مهمة جدا في عالم السياسة والصراعات على مدار التاريخ.
لا داعي لدفع اثمان سياسية مقابل التهدئة مع الاحتلال لإرضاء النظام المصري، وللحفاظ على العلاقة معه؛ خاصة ونحن نعرف ان الميدان هو من يصنع التهدئة؛ سلوك المقاومة ضد الاحتلال؛ هو الذي يبلور طبيعة المرحلة والعلاقة وطبيعة الاشتباك على سلم درجات الحرارة والسخونة، وانه من المهم في هذه المرحلة تغيير قواعد اللعبة الداخلية وليتحمل ابو مازن والسلطة تبعيات المرحلة؛ بالقفز عن موضوع الحكم والسيطرة على غزة، واطرحوا اهم موضوع؛ سلاح المقاومة والمشروع السياسي، وتعريف الحالة السياسية ؛هل هي نضال سياسي عسكري شعبيي ام جميعها؟ ، وهي تحتاج اليوم للتعريف والتوافق عليها، وبذلك توفر المقاومة الدعم للمشروع النضالي؛ الكفاح والمقاومة بكل صورها؛ صدروا السلطة للمرحلة ونتائجها لتصطدم هي نفسها مع نتائج اوسلوا، ولماذا تضعوا انفسكم في الوسط بين السلطة والكيان الاسرائيلي وامريكا؟ حبذا لو اعدتم النظر والتقدير للوضع وقراءة المشهد، فإسقاط السلطة ليس هو الحل لنا، وجركم لمربع التنازلات والوحل السياسي ليس في مصلحتكم، ولا مصلحة القضية الفلسطينية، ولعبة الاسقاط المتبادل نتائجها كارثية، واعترف لا احد يملك الحل ولا الجواب لهذه المرحلة .
ولا داعي ان تعقد فصائل المقاومة اتفاقيات تهدئة مع الاحتلال، وهذا الثمن في تصوري للاعتراف غير المباشر بين الاطراف؛ انه الطريق الالتفافي الذي نحذر منه ولا مشكلة في ان توقع تلك الاتفاقيات الجهة التي نتجت عن عملية اوسلو لأنه بذلك يسهل التحلل منها اذا لم تصب في مصلحتنا كمقاومة مسلحة؛ الاحتلال لا يمنح الشرعية السياسية للمقاومة ويجب الا تنزلق المقاومة لهذا المنطق والمسار .
التهدئة و التسوية
ان من يوقع على التهدئة يعترف مباشرة بالرغبة بالتسوية لان التهدئة درجة في سلم عمليات التسوية وهذا ما وثبت من ممارسة فتح ومنظمة التحرير الفلسطيني عندما وافقت على توقيع وقف اطلاق النار والتهدئة قبل اتفاق اوسلو واصبح عنصرا مهم في استراتيجية المنظمة لكسب الشرعية الدولية والذهاب الى الامم المتحدة بدلا من الكفاح المسلح.
ان الخطورة السياسية في تكريس الشرعية على حساب المشروع واداة لحل النزاعات الداخلية اشكالية كبيرة وان محاولة دفع حماس لهذا المسلك ليست بريئة في الوقت الذي ترفض فيه السلطة العودة الى غزة الا بشرط العودة الى ما قبل احداث 2007 من البداية ومسح كل ما استجد من حماس على الارض؛ لا شك هذا يثير الريبة وان الهدف تعرية حماس والمقاومة وبالأحرى المطلوب انهاء الحالة العسكرية للمقاومة والعمل فقط تحت مظلة اوسلو والسلطة في مقدمة لإنهاء كل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية الاداة الوحيدة التي تملك الانقلاب على السلطة ونزع شرعيتها المصطنعة من الكيان الاسرائيلي والرباعية الدولية.
الخلاصة
التهدئة سلوك سياسي يقترب من الاعتراف بالكيان الاسرائيلي لكن من الباب الخلفي وهذا حرق للمرحلة السياسية وهو تكتيك للانقلاب على الواقع السياسي لكن في نفس الوقت بثمن كبير جدا الاعتراف بالاحتلال وكسب الشرعية السياسية والاقليمية .
ما يجري في القاهرة يشكل خطر على جغرافية فلسطين ومشروعها السياسي وتفتيت لجوهر المشروع التحرري ودخول في نفق فكرة التجزئة التي مارستها فتح والمنظمة في عملية السلام والتي تسببت بضرر فادح للقضية الفلسطينية بالصراعات الداخلية على حساب التناقض والصراع مع الاحتلال.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net