الابن الطبيب:
والدتي الفاضلة تعاني من فشل كلوي منذ خمس سنوات، ولكن في السنة الأخيرة استاءت حالتها الصحية، واحتاجت إلى دياليزا، فإما أن تغسل الكلى كل حياتها أو نتبرع لها بكلية
"المهم عندي كان إنقاذ والدتي.. ألا تستحق مني كلية بعد عناء السنين والتربية الفاضلة لي ولأخوتي؟!"، هذا ما قاله لـ"كل العرب" الطبيب د. كمال أبو عرار، ابن بلدة عرعرة النقب، الذي تبرّع مطلع الشهر الجاري بكلية لوالدته الحاجة عائشة (أم جاسر)، ابنة الـ69 عاما.
وتابع قائلا: "والدتي الفاضلة تعاني من فشل كلوي منذ خمس سنوات، ولكن في السنة الأخيرة ساءت حالتها الصحية، واحتاجت إلى دياليزا، فإما أن تغسل الكلى كل حياتها أو نتبرع لها بكلية".
وأم جاسر لها 12 ولدا – 6 بنات و-6 بنين – حيث اتضح بعد الفحص أنّ أربعة من أولادها يستطيعون التبرع لها بكلية. كانت هناك جلسة مباحثات سريعة بين الأولاد، وقرر "آخر العنقود" الدكتور كمال أن يكون هو المتبرع، رغم رفض أخوانه له ورغم رفض الوالدة. كمال، ابن الـ31 عاما، متزوج وله ثلاثة أطفال – ولدان وبنت. ويضيف في حديثه لمراسلنا: "القرار كان سريعا، رغم معارضة أخواني ووالدتي. كان المهم عندي إنقاذ حياة والدتي. كان الضغط كبيرا، وقالوا إنّ وضعنا المادي جيد والحمد لله، وباستطاعتنا شراء كلية وزراعتها في تركيا، ولكنني رفضت.. بعد ثلاثين عاما من تربيتنا ونشتري لها كلية؟! هذا أقل ما يمكن أن نعمله من أجلها. كانت أمامي طريق صعبة لاقناع والدتي التي خافت عليّ رغم أن الأطباء والأخصائيين قالوا أنه لا يوجد خطر وباستطاعتي أن أعيش بكلية واحدة. في النهاية قلت لها، إذا لم تقبلي كليتي فأنني سأتبرع بها لشخص آخر محتاج، وهذا ما أقنعها وبالتالي وافقت حيث تمّ إجراء العملية الجراحية بنجاح يوم 1 يوليو/تموز الماضي".
وقد عقد لقاء مؤثر جدا في مستشفى سوروكا بئر السبع، بين الحاجة عائشة وابنها الدكتور كمال وطاقم المستشفى الذي أجرى عملية زراعة الكلية.
وقد أجرى العملية طاقم طبي برئاسة البروفيسور يوسف حبيب، مدير القسم والدكتور بوريس روغتشوف مدير خدمة زراعة الأعضاء، والدكتورة البيرا رومنيوك برفقة طاقم الأطباء الدكتور عبد الرحمن أبو غنيم – المختص في زراعة الأعضاء - والدكتور عوز ياكير
الحاجة أم جاسر لا تتوقف ساعة عن الدعاء لإبنها، رغم أنه لا يرى الحاجة إلى الشكر ويقول "أنا من سأشكرك طيلة حياتي، فهل أبخل عليك بشيء بسيط من جسدي؟!".
وتقول الحاجة عائشة: "أولا أشكر ابني الذي أنقذ حياتي. واضح أن الأم تتبرع لإبنها، ولكن أن يتبرع الإبن لوالدته فهو شيء مختلف. أشكر الطاقم الطبي في مستشفى سوروكا والدكتور عبد أبو غنيم الذي رافقنا طيلة فترة العلاج. الله يرضى عليه دنيا وآخرة".
د. أبو غنيم لخص بالقول: "هناك زيادة كبيرة في نسبة المتبرعين بالأعضاء خلال السنوات الأخيرة، وهنا نتحدث عن حالة مؤثرة جدا حيث ابن يتبرع لوالدته. نسبة النجاح في هذه الحالات كبيرة جدا، وفقا للنسبة العالمية".