رحل هذا اليوم الثلاثاء 30-4 2019 ابن القدس القائد البارز الطّبيب صبحي غوشة، عن عمر يناهز التّسعين عاما.عرفت الرّاحل الكبير منذ طفولتي المبكرة، حين كانت تأخذني جدّتي إلى عيادته عندما أصاب بوعكة صحّيّة، وقد عرف عنه أنّه طبيب الفقراء، حيث لم يكن يتقاضى أجرا من المرضى الذين كان يرى علامات الفقر والبؤس عليهم وعلى ذويهم، بل إنّه كان يعطيهم مجانا الأدوية التي كان يحصل عليها من شركات الأدوية ومن موزّعيها.
وبعد حرب عام 1967 بأسابيع قليلة، شاهدت الفقيد الرّاحل بصحبة الطبيبين الرّاحلين أمين الخطيب ونبيه معمر مع موظّفين من الصليب الأحمر يجمعون رفات الجنود الأردنيّين الذي سقطوا إلى قمّة المجد على قمّة جبل المكبر في حرب حزيران 1967 العدوانية. وأرشدتهم إلى الأماكن التي تواجدت فيها جثامين الشّهداء، وشاركت معهم في جمع رفاتهم. حيث تمّ دفنهم في مقبرة جماعيّة في المقبرة القريبة من باب الأسباط، حيث أقيم عليها ضريح تخليدا لذكراهم.
والطبيب غوشة أحد مؤسسي جمعية المقاصد الخيريّة عام 1954 مع الرّاحل محمود حبيّة، والتي أنشأت مستشفى المقاصد الخيريّة في القدس، ومدرسة الأمّة في بلدة الرّام. ولأنّه يحظى بشعبيّة واسعة في القدس، فقد انتخب بأعلى الأصوات عام 1959م في المجلس البلدي للمدينة.
والطبيب الرّاحل ولد في القدس عام 1929 من أسرة مقدسيّة عريقة. والتقيته في معتقل المسكوبيّة الرّهيب في القدس في شهر نيسان –ابريل- 1969. ولا أنسى أنّه قدّم لي بحنوّ أبويّ ملابس داخلية وقميصا أبيض اللون لأغير ملابسي بعد أن مررت بتحقيق قاس استمرّ شهرا لم تتح لي الفرصة فيه للاستحمام أو تغيير أو ملابسي فيه.
وجرى ابعاده إلى الأردن عام 1971 بعد أن حكم 12 عاما.
والفقيد الطبيب صبحي غوشة علم من أعلام القدس بشكل خاصّ وفلسطين بشكل عامّ، وعرف عنه أنّه واحد من نشطاء حركة القوميّين العرب منذ كان فتي يافعا وطالبا للطّبّ في الجامعة الأمريكيّة في بيروت، بل إنّه أحد القادة المؤسّسين لهذه الحركة في الأردن. وبعد حرب عام 1967 العدوانيّة كان المؤسّس الرّئيس لجبهة النّضال الشّعبيّ.
ورغم ابعاد الطبيب غوشة عن أرض الوطن، ورغم إصابته عدّة مرّات بالجلطة القلبيّة إلا أنّه واصل نضاله، ولم ينس مدينته التي ولد وشبّ فيها، فالمدينة تسكنه كما ولد وسكن فيها، ومن نشاطاته أنّه أسّس عام 1991 في عمّان جمعية "يوم القدس، والذي يقيم فيها مهرجانا حول القدس في 2 اكتوبر من كلّ عام، وهذا تاريخ تحرير صلاح الدّين الأيوبي للقدس من احتلال الفرنجة لها في العام 1187م. ورغم مشاغله وارتباطاته الكثيرة فإنّه ألف عددا من الكتب منها:
- شمسنا لن تغيب- حيث صدر في الكويت عام 1987، وأعيدت طباعته في القدس عام 2007.
- الشمس من النافذة العالية- وجوه في رحلة النّضالوالسجن، مؤسّسة الأبحاث العربية- بيروت 1988.
- الحياة الاجتماعيّة في القدس في القرن العشرين-وزارة الثّقافة الفلسطينيّة-رام الله 2010.
فإلى جنات الخلود أيها الفقيد الغالي.وسيقى اسمك خالدا في تاريخ شعبك وأمّتك.
30-4-2019