لم يمض يومين على رحيل شيخ النقاد الفلسطينيين المرحوم صبحي شحروري، واذا بفنن آخر يهوى عن شجرة الشعر والأدب والثقافة الفلسطينية، هو الشاعر والنقابي المعروف خليل توما، ابن مدينة بيت جالا.
وتوما من الأسماء الشعرية الأولى التي ظهرت على ساحة الابداع الفلسطيني بعد الاحتلال العام ١٩٦٧. وكنا عرفناه بقصائده الوطنية والطبقية الملتزمة، التي كان ينشرها في الصحافة الفلسطينية، كالشعب والفجر والبيادر والكاتب والطليعة والفجر الأدبي، وفي أدبيات الحزب الشيوعي الاتحاد والجديد والغد.
ثم تعرفنا على شعره من خلال ديوانيه " أغنيات الليالي الأخيرة "، و " نجمة فوق بيت لحم " الصادرين عن منشورات صلاح الدين المقدسية.
وكنت تعرفت اليه في مهرجان الأدب الفلسطيني بالقدس في ثمانينات القرن الماضي.
وجاءت أشعار خليل توما انعكاسًا للمعاناة الفلسطينية، وللواقع المعاش تحت حراب الاحتلال القهري، مهمومًا بقضايا شعبه الوطنية والطبقية العمالية.
وامتاز بالحس الوطني المرهف، والالتزام بالهم الفلسطيني والانساني الكوني، والانحياز للطبقات الشعبية الكادحة، مؤمنًا بانتصارها على الوحش الراسمالي الاستغلالي الاضطهادي.
وكان خليل توما قد غاب عن الساحة الأدبية فترة طويلة لم ينشر فيها اي من نتاجه، ولا ندري انقطاع عن الكتابة ام انقطاع عن النشر فقط، وذلك لانشغاله في حقل الترجمة من الانجليزية للعربية وبالعكس.
لكنه عاد في العام المنصرم بقوة، وأخذ ينشر في العديد من المواقع الالكترونية.
وكنا قرأنا قبل يومين قصيدته " لمن تولد الأرض " التي يقول في مطلعها:
لمن تولد الأرض ؟
هذا سديم من الطين والنّار،
هذا غبارْ يجيء مع الريح، هذا
دخان الزلازل، هذا فتات الكواكبِ
هذا دقيق النّجوم وهذا جئير البحارْ،
وفي قرنةٍ يزفر الكون أناته في فضاء سحيقْ
صراخ هنا، وصراخ هناك، وفي البعد
تكتمل الدّورة الدّامية، وصوت انفجار،
ونصعد في غمرة الليل ، كل الدروب تؤدي
إلى قمة الكون... كم اثقلتنا الحياة وكم اثقلته
خليل توما.. وداعًا وستبقى في قلوبنا وذاكرتنا يا شاعر الفقراء والكادحين والمسحوقين، وستخلد في تاريخنا النقابي والثقافي الفلسطيني.