بروفيسور محمد حجيرات:
موقف "لجنة الوفاق" المتذبذب، غير الحازم، غير المدروس والمتسرع جعل مشكلة التمثيل البرلماني تطفو على السطح من جديد
"عماد" موظف كبير في وزارة المعارف، دُعي الى اجتماع في "مدرسة ابن سيناء – الابتدائية" في بلدة شمال البلاد. منذ سُويعات وهو يتحرك في شوارع البلدة في دوائر، تبدأ ولا تنتهي، كمتاهة في فيلم "هاري بوتر". لم يبق في البلدة شخص الا وسأله ليصل الى المدرسة. الجميع يجيبه: هناك عدة مدارس ابتدائية، "مدرسة أبو علي", "مدرسة أبو النعاج", "مدرسة فارس فرج", مدرسة "سامية عمران"، أيها تقصد ...؟
هناك ظاهرة غريبة في البلدات العربية، فما ان تمر سنوات على تبوأ أحدهم لوظيفة في مؤسسة جماهيرية حتى تصبح هذه المؤسسة التي يترأسها وكأنها تَرِكَة ورثها عن ابائه واجداده ويصبح هو الملك غير المتوّج فيها والآمر الناهي. حتى انه في النهاية يتعود الجميع على القول انها مؤسسة فلان او مؤسسة علان. كان على "عماد" ان يستخدم تطبيق الوويز ليصل الى ضالته.
قبل سنوات، ومن اجل الارتقاء في المجتمع العربي الى أسلوب العمل الجماعي وتفاديًا لإمكانية ان لا يكون تمثيل للجماهير العربية في البرلمان الإسرائيلي قامت من العدم "لجنة الوفاق", فرحت الجماهير العربية لهذا الفجر الجديد المنبثق والذي يبشر بأفق جديد للأقلية القومية العربية في هذه البلاد. لم يشارك احدًا في اختيار الشخصيات ولكنها كانت البداية وفرح الجميع عندما أصدروا بيان الكراسي المتحركة وظهر الصدع سريعًا حينما اختلف نواب المشتركة على من يجلس على الكرسي الذي ترُك شاغرًا بسبب الكوارث الطبيعية.
وللأسف قبعت "لجنة الوفاق" في سبات عميق خلال الانتخابات الأخيرة، ولأنها غير منتخبة لم تملك القدرة والصلاحية على فعل شيء لأنها فقدت مصداقيتها امام جماهير الأقلية العربية. كان عليها ان تقف موقفًا حازمًا مع اقطاب المشتركة الذي تصارعوا على الكراسي فكادوا ان يغرقوا ويُغرقوا الجماهير العربية في رمال "الأنا" المتحركة، ولكن الجماهير العربية اصغت لصراخهم واسترحامهم وأعادت واجلستهم على عروشهم المهترئة. شاء القدير ان يعطي للإنسان فرصة أخرى ليعود ويبني مستقبله ويصلح ماضيه. فجأة وبدون انذار عادت "لجنة الوفاق" وكأنها بُعثت من جديد، ولكنها لم تتعلم الدرس من التجربة الانسانية مع القدير. كان عليها ان تعلم ان القائمة المشتركة ليست تَرِكَة لمكوناتها الأربعة، بل هي ملك وتاريخ الجماهير العربية المتعطش لبناء مجتمع ديموقراطي حديث، ديمقراطي وراقٍ.
موقف "لجنة الوفاق" المتذبذب، غير الحازم، غير المدروس والمتسرع جعل مشكلة التمثيل البرلماني تطفو على السطح من جديد. وقد تفاجأنا "لجنة الوفاق" مرة أخرى بطرح قضية التناوب بين الأقطاب الأربعة الازلية لتعود المشكلة مرة أخرى تطفو على السطح.كان على "لجنة الوفاق", وانا شخصيًا أجل واحترم أعضائها، ان تكون حازمة في قراراتها وان تقدمها لجماهير المجتمع العربي: أولا، ان يكتفي أقطاب المشتركة بما حصلوا عليه في الانتخابات الأخيرة. ثم من المكان الحادي عشر حتى العشرون تطعيمها بشخصيات فعالة علميًا، دينيًا، اجتماعيًا واقتصاديًا لحث الجماهير العربية للتوجه لصناديق الاقتراع وزيادة التمثيل العربي في البرلمان.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com