يتظاهر الاربعاء العشرات من الصيادين أمام وزارة المالية بالقدس، وذلك احتجاجاً وتنديداً للقيود التي فرضتها وزارة الزراعة على القطاع العام للصيادين قبل ثلاثة اعوام وبالتحديد عام 2016، للحفاظ على الموروث العام وتمكين تنمية الصيادين وتطوير فرع صيد الاسماك وحمايته من الاندثار في ظل القيود التي فُرضت على الصيادين.
وفي حديث لمراسلنا مع المتحدث باسم منظمة الصيادين القطرية سامي جربان قال لموقع "كل العرب": بالتعاون مع شركة حماية الطبيعة وسلطة الطبيعة والحدائق وبذريعة الإصلاح والحفاظ على البيئة البحرية فرضت تضييقات على الصيادين وتشمل تقليص محال وأماكن الصيد داخل البحر".وأضاف:" حظر الصيد فترة شهرين خلال السنة وخصوصاً فترة تكاثر الأسماك وهي فترة تختلف من نوع سمك لآخر، قلّصت عدد قوارب الصيد، ومنعت إستخدام أنواع شباك ومعدات صيد تقليدية، منع سفن الصيد بأسلوب القلنسوة الصيد من الطنطورة شمالاً، ناهيك عن تحديد أحجام الصيد المسموح اصطيادها ونيّة وزارة البيئة والمنظمات الخضراء توسيع قائمة الأسماك المحميّة وضم أسماك اللوكس والتونا للقائمة، وهي أسماك أساسية ومركزية في غلّة الصياد ولها مردود مالي جيد على الصياد".
القضاء على الصيادين
وتابع جربان:" ليس هذا فحسب، سلطة الطبيعة والحدائق تقترح مخططات لإقامة محميات طبيعية بحرية جديدة فضلاً عن القائمة، وهذا سيقلص من الحيّز البحري للصيد ونحن قدمنا إعتراضات مهنّية على مخطط "رأس الكرمل" ومخططات أخرى، لأن هذه الخطوة ستقضي على الصيادين".وأكمل:" المجال البحري المعدّ للصيد والمفتوح أمام الصيادين اليوم، بالكاد يصل إلى 10% من شواطئ البلاد، والمتاح ليس غنياً بالثروة السمكية. أكثر من 60% من الحيز البحري تحت سيطرة البحرية الإسرائيلية ويعتبر مناطق عسكرية ونار، قسم أخر موانئ تجارية، شواطئ سباحة مرخصة، حركة سفن تجارية، محميات طبيعية، منصات لاستخراج الغاز بعرض البحر، مصبات أنهر ووديان ومصانع ومحطات توليد الطاقة، كل هذه الأماكن مغلقة أمام الصياد ويحظر دخولها والصيد فيها، فكيف للصياد أن يعيش في ظل هذه القيود".
حماية الموروث.. للبقاء
واردف إن:" العوامل التي أثرت على البيئة وتضر بالأسماك كثيرة ومنها: المصانع ومحطات توليد الطاقة والغاز والجيش وغيرها، ولكن الجهات المختصة اختارت القاء المسؤولية على الحلقة المستضعفة على جمهور الصيادين، الذين بالكاد يمسون في 3% من الثروة السمكية، وتجاهلت عمدا العوامل الخطيرة والحقيقية، عمدا لأن مالكيها أثرياء وأصحاب نفوذ أو رسمية حكومية، هذا الواقع يستدعي منا نضالا ممنهجا ومدروسا وفق استراتيجية واضحة لتحقيق الأهداف وحماية الموروث، وهذا ما نقوم به في منظمة الصيادين العامين الأخيرين، فنضالنا على كل الأصعدة".
الظروف الصعبة والتهميش
وذكر:" الصيادون في البلاد عربا ويهودا، والغالبية بطبيعة الحال عربا، يعانون منذ عقود من إهمال وتهميش، ولا يحصلون على أي دعم ويعملون في ظروف صعبة، بعض الموانئ تفتقر للمقومات الأساسية كالكهرباء والماء والرصيف وكاسر الأمواج، ومن يتواجدون في موانئ حديثة مثل يافا وحيفا وعكا يعانون من تضييقات البلدية والسلطات المختلفة التي تسعى لاقتلاعهم من خلال مخططات التطوير السياحي وغيرها".واضاف:" يتكبد الصيادون أضرارا كبيرة خلال عملهم بالبحر بفعل الأمواج العاتية والعواصف والبحرية الإسرائيلية، والملوثات التي تمس بالثروة السمكية، ورغم ذلك يؤدون واجباتهم المنصوص عليها بالقانون ويدفعون الرسوم ويستصدرون الرخص اللازمة، ولكن لا يحصلون على أدنى مساعدة. وزارة الزراعة لم تستثمر في المجال ميزانيات منذ 4 عقود ولم تعمل على تطوير الفرع والنهوض بالصيادين، بل العكس سياستها تثبت أنها تريد الإجهاز على المهنة والموروث".
تأمين لقمة العيش
وذكر أن:" الآلاف من الصيادين العرب اعتمدوا لسنوات على مهنة الصيد كمصدر معيشة أساسي، ولكن بفعل الإهمال والتهميش وسياسة الخنق وفرض نظم صارمة، ترك وهجر المهنة المئات في العقود الأخيرة، إذ أصبح من الصعب تأمين لقمة العيش للأبناء والبنات من الصيد، واضطروا للبحث عن مصدر معيشة أخر مع الحفاظ على العلاقة مع البحر والموروث".
وأكمل:" اليوم عدد الصيادين المحترفين الذين يعتمدون على مهنة الصيد يصل لنحو 1500 صياد فقط، ونحن نحارب للحافظ عليهم وتحسين ظروفهم ودعمهم، لأن الصيد ليس مجرد مهنة فقط، بل هو موروث وجزء من هويتنا وثقافتنا وتاريخنا".
تدمير مهنة الصيد
وطالب سامي جربان:" مطالبنا أساسيّة وهامّة في سبيل استمرار بقاء القطاع، فنحن نطالب بتخصيص ميزانيات وهبات للقطاع وللصيادين، لتطويره وتحسينه واجراء الإصلاحات اللازمة كما في دول أوروبية، لجانب تخصيص ميزانية لتعويض الصيادين مقابل فترة حظر الصيد مدة شهرين كل عام. المنطق السليم يقول أنه في حال حرمت أي إنسان ومواطن من ممارسة مهنته بقوة القانون فيجب أن توفر له بديلا، وهذا مطلب أساسي".
وأكمل بالمطالب قائلاً:" كما نطالب وزارة الزراعة بوضع خطة عمل سنوّية للنهوض في قطاع الصيد لجانب أعداد تصور مستقبلي حول مصير القطاع والصيادين وكيفية تنمية الصيادين بالتعاون مع أهل الاختصاص والصيادين طبعاً، واضحاً وتوقف فوراً سياستها التي تهدف لتدمير مهنة صيد الأسماك ونسف الموروث".
خيارنا الوحيد هو الانتصار
وعن الرسالة التي يوجهها قال جربان:" رسالتي واضحة، نحن أمام معركة بقاء ووجود، ولا خيار لنا إلا الإنتصار للحفاظ على الموروث التاريخي والثقافي ولحماية الصيادين وتطوير القطاع، وهذا النضال ليس شأن الصيادين وحدهم، بل هو شأن كل إنسان يحب البحر وله علاقة مع البحر من تجار أسماك ومعدات صيد، أصحاب مطاعم وهواة الرياضة البحرية، لأن القيود التي فرضت على الصيادين المحترفين هي فقط البداية وستنال منهم أيضا في حال صمتوا ولم يتصدوا لها ولم يتضامنوا مع نضالنا العادل".
وإختتم كلامة قائلاً:" ندعو الهيئات التمثيليّة والحركات السياسيّة والاجتماعيّة والنقابيّة، والنوّاب العرب والجمعيات الـأهلية والحقوقيّة وأبناء مجتمعنا بكل مركباته إلى التماثل معنا في معركتنا المصيرية، لأن نضالنا الذي يهدف حماية رمز من رموز الوجود العربي على الساحل، والحفاظ على مصدر رزق مئات العائلات هو نضال وطني وإنساني من الدرجة الـأولى، فالبحر حياتنا ومصدر رزقنا والصيد هويتنا وموروثنا".