كثيراً ما يقع جدل في مجموعات من الناس لدى لقائها او في مناسبات معينه اما اجتماعيه, عائليه وربما سياسيه في بعض الاحيان, وكذلك لقاء الناس يكون ايضاً صدفةً بدون ترتيب مُسْبَق, وغالباً ما يترتب لها للتداول في موضوع او ظاهره اجتماعيه, مناقشتها وبحث جوانبها, وقد يؤدي ذلك الى البتِ فيها او ابداء رأي او اكثر حيالها.
وربما تكون هذه اللقاءات صاخبه ومليئة بالآراء المتضاربة او بالتوافق على بحث معين لموضوع ما, او لإشكال يستوجب الحل, وفي مثل هذه اللقاءات قد تدخل مركبات انسانيه, ادبيه خلاقة كالمروءة, الذوق, واللسان وامور اخرى اخذت في نظري في الظروف التي يحياها الناس تتراجع من حيث اصوليتها واستطيع القول انها تتأكل بفعل عامل الزمن, وبتأثير المستجدات والاستحداثات الالكترونية التي تأخذ مأخذها مما ذكر.
وقد جاء قول محمد بن عمران التميمي في المروءة على سبيل المثال:" ما من شيء اشد من حمل المروءة" فَسُئِل: وما هي المروءة؟ قال: ان تعمل في السر شيئا تستحي منه في العلانية وما الى ذلك من عمق معاني المروءة.
فاذا القينا نظرة ثاقبه موضوعيه بريئة وصادقة في المجتمع الان وتخيلنا المروءة من هذا القول فكم يمكننا من خلال ملاحظاتنا الخاصة ان نتعرف على مدى التآكل في المروءة, والامور التي تدل على ذلك لا حصر لها, هذا طبعاً اذا احكمنا نظراتنا وصوبناها جيداً فلا بد من استنباط الكثير الكثير من التآكل في هذا المضمار.
اما للذوق فدورٌ كبير في مثل اللقاءات التي اشرت اليها في مستهل المقالة فالذوق على سبيل المثال: ليس ان تحب شيئاً جميلاً فقط, بل ان لا تستقبح ما يحبه الناس حتى لو لم تكن تُحبهُ انت ايها الانسان.
وفي هذا المجال ترى ايها الانسان من خلال تعمقك في معنى الذوق ومن خلال ما ذكرت عن الذوق بدون معاون او مساعد اذا ملكت القدرة على التعمق بصدق لسمعت هذا الذوق يهمس في اذنك مستنجداً وتخاله يقول: انا مظلوم وما بقى من معانيّ الأكيدة شيء الا وقد تآكل, فكثيرون يستقبحون ما يحبه الاخرون دون ان يكون ذلك على حسابهم, فلماذا وخاصة عند لم يُطلب منك ان تحب ذلك او تكره عزيزي القارئ!!
وفي هذا المضمار لا يختلف اثنان في ان اللسان له دور كبير في المروءة وفي الذوق حيث ان المرء مخبوء تحت لسانه, لأنك اذا تكلمت ظهرت للناس حقيقة شخصيتك, فحاول الا يسبق لسانك عقلك, فكر قبل ان تنطق, وزن الامور قبل طرحها على المستمعين, وكثيرون للأسف بطلب او بغير طلب تسمعهم وتراهم يطلقون العنان للسانهم فهم في كثير من المواضع لا يكونون قدّ الكلام, وهذا ليس غريب في ثنايا وشرائح المجتمع التي نعيشها هذه الايام, وكذلك عليك ايها الانسان الا تستخف بالكلمة فكم احيت الكلمة نفوسا واماتت غيرها؟ وكذلك عزيزي القارئ اياك ان تغضب ويطيح لسانك بهذا او ذاك, لان اللسان عند الغضب أشَدُ من السيف البطار إيلاماً, وتكون انت ايها الانسان اصغر بكثير من كلامك عند الغضب وربما اكبر لان عليك ان تتمتع بالقدرة على الاعتذار اذا زللت واذا اخطأت لان الاعتذار اهون بكثير من ان يلاحظ الناس ضعفك امام غضبك الذي يكشفك على حقيقتك مهما تخيلت انك لست كذلك, فلا ريب في الاشارة الى ان تآكلاً ما في تفوهات اللسان قد يسيء للآخرين وهو في كثير من الاحيان في غير مكانه, هنا يستوجب التروي والحذر...
فمن اجل هذا كله وبدون ادنى شك, يترتب على الانسان ان يتحلى بالكثير من الامور التي قد تضعُ حداً للتآكل في تفوهات قد يقصد بها المس او التشهير بالآخرين, فبدلاً من مثل هذا الكلام وغيره يترتب على الانسان العاقل ان يدرك مقدار نفسه ويتفوه دائماً بالكلمة الطيبة تجاه ذويه وتجاه اقاربه واصدقائه, وكذلك يحترم افكار الغير حتى لو لم تطابق افكاره هو , واكثر من ذلك الا يسخر المرء من الاخرين, وقد يكون في بعض الاحيان هو نفسه اقل من درجاتهم على اختلافها, وعندها يترتب ايضاً مراعاة المشاعر وتقديرها, فيكون ذلك متبادلاً ايضاً, عندها في رأيي يمكن تحسين الاحوال والتغاضي عن الصغائر نزولا عند النوايا الحسنه وانتشارها بين الناس وتسود المجتمع نوايا صافية واحوال اكثرُ حسناً.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com