أحمد حازم:
عباس ذكر في المقابلة التلفزيونية، أن العلاقة بين الموحدة والتجمع كانت مركز ثقل خلال أربع سنوات من وجود المشتركة
بث تلفزيون العرب مقابلة أجراها الزميل الصديق فايز شتيوي مع د.منصور عباس رئيس تحالف )الموحدة والتجمع) في الانتخابات القادمة للكنيست. هذه المقابلة جديرة بإلقاء الضوء على ما جاء فيها على لسان عباس، خصوصًا وأن المحاور أربكه في الكثير من الأسئلة التي كانت واقعية الطرح تعبر عن نبض الشارع.
في رده على سؤال حول طبيعة التحالف بين الحركة الإسلامية الجنوبية وبين التجمع، خصوصًا أن الحركة لها طرح إسلامي عقائدي والتجمع حزب قومي أي هناك فرق كبير جدًا في الإديولوجية، أجاب عباس بأن هذا التحالف "طبيعي وسلس وأننا اتفقنا على المبدأ". كيف يمكن يا دكتور عباس أن يكون التحالف طبيعيًا بين حزب علماني جذوره قومية وحزب ديني جذوره عقائدية وأن يتمّ التحاف خلال عشر دقائق فقط؟ لقد أعجبني المحاور في تركيزه على هذه النقطة وسؤاله أن تحالف الموحدة والتجمع لم يكن مبنيًا على طروحات مشتركة، وأفهم عباس بطريقة وضحة أنه كان سهلا عليه السيطرة على مجريات المفاوضات مع التجمع.
منصور عباس وكما يبدو من سلوكياته الإنتخابية ومفاوضاته، يريد أن يكون رئيس قائمة مهما كلف الأمر ويريد أيضًا أن يكون رئيس القائمة المشتركة، رغم عدم وجود تجربة له في مجال انتخابات الكنيست، وكان قد فشل في تحقيق ما يريده خلال المفاوضات مع د.أحمد الطيبي. يقول المثل: " ما صارله في القصر من مبارح العصر" في مجال انتخابات الكنيست، ويريد عباس القفز فورًا لرئاسة القائمة المشتركة.
عباس ذكر في المقابلة التلفزيونية، أن " العلاقة بين الموحدة والتجمع كانت مركز ثقل خلال أربع سنوات من وجود المشتركة". إسمح لي يا دكتور أن أذكرك بمثل شعبي فلسطيني يقول: "مجنون يحكي وعاقل يسمع". لو كانت العلاقة بينكما سابقًا بهذه القوة، فالسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا أجريتم مفاوضات مع غير التجمع ولم تتفاوضوا منذ البداية معه ؟ أليس حليف الأمس د.أحمد الطيبي حليفكم سنوات طويلة أقرب إليكم فكريًا وعقائديًا من التجمع، الذي اعترفت أنت نفسك في المقابلة بوجود اختلافات عديدة في وجهات النظر بينكما؟ لكن يا د. عباس فإن الحقيقة التي لم تتحدث عنها ولم تجرؤ على قولها بصراحة أن "المصلحة الإنتخابية" هي التي أنتجت "تخالف الموحدة والتجمع" ليس غير.
عندما سئل عن موقف الموحدة من "ستاتوس" نشره القيادي في الموحدة طلب أبو عرار في الفيسبوك عن مجزرة نيوزيلاندا، واضفًا إياها بأنها "أعمال صليبية والإسلام قادم". لقد نسي ابو عرار ان المسيحيين هم حلفاء له لأن التجمع يضم في صفوفه العديد من المسيحيين. د. عباس اضطر إلى الإعتراف بخطأ أبو عرار، لكنه دافع عن زميله في الموحدة بالقول:"" لم يستغرق نشر هذا الـ "ستاتوس" أكثر من خمس دقائق ثم تم مسحه، وأن أبو عرار عندما أبدى رأيه كان تحت تأثير مشاهد الفيديو حول المجزرة".
المشكلة يا دكتور عباس ليست في الخمس دقائق من النشر بل في تسرع أبو عرار، خصوصًا وأنه ممثل جمهور وقيادي لا يجوز أبدًا لشخص مثله أن يكون منهورًا في تصريحاته وأن يعي لكل كلمة يقولها ويكتبها.
منصور عباس وصف التحالف بين الجبهة والعربية للتغيير، بأنه "تحالف الضرورة وغير طبيعي". قل لنا بربك يا دكتور عباس: أليس تحالفك مع التجمع ناجم أيضا عن ضرورة المصلحة المشتركة في الوصول للكنيست؟ أنت تعرف أن أي حزب عربي لن يستطيع تجاوز نسبة الحسم إذا خاض الإنتخابات لوحده، ولذلك تمت المفاوضات ومن بعدها ترتيب صفقات التحالفات بعد أن لفظت "القائمة المشتركة" أنفاسها الأخيرة، وأنتم في الموحدة جزء من هذه الصفقات.
وما دام الشيء بالشيء يذكر، فلا بد من لفت انتباهك يا دكتور عباس إلى حديث الشارع العربي عنكم بالذات، وتركيزه على نقطة مهمة قد تكون غابت عن ذهنك: لو فكرت فعلا بمصلحة الشعب وتنازلت عن إصرارك على رئاسة "المشتركة" أي لو حافظت على بقائها، لكنتم احتفظتم بمقاعدكم الأربعة والتجمع بمقاعده الثلاثة لأن هذه المقاعد مضمونة في "القائمة المشتركة". لكن مطلبك التعجيزي برئاسة المشتركة هو أساس كل بلاء سيحصل للمجتمع العربي بصورة عامة ولكم كتحالف مع التجمع بصورة خاصة، والسبب واضح: أنت انفصلت عن "المشتركة" وشكلت مع التجمع قائمة تحالف انتخابية وأشترطت ان تكون رئيسها ووافق التجمع لأنه الحلقة الأضعف في هذا التحالف. لكن، وكما يقال في الشارع، فإن" قائمة تحالف الموحدة والتجمع" فيما لو عبرت نسبة الحسم لن تحصل على أكثر من أربعة مقاعد لأن المواطن العربي سيكون عقابه شديدًا هذه المرة ولن يغفر لأحد. ومن عمل على "فكفكة" المشتركة سينال عقابًا الناخب. ولو تحققت توقعات الشارع العربي فسيكون ذلك مصيبة سببها منصور عباس للعرب ولحزبه ولحليفه.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com