خالد خليفة في مقاله:
هذه الورشة هي المقدمة الأولى لصفقة القرن التي ممكن أن تتحقق في حال استطاعت الولايات المتحدة ان تنتزع هذه الأموال من الدول الخليجية وتضخها للمحتل الإسرائيلي
استمرت أعمال ورشة اليمامة يومين متتاليين فقط، ولكن الإدارة الأمريكية كانت تحضر بما سمي بصفقة القرن سنتين متتاليتين، أي منذ دخول ترامب البيت الأبيض. وخلال تلك القمة والتي سميت لاحقا ب "ورشة المنامة" حاول مخططي السياسة الأمريكية ومساعدي ترامب غالبيتهن من اليهود الأمريكيين (كوشنير جريمبلات وفريدمان) الترويج والتحضير لهذه الصفقة على الحل الأفضل لقضية الشرق الأوسط، وبالتحديد القضية الفلسطينية. هذا وروج هؤلاء المخططين وعلى رأسهم كوشنير أن حل القضية الفلسطينية يكمن بتوفير 50 مليار دولار كأموال تضخ للفلسطينيين على شكل منح وقروض وتعطى للفلسطينيين من الدول العربية الغنية بالنفط، وبعض الدول الأوروبي. ويسود الاعتقاد بين بعض الإعلاميين والصحافيين أن هذا المبلغ الذي خصص لحل القضية الفلسطينية يساوي المبلغ الذي استطاعت طليقة مؤسس موقع أمازون الحصول عليه بعد الانفصال عن زوجها جيف بيزوس بعد زواج دام 24 عام. حيث حصلت ميكانزي على 46 مليار دولار مقابل حصتها من شركة أمازون التي بلغت حوالي 200 مليار دولار. وهنالك اعتقاد بأن السياسة الأمريكية في عصر دونالد ترامب قد تم خصخصتها لمستشاريه اليهود وعلى رأسهم كوشنير أولا ثم السفير الأمريكي دافيد فريدمان القاطن في اسرائيل. انم كل الفضائح التي حامت حول انتخاب ترامب والتي تبنيت في تحقيقات لجنة موليير تفيد بان ترامب أصبح رئيسا بالصدفة بعد أن وعد ممولي حركته الانتخابية بان يبيع كل ما يملك من تأثير في السياسة الخارجية لهؤلاء الممولين.
فشيلدون اديلسون يهودي الأصل, المتزوج من الإسرائيلية ميريام اديلسون يعتبر من اكبر الداعمين لحملة دونالد ترامب. ويقدر الدعم الذي منحه لحملته الانتخابية بحوالي 300 مليون دولار وهنالك آخرين من يهود أمريكا الذين صبوا له الدعم في حملته الانتخابية. اما فريدمان فيعتبر قبل ان يكون سفيرا من اكبر المستشارين له في حملته الانتخابية وكان محاميا ومستشارا في شؤون العقارات لشركة ترامب في نيو يورك. أما كوشنير فيعتبر صهره وزوج لابنته المحبوبة. ويعتبر القاسم المشترك لكافة مستشاريه اليهود أنهم أبناء لعائلة يهودية متزمتة, ويؤمنون بإسرائيل وكيانها كأرض لليهود. وأكبر مثال على ذالك عندما قام ترامب بزيارة القدس قبل عام, رفض مرافقة أي مندوب إسرائيلي لزيارة حائط المبكى كون هذا يمس بالجانب الفلسطيني. لكن دافيد فريدمان والذي دفع باعتراف القدس كعاصمة إسرائيل الأبدية سوف يفتتح طريق الحج المؤدية إلى الحرم الإبراهيمي يوم الأحد المقبل. حيث سيرفع العلم الأمريكي ويرافقه جنود إسرائيليين هناك. ما أريد قوله هو أن فريدمان وكوشنير يعبثون بالسياسية الأمريكية بدعمهم لإسرائيل بشكل اقوي من ترامب نفسه. فان اردت التعرف على المواقف الامريكية في الشرق الأوسط, فعلينا متابعة تصريحات وأقوال دافيد فريدمان وكوشنير. واكبر مثال على ذالك ما تم من هذه التصريحات في المنامة وفي الجزيرة, في خضم هذه الورشة.
ويعتبر الرفض الفلسطيني القاطع بالاشتراك في هذه القمة أمر يحتذى به, حيث انه لا وجود للفلسطينيين في مثل هذه القمة التي نظمتها الإدارة الامريكية على عجل ونظمتها بمشاركة حلفائها وعملائها في المنطقة, والذين تحاول ان تعطيهم الانطباع بانهم موجودين في ضائقة استراتيجية تسمى ايران. حيث تستعمل الشماعة الايرانية وعملية اغتيال جمال خاشقجي لتخويف الادارة السعودية المتحالفة مع الولايات المتحدة وادارة كل من دولة الإمارات والبحرين حيث يجثم الأسطول الخامس في مياهها الإقليمية. وبهذا الاطار فان المطلب الامريكي واضح من هذه الدول ويطالبها بالتخلي عن القضية الفلسطينية والتطبيع مع اسرائيل. وهذا ما كان في قمة المنامة. أما المثير في الأمر فهو إيجاد الفلسطينيين الذين شاركوا في هذا القمة ولكن علينا الاعتراف بانهم كانوا قلائل. وهم محسوبين ومقربين من هذه الإدارة الأسيرة بأيدي اسرائيل وعلى رأسهم رجل الاعمال الفلسطيني أشرف الجعبري التي تربطه علاقات وطيدة بالسفير دافيد فريدمان، وهو من القائمين على المنطقة الصناعية في كريات اربع بحيث يجلب العمال الفلسطينيين الى هناك إضافة الى رجل الأعمال تشارلز طويل والذي يحمل الجنسية الإسرائيلية والأمريكية وأصله من الناصرة بحيث عرفته الصحافة الإسرائيلية على انه رجل أعمال نصراوي ولكنه رجل مقرب من هذه الإدارة, وقد أعطى شهادة في لجنة تحقيق موليير المتعلقة بشبهات تدخل روسي في انتخاب ترامب. ويعتبر تشارلز طويل على الرغم من انه يحمل جنسية إسرائيلية وأمريكية ويملك بيتا في هيرتسليا هو غير معروف للجالية الفلسطينية. أما محمد العبار فتصريحاته في المنامة كانت مشبوهة ولا تمت للفلسطينيين بصلة وفي سياق مقابلة مطولة مع دافيد فريدمان في شبكة الجزيرة في برنامج من واشنطون بثت قبل يومين من انعقاد الورشة. كشف السفير الامريكي دافيد فريدمان للجزيرة هو ان هدف الورشة هو ضخ اموال غير امريكية خاصة من الخليج لبناء بنى تحتية للفلسطينين القابعين تحت الاحتلال بهدف تحسين مستوى معيشتهم.
وهي نفس الافكار التي طرحت في منتصف السبعينات على روابط القرى في الخليل والتي تمثلت بياجاد فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة انذاك. ان دافيد فريدمان الذي قال عن نفسه انه ابنن لحاخام يهودي يريد ان يضخ هذه الاموال الغير امريكية والعربية بالتحديد الى اسرائيل الدولة المحتلة والتي ستقرر كيفية صرف الأموال لهذه المناطق, بعد أن تختزل المناطق التي استولت عليها إسرائيل وأسكنت فيها المستوطنون واستولت من اجل ذالك على 40% من أراضي الضفة الغربية.
أن هذه الورشة هي المقدمة الأولى لصفقة القرن التي ممكن أن تتحقق في حال استطاعت الولايات المتحدة ان تنتزع هذه الأموال من الدول الخليجية وتضخها للمحتل الإسرائيلي كي يبني فيها المشاريع ويستمر الاحتلال لأطول وقت ممكن.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com