الشماس مجدي أسامة هاشول:
عالمنا سينهار إذا لم نكن فيه مكان القلب الفاعل بالمحبّة.. سينهار اذا بقينا متربّعين على كراسي العار..
عندما ننظر إلى حقول "عالمنا النّازف يحتاج نبض حياة" عندما ننظر إلى حقول الرّسالة والكم الهائل من الحاجات الرّوحيّة والتّربويّة والنّفسيّة عند النّاس، نحزن من الوضع الرّديء الذي وصلنا إليه.. ونجد لسان الحال هو العجز المحزن عن تأدية كل هذه الحاجات.. ونرى بعضنا أصيب باليأس وٱخر بالإضطراب وٱخر بالإنسحاب من معركة العطاء..
ننظر حولنا فنجد في الشبيبة ضياع كبير وفي العائلات صراع كبير وللمسنين اهمال كبير وعند "المتعلّمين" جهل كبير وعند "السّياسيين" أمور متعبة.. لا صلة حقيقية لها ببناء المجتمع.. ونفكّر ونتأمّل ماذا عسانا أن نعمل.. ونصلّي.. ونصلّي..
أمام هذا الواقع الكبير المحيط فينا.. نريد بكلّ جوارحنا تقدمة ذواتنا كاملة ليصبح للعالم أفضل.. ونجد ذواتنا بحالات كثيرة عاجزين.. نخاطب الضّمائر تتمرّد الأفكار، نخاطب العقول تتمرد العاطفة، نخاطب العاطفة تتمرّد الأطباع.. ونرى أشخاصا تدمّر ذواتها الجميلة بسموم قاتلة، بأفكار غريبة، بممارسات لا تثمر إلاّ المرّ والعلقم..
صرنا بحاجة إلى أشخاص تتكرّس، لا يهم بأيّ شكل وأيّة حالة، لكن أن تتكرّس لخدمة البشريّة المتعبة.. لتداوي النّزيف الذي يسيل من أرواح النّاس..بصمت ووحشيّة..، لتداوي العقم الرّوحي والفراغ الوجودي المفزع فيهم.. لترافقهم عن كثب، بالإصغاء.. بالصّلاة.. بكل ما يؤول لخلاصهم.. من سجون الشّر.. من قيود تقبرهم كل يوم في مجمّعات الظّلام.. من بئس المصير.. نريد أشخاص تنشر النّور بهدوء وحبّ وفرح وصدق..
عالمنا سينهار إذا لم نكن فيه مكان القلب الفاعل بالمحبّة.. سينهار اذا بقينا متربّعين على كراسي العار.. سينهار إذا لم نصرخ كلّ يوم صرخات الحقيقة والحياة.. إذا لم نكن صوت المظلوم ويد المعين وصانعي السّلام.. وعندها نعم نحن سنكون المجرمين بحقّ دماء أبنائنا وبناتنا.. فالدمّاء تنزف روحيا وفكريا ونفسيا قبل أن تنزف على الطّرقات.. قبل أن تراها الأعين المجرّدة.. والعنف يتصدّر الفكر والنّطق والإدانة قبل أن يتفشّى للأجساد وقتل الأرواح.. وتخاذلنا هو شريك هذا الدّمار..
العالم يغفى أمّا أنتم فإذا كنتم بالحقيقة مؤمنين فلا ينبغي لكم نوم الموت.. ولا حياديّة الكفرة.. ولا هزليّة العبثيين.. إذا كنتم مؤمنين عليكم أن تنهضوا و"تشمّروا عن سواعدكم" وتبدأوا العمل.. فإمّا نزرع هنا ملكوتا جميلا أو نترك الموت يسود.. إمّا نعلي شأن الله والإنسان أو نسير في جنازة الإنسان وجنازة العالم وجهلنا للرّب.. فإمّا حضارة الحياة وإمّا ذلّ الموت..
في كوكبنا الصغير الكبير.. متاعب كثيرة وتحدّيّات متعدّدة.. وعلينا أن نتابعها برفق واهتمام ومسؤوليّة وعزيمة.. لأنّ الوقت يتقاصر وما معنا اليوم قد نفقده غدا.. وما يحتاجه غيرنا اليوم قد نحتاجه نحن غدا.. وما إئتمننا الرّب عليه سيطالبنا به دون هوادة.. فقوموا يا أبناء النور، قوموا للعمل، قوموا للتّغيير، قوموا من أجل الإنسان، من أجل الرّسالة، من أجل الحياة، قوموا بحقّ الله والتّاريخ والأجيال.. قوموا ولتتبارك بكم الأرض!
مع محبتي لكم في الرّب ولمجده، الشماس الإنجيلي المكرّس، مجدي أسامة هاشول، قرية الجش.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com