الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 08 / نوفمبر 19:02

بين المشاركة من عدمها.. وفقدان الرؤية والمشروع/ بقلم: د.ابراهيم خطيب

د.ابراهيم خطيب
نُشر: 28/03/19 13:31,  حُتلن: 18:04

يمر الداخل الفلسطيني في مرحلة تطور في تصوره لذاته وهويته وبنفس الوقت تزداد حدة تشبث المجتمع الإسرائيلي بالدولة اليهودية، وهذا التصور لا يمكن نقضه لأنه ماهية وجود إسرائيل ومسوغ وجودها يرتبط بمفهوم يهودية الدولة.
وبنفس الوقت تقترب انتخابات الكنيست ويزداد الحديث حول جدوى المشاركة من عدمها، ودور المقاطعة المبدئية وما تسعى إليه، وسيستمر هذا النقاش ما دام لم يجري أي تحرك في المياه السياسية الراكدة في الداخل الفلسطيني. كل هذا مع ازدياد الفتور في المجتمع العربي تجاه المشاركة في الكنيست وارتفاع الإحباط من قياديه.
لنكن صادقين مع ذاتنا مجتمعنا الفلسطيني في الداخل يعاني من غياب بوصلة لمشروع واحد جامع يسعى الكل الفلسطيني لتطبيقه. هذا لا يعني أن الأحزاب ليس لديها رؤى سياسية، ولكنها تبقى محدودة ومتباينة ولا يتم العمل عليها بشكل منهجي أصلاً وفي بعض الأحيان لا يمكن تسميتها برؤى سياسية إنما تصورات سياسية محدودة او هلامية أو بأضعف الإيمان لا يتم العمل عليها بشكل منهجي. كما أن قسم منها فقد مصداقيته وواقعيته مع مرور السنوات وتسارع التطورات.
إن حركة التاريخ وتطور الشعوب يتطلب منا في الداخل الفلسطيني، إعادة التفكير في وجهتنا ورؤيتنا السياسية وهنا تكمن الحاجة للتلاقي حول فكرة واحدة جامعة والسعي حثيثاً لتطبيقها.
وبالعودة للكنيست، لا شك أن المشاركة السياسية في الكنيست لن تجدي ولن تكون نافعة لتغيير منهجي ينقض التصور اليهودي ويؤدي إلى تغيير درامي وخصوصاً أن المشاركين يعملون من داخل المنظومة ووفقاً لقواعدها وبتنا ننجر لنقاشاتها، ناهيك عن الاعتبارات التكتيكية والإستراتيجية والتي لا ترض أن يكون العربي في الكنيست مقرراً لمستقبل الدولة أو للقضايا الأساسية فيها، فيما يبقى العرب أقلية عددية منزوعة الشرعية، بالمقابل فإن المعارضة المبدئية للكنيست لها مصوغات وحجج قوية ولكنها بنفس الوقت ستبقى منزوعة الفاعلية ما دامت لم تجمع الغالبية على مشروع واحد ورؤية واحدة وتعمل عليها، وإن كان يمكن لأنصار المعارضة المبدئية الاكتفاء بالانتظار والثبات على الموقف وهذا بحد ذاته مهم، في انتظار تغيير غير منوط بهم أو العمل على مشروع متناسب يحضّر لتغيير ليس بالضرورة بأيديهم.
وبالمناسبة وإن كنت أطمح لقرار واضح وجماعي، ضمن مشروع جامع، بخصوص المشاركة في انتخابات الكنيست ولكن هذا لا يمنع من الطرفين من شرح وجهات نظرهم وإقناع الناس بها، ولكن يجب أن يكون ذلك متصلاً بمشروع وفكر وأهداف منبثق عن رؤية مستقبلنا كجماهير عربية في الداخل والعمل على هذا المشروع، وليس كما هو الحال الآن من ضبابية الرؤية.
ما الحل..؟
أعتقد أن واجب المرحلة يحتم على الكل الفلسطيني في الداخل، التعالي عن الذات والتفكير بصورة جماعية واعية وجريئة في مستقبلنا كفلسطينيين في الداخل، كنت قد طرحت أن يتم ذلك من خلال الدعوة لمؤتمر إنقاذ وطني، كما يمكن أن يكون على شكل حراكات واجتماعات متنوعة. ويمكن أن يكون ذلك من خلال العمل على العودة للناس بالفعل من خلال طرح رؤى وانتخابات مباشرة لبناء هيئتهم التمثيلية، وهذا يجب أن يترافق مع عمل حثيث على تقوية المجتمع الفلسطيني في الداخل وبنائه، وبالطبع ذلك لا يعني غياب الأيدلوجيات والسعي من كل حزب وحركة لبث خطابها، بل يستمر ذلك.. ولكن أن يكون بنفس الوقت حراك سياسي وتوافقات جريئة ومهمة وإشراك الناس فيها وقيادتهم إليها. وإذا لم نصل لرؤية إستراتيجية فعلى الأقل خطة مرحلية أو برنامج عمل عيني وفاعل في قضايا مركزية حارقة ونضال مدروس وموجه فحتى هذا معدوم، وربما هذا ما يجعل أبناء شعبنا يشعرون بالفتور من العمل السياسي، وهنا يقع واجب السياسيين بإعادة احتضان مجتمعنا وإعادة الثقة بالعمل السياسي مع إدراكي أن هناك أسباب سلطوية تزرع الإحباط فينا ولكن على سياسيينا الصدق مع الذات والإقرار بخطئهم أو على الأقل الوضوح مع أبناء شعبنا بما يمكنهم فعله وما لا يستطيعونه.
أمّا إذا استمر واقعنا في الداخل كما هو الآن فأرى أن داخلنا الفلسطيني بات بحاجة لتخلّق سياسي جديدة بعزيمة متجددة من أناس مؤمنة بحاجة التغيير، فالأسباب لحراك سياسي جديد قائمة.. ويجب أن تتكلل بهمة قوية ورؤى ثابتة!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   


مقالات متعلقة

.