نبيل عودة:
الناصرة ليست أي بلدة اخرى، الناصرة ليست ساحة مهملة سياسيا. هي ساحة الجماهير العربية، ساحة الطليعة السياسية
راجعت عناوين المقالات المعادية لعلي سلام التي كتبها المنظرون الذين عشقوا الجبهة فجأة، التي نشرت عشية انتخابات البلدية
لم يعد باستطاعة خفافيش الظلام انكار الحقيقة المدوية ان علي سلام انجز ما كان يبدو مستحيلا بحسابات اوساط تخطب ود الجبهة لتعترف بها قوى وطنية، بعد قضاء سنوات عمرها في كهف اعداء شعبهم مصفقين ودجالين ومنتفعين.
انتصار علي سلام ليس حادثة نصراوية عابرة، يمكن تلخيصها بحب الشعب او بضعف الجبهة، او بحجج تافهة أخرى من مطبخ حزب شاط طعامه وفسد طباخيه. هذا الانتصار هو تغيير اجتماعي، سياسي وفكري، يمكن وصفه بالانقلاب العاصف، او بالثورة الهادئة.
اولا الناصرة ليست أي بلدة اخرى، الناصرة ليست ساحة مهملة سياسيا. هي ساحة الجماهير العربية، ساحة الطليعة السياسية. ساحة اقرار المنجزات التي تصبح نموذجا يجري تبنيه في اوسع الأوساط الاجتماعية في المجتمع العربي في اسرائيل. بعد انتصار الجبهة، جرى تبني النهج الجبهوي. واليوم تجربة علي سلام غيرت المفاهيم القديمة، وهي تجربة تحمل الكثير من المضامين الجدية في الادارة والتعامل والتخطيط، التي قد يكون بعضها سلبيا، وبعضها ايجابيا، لكن انجاز النصر الساحق ضد أكبر جسم وأهم تنظيم سياسي في الوسط العربي، في اكبر مدينة واهم مدينة مركزية للعرب في اسرائيل، سيفتح بالتأكيد المجال للدراسات السياسية لفهم ظاهرة الناصرة وحقائق ما انجزه رئيس بلديتها علي سلام خلال خمس سنوات من رئاسته للبلدية بظروف معارضة تملك أكثرية الأصوات داخل المجلس البلدي، لدرجة طعنهم كل مواطني الناصرة بإسقاط ميزانية تطوير بلدية هامة جدا.. والنتيجة حل المجلس البلدي وابقاء علي سلام رئيسا، ثم اقرار الميزانية بدعم اللجنة التي عينتها وزارة الداخلية.
أي ان قرارهم عشوائي لا يليق بتنظيم سياسي هو الأكبر والأقوى في الساحة العربية.. مارس حسابات صبيانية وحاقدة، وبهذا الاسلوب لا تدار سلطة محلية ولا يؤتمنون بما ابرزوه من تفكير حزبي مغلق على ادارة بلدية الناصرة. وقد يكون حجم سقوطهم الكبير في الناصرة، نتيجة تصرفاتهم البلدية التي من الصعب وصفها بالعقلانية السياسية..
راجعت عناوين المقالات المعادية لعلي سلام التي كتبها المنظرون الذين عشقوا الجبهة فجأة، التي نشرت عشية انتخابات البلدية، ولو ملكت القرار لرشحتهم لجائزة نوبل عن اكبر فشل اعلامي في التاريخ.. او اكبر تهريج اعلامي للدقة. ووجدت اني يمكن ان اكتب مسرحية ساخرة لشدة بعدها عن الواقع وغرابة مفرداتها، وتفاهة مضامينها، رغم استعانتهم بالأيام الأخيرة بمن توهموا انه بولدوزر سياسي، تبين ان الصدأ قد خرب ليس عجلاته فقط، بل مخه أيضا.
تعالوا نستعرض بعض العناوين التي كتبت ضد علي سلام ولتسويق مرشح الجبهة، بوهم ان علي سلام ظاهرة عابرة لن تتكرر: "ناصرتي عابرة... والجبهة باقية!!/ نحو نصر واثق مؤزر.. الناصرة تستحق منا هذا وأكثر/ منصورة يا ناصرة/ علي سلام من تراجع وهبوط الى خسارة وسقوط/ الناصرة بتستاهل أكثر/ عودة الناصرة الى أهلها... فضيلة!!/ وعدتم ولم توفوا بالوعد/ تراجع علي سلام مستمر وقد يتحول الى خسارة!!/ نتسيرت عيليت – عاصمة اللواء الشمالي ومدينة الناصرة مهمشة إذا استمرت رئاسة علي سلام!/ الأغلبية الصامتة هي من ستحسم انتخابات الناصرة/ علي سلام ووعد الجامعة الانتخابي الجديد في الناصرة/سلّام قد يخسر انتخابات الناصرة لهذا السبب/ لماذا يرعبهم ترشيح مصعب دخان؟/ لماذا ترشيح مصعب دخان يُقلق علي سلام؟" هذه بعض العناوين المضحكة، والمضحك اكثر تفاهة النصوص وغرابتها!!
في مقال مبكر (2018-05-10) تساءلت: هل تدعم جبهة الناصرة منتخبها للرئاسة مصعب دخان؟ في نفس الفترة عقد اجتماع حزبي عاصف. بعد ساعة من انتهاء الاجتماع، اتصل معي رفيق شيوعي وصديق شخصي ليعلمني ان قائد شيوعي "كبير" اعلن انه لن يسمح ببقاء مصعب دخان مرشحا لرئاسة البلدية، لا اريد ذكر الحجج التي قدمها وهي مهينة ولا تليق بالتعامل بين رفاق شيوعيين، لكن ما العمل ولم يبق من الأخلاق الشيوعية الا حجارتها؟ طبعا هوجمت وانكروا ما كتبت، وبقيت على اصراري حتى حين كان يبدو واضحا تماما ان مصعب سيكون المرشح. لكنه اقيل في الساعات الخيرة كما تعلمون.
كتبت ان دعم الجبهة لمرشحها ليس سؤالا شخصيا، بل سؤال أخلاقي أيضا لتنظيم سياسي ونصراوي له تاريخ طويل لا يمكن الاستهتار به، ولا يمكن انكار دور الجبهة التاريخي في الناصرة، وفي الوسط العربي في إسرائيل عامة.
بالتلخيص، الجبهة دخلت معركة ضد نفسها ايضا، المرشح التوافقي وليد عفيفي هو اكبر فشل سياسي لأكبر تنظيم سياسي، وفهمكم اعزائي القراء اكبر من فهم قيادات الجبهة وحزبها الشيوعي، بعد هذه التجربة التي انزلت بهم هزيمة ساحقة!!
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com