طارق محمود بصول في مقاله:
بسم الله متعدد الأسماء نحمده حمداً لا ينتهي، ونصلي ونسلم ونبارك على سيدنا محمد.
مع اقتراب انتخابات الكنيست ال-21 والتقلُّبات التي شهدتها الأحزاب العربية من حيث فض ائتلاف القائمة المشتركة وتبني ائتلاف جديد بقائمتين مُنفصلتين مُنفردتيْن ، نُسلط الضوء في هذه المقالة حول التبلور السياسي والتعدد القيادي للأقلية العربية منذ قيام الدولة حتى اليوم.
بعد انتهاء معارك 1948 بقي في إسرائيل ما يقارب 156 ألف عربي يقطُنونَ في أربعة مناطق جغرافية : الأغلبية في الجليل، المثلث بعد ان أُعيد من النفوذ الأردني بتاريخ 3 نيسان 1949، النقب والمدن المختلطة (عكا-حيفا-الرملة-اللد-يافا-القدس).
في تشرين الأول من عام 1948 فرضت حكومة إسرائيل نظام الحكم العسكري على ثلاثة مناطق (الجليل-المثلث-النقب) بقي هذا النظام مدة 18 عام حتى كانون اول 1966، في فترة الحكم العسكري كان للأقلية العربية تمثيلاً في البرلمان الإسرائيلي وذلك بقائمتين سياسيتين، الأولى القائمة العربية الناصرة بقيادة سيف الدين الزعبي وأمين جرجروه التابعة لحزب مباي (الحاكم آنذاك) اما القائمة الثانية فكان الحزب الشيوعي (ماكي) والذي تأسس عام 1919، ومع قيام دولة إسرائيل أصبح اسمه حزب ماكي (מק"י-מפלגה קומוניסטית ישראל) ومن ابرزالشخصيات العربية في هذا الحزب توفيق طوبي.
بعد انتهاء الحكم العسكري شهد المجتمع العربي عدة تغيرات سياسية، أدت الى تبلور القائمة المشتركة عام 2015، خلال 50 عام (أي بعد انتهاء الحكم العسكري وحتى اليوم) ظهر على الصعيد السياسي العربي عدة قيادات وأحزاب سياسية لكل منها مبدأ خاص بها.
سياسياً يُمثل المجتمع العربي جسمين؛ برلماني وقطري، بالنسبة للجسم البرلماني والذي يتمثل بالأحزاب العربية المختلفة؛ الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة-التجمع-الحركة الإسلامية الجنوبية-والقائمة العربية للتغيير، اما بالنسبة للجسم القطري فيتمثل باللجان المختلفة: لجنة المتابعة ولجنة رؤساء القطري للسلطات المحلية، في الاسطر القادمة سوف نتطرق لتبلور الأحزاب والقيادات السياسية من خلال التسلسل التاريخي.
حتى انتهاء الحكم العسكري كان الحزب الشيوعي الممثل الوحيد للأقلية العربية في البرلمان، وفي عام 1971 أسّس الشيخ عبد الله نمر درويش الحركة الإسلامية والتي سعت لتثبيت الدين بين صفوف المسلمين، حيث كانت الحالة الراهنة السائدة للناس في هذه المرحلة هو ابتعادهم وتقصيرهم في الواجبات الدينية، وبعد مرور ثلاثة سنوات في عام 1974 ونتيجة التقرير السلبي الذي أصدرته الدولة والذي بيّن مدى إعاقة السلطات المحلية نتيجة شح الميزانيات التي تصلها من قبل الحكومة تم إقامة اللجنة القطرية لرؤساء السطات المحلية وترأسها آنذاك رئيس مجلس الرامة متّى مويس، هذه اللجنة والتي تهدُف لمعالجة أمور السلطات المحلية العربية لتكون بذلك حلقة وصل بين السلطات والحكومة.
وفي عام 1977 تم تأسيس حزب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والذي تمخض من الحزب الشيوعي وانبثق عنه بعد اختلاف بين أعضاء الحزب.
في اعقاب يوم الأرض عام 1976 تبلورت فكرة إقامة جسم قطري اخر (بالإضافة الى لجنة السلطات المحلية) لمتابعة التطورات المختلفة للمجتمع العربي؛ المسكن، الاقتصاد، التعليم، العنف وغيرها، وفي 31 تشرين اول من عام 1982 تم إقامة لجنة المتابعة ترأسها حينها رئيس بلدية شفاعمرو آنذاك إبراهيم نمر حسين الذي بقي بهذا المنصب حتى عام 1999 وتولى مكانه محمد زيدان رئيس مجلس كفرمندا لمدة عامين ( 1999- 2001) وبعد ذلك رئيس مجلس يافة الناصرة شوقي خطيب لمدة 7 سنوات ( 2001- 2008) ومن ثمّ مرة أخرى محمد زيدان ( 2010- 2015) ومنذ عام 2015 حتى اليوم محمد بركة.
في عام 1988 ولأول مرة في تاريخ المجتمع العربي تم إقرار مبادرة فردية لإقامة حزب مستقل، فقد بادر عبد الوهاب دراوشه ابن قرية اكسال بإقامة الحزب العربي الديمقراطي وشارته "ع".
في سنوات ال-90 شهدت تغيرات سياسية عديده بالمجتمع العربي كان أولها عام 1995 عندما انشق قسم من أعضاء الجبهة الديموقراطية عن الحزب وقاموا بتأسيس حزب جديد سُمّي بحزب التجمع بقيادة عزمي بشارة واشارته "ض"، عشية انتخابات عام 1996 بادر الدكتور احمد الطيبي بإقامة وتأسيس حزب سياسي جديد مستقل وسمي الحركة العربية للتغير، وفي نفس السنة ومجريات الاحداث من عام 1996 انشقت الحركة الاسلامية الى جناحين: الأول الحركة الإسلامية الشمالية بقيادة الشيخ رائد صلاح والذي امتنع عن خوض الحركة في انتخابات الكنيست الإسرائيلي، والشق الثاني الحركة الجنوبية بقيادة الشيخ ابراهيم صرصور الذي اختار خوض انتخابات الكنيست الإسرائيلي، حيث تم إقامة وابرام ائتلاف بين ثلاثة أحزاب لخوض الكنيست في وقتها (الحركة العربية للتغيير، الحركة الإسلامية الجنوبية، الحزب العربي الديمقراطي) وخاضوا الانتخابات سوياً بقائمه واحدة سميت القائمة العربية الموحدة وشارتها ع.م.
استمر التبلور السياسي للقوائم العربية واوج وذروة هذا التبلور كان عام 2015 عندما قرر الأحزاب العربية خوض الانتخابات تحت راية واحدة وهي قائمة عربية مشتركة تضم جميع المركبات والقوائم السياسية وشارتها و.ض.ع.م، صحيح ان هذا الائتلاف جاء نتيجة رفع نسبة الحسم الا انه حظي بقبول جماهيري كبير من قبل السكان العرب الذين وفدوا الى صناديق الاقتراع، الا أن عُمر القائمة المشتركة لم يحظى بالعمر المديد كثيراً ففي شباط من عام 2019 ( قبل شهر) تم فض هذا الائتلاف من قبل القائمة العربية للتغيير وبناء قائمتين منفصلتين؛ الأولى تحالف الجبهة والعربية للتغير، الثانية التجمع والموحدة (الحركة الإسلامية الجنوبية).
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com