كاتدرائية نوتردام في باريس
الباحث في سلطة الأثار رافع ابو ريّا:
ميزانية 185 مليون دولار أمريكي غير كافيّة للترميم، لأن المبنى يحتوي على مواد كثيرة وبعض هذه المواد غير متوفرة بالشكل التقليدي
نحن نتحدث عن كاتدرائية بحاجة الى عمل دقيق جداً، أي سوف يكون هناك مختبر داخل مبنى ضخم جداً، وهذا أمر معقد وصعب جداً
التهمت النيران كاتدرائية "نوتردام" التاريخيّة في وسط عاصمة الأضواء باريس، مساء الاثنين المنصرم، وأستمرت النيران بإلتهام الكنيسة ما يقارب 15 ساعة متواصلة حتى تم إخمادها، وعمل على إخماد الحريق 400 رجل اطفاء.
وتعتبر كاتدرائية "نوتردام" من المعالم التاريخية الأكثر زيارة في أُوروبا، بحيث أنه يزور هذا المعلم التاريخي سنوياً ما يقارب على 14 مليون سائح. وتم بناء الكاتدرائية على مراحل مختلفة من الزمان، وشهدت عدّة عصور، وأُنشات الكنيسة ما بين الفترات ( 1163- 1345) وتعد هذه الكاتدرائية تحفه فنيّة قوطيّة.
الباحث في سلطة الأثار رافع ابو ريّا
وحول تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإعادة الكاتدرائية خلال الخمس أعوام القادمة، قال الباحث في سلطة الأثار رافع ابو ريّا لموقع "كل العرب" أن:" الرئيس الفرنسي ماكرون سياسي مُخضرم، ولكنه لجمّ نفسه في زمان ليس من السهل تحقيق فيه ترميم الكاتدرائية الفرنسية، فهو وضع نفسه أمام تحدٍ كبير، ولكن إذا نجح الرئيس الفرنسي بهذا يكون قد حقق إنجاز عظيم، نحن لا نتحدث عن إنشاء مبنى جديد، نحن نتحدث عن مبنى ضخم، ويوجد به العديد من المواد ومنها: الحجر، الرخام، الفسيفساء، الزجاج، الخشب. وايضاً المواد المعدنية مثل: البرونز، ومن الناحية الجماليّة نحن نتحدث عن نقوش ورسومات ومدارس فنيّة مختلفة داخل هذه الكنيسة، وزخرفة الحجارة، وايضاً الرخام فيوجد بهذا الأمر تحدٍ كبير، نحن لا نتحدث عن أمور عاديّة لكي نستطيع القيام بمشروع كبير كهذا فهو بحاجة إلى الكثير من الطواقم والفنانين والمحترفين وايضاً بحاجة إلى فحوصات مختبريّة وفحوصات أوّلية، ومعرفة والضرر ومراحل الضرر ، والمواد المركبة في اللّوحات والرخام فهذا الأمر ليس سهل، ومعقد للغاية".
وأضاف الباحث أن:" الصعوبة والتحدي يكّمن في أصالة الترميم، فأصالة الترميم تجبر الرئيس الفرنسي على إعادة المبنى كما كان، لأن المبنى موّثق ويوجد العديد من الصور والمقاطع المصوّرة وبسبب وجود التوثيق يوجد إمكانية لإسترجاع المبنى، فالرئيس سوف يقوم بإسترجاع الأثاث الذي إحترق وصناعته من جديد، ويجب أن يكون بنفس المستوى الذي كان عليه قبل إحتراق الكاتدرائية، وهنا تكّمن صعوبة العمل والطواقم من الناحيّة الماليّة والزمنيّة، أي يجب بناء المبنى بحسب المواصفات التي تلائم كل فترة لأن الكاتدرائية بنيت على مدار 300_350 عام، وبعد ذلك حدث بها ترميمات فالرئيس الفرنسي مجبر أن يتماشى مع كل فترة زمنيّة، وذلك من ناحيّة المدرسة الفنيّة وايضاً المواد والتقنيات، لو أراد الرئيس الفرنسي بناء الكنيسة من جديد وبمواصفات جديدة، فهذا الأمر سوف يكون أسهل من جميع الجهات ولكن بترميم الكنيسة هو مرتبط بالأمور التي ذكرناها آنفا".
وتحدث الباحث ابو ريّا عن الميزانية التي وضعت كحد أدنى لترميم هذا المبنى، وهي 185 مليون دولار أمريكي حيث قال أن:"هذه الميزانيّة غير كافيّة، لأن المبنى يحتوي على مواد كثيرة وبعض هذه المواد غير متوفرة بالشكل التقليدي، فهي مواد تقليدية وبحاجة إلى تصنيع وخبرة ودراسة وبحاجة الى تحضير".
وأكمل الباحث أنه:" يجب أن يعلم الصانع، كل مادة تحتوي على عناصر كثيرة، ومنها عناصر عضوية وغير عضوية، وخاصّة في اللّوحات والرسوّمات فيوجد العديد من المواد التي تضررت من النيران والدخان. الرخام بحاجة الى عناصر ومواد وغالبيّة هذه العناصر غير متوّفرة في الأسواق، أي يجب البحث عن كل مادة وعن الفترات التاريخية التي صنعت بها وسوف يكون هناك تدخل الكثير من المواد والعناصر الدقيقة".
وأختتم الباحث كلامه قائلاً:" نحن نتحدث عن كاتدرائية بحاجة الى عمل دقيق جداً، أي سوف يكون هناك مختبر داخل مبنى ضخم جداً، وهذا أمر معقد وصعب جداً".