أرضي تحدّثُ أخبارَها
شعر: صالح أحمد (كناعنة)
///
حَدّث حَديثُكَ يا ذا الحُرُّ يُحييني
وانفُخ فَروحُكَ ما تَرجو شَراييني
أمطِر جُموعًا وزَلزِل أرضَنا الظَّمأى
حُبًا تَشَقَّقُ عن وَردي ونِسريني
أمطِر
ليَعلَمَ مَن مِن جوعِنا كَنَزوا
أنّا سَئِمنا ائتِمارَ الوَغدِ والدّونِ
أمطِر
فأرضي دُهورًا ظَلَّ يُمطِرُها
الباغي وُعودًا فيُضنيها ويُضنيني
أمطِر
فأرضي نزيفَ الحُرِّ تَعشَقُهُ
يَمحو جنونَ الهوى غرسَ السَّلاطينِ
أمطِر
ربوعُ بلادي كلُّها ظَمأى
والخَيرُ يُنهَبُ من طاغٍ ومأفونِ
واصرُخ أُخَيَّ فصوتُ الحُرِّ يَسمَعُهُ
قَلبُ التُّرابِ فيَحيا بي ويُحييني
زَلزِل عُروشًا يَمَجُّ الدّودُ جيفَتَها
تَشقى ضَلالاً وصبري ليسَ يُشقيني
زلزِل لِبيدي وهُزَّ السَّهلَ والجَبَلا
تحتَ الأُلى نَهَبوا خُبزَ المَساكينِ
زلزِل وذَكِّر إذا ما الأرضُ زَلزَلَها
ربُّ العُروشِ ونادى: شاهِدًا كوني
قامَت تُحَدِّثُ من أخبارِ ما احتَمَلَت
والكلُّ يَصرُخُ: واهٍ! ما يُنجّيني؟
قد عشتُ أكنزُ ميراثًا شَقيتُ بهِ
خَرجتُ صِفرًا؛ بلا دنيا ولا دينِ
أينَ الكنوزُ وقد عادَت لِخالِقِها؟
هل في الأحِبَّةِ مَن يَرضى فَيفديني؟
صوتُ الضّراعَةِ مَخنوقٌ بِأورِدَتي
أرجو فَيَـنبُذُني مَن كانَ يَرجوني
أذقتُ قومِيَ مِن ذلٍ وكنتُ بهِ
أرجو شُموخًا فعادَ الذُّلَّ يَسقيني
والشّعبُ يَنهَضُ في فَجرٍ يُحاصِرُني
بالصّوتِ فَجَّرَ زِلزالَ المَيادينِ
صوتٌ يُعيدُ إلى التّاريخِ نُضرَتَهُ
لِيَصعَدَ الشّعبُ في مَرقاتِهِ دوني
هذا الطّريقُ عَريضٌ لا مَكانَ بهِ
للجاهِلينَ صَدى مَأساةِ قارونِ
اللائِذينَ إلى وَهمٍ يُخَلّصُهُم
والموجُ يَصخَبُ من نَزفِ المَلايينِ
وفي المدى لُغَةٌ تدعو مُواطِنَها
اركَب
لِنَعبُرَ من تيهي لِزيتوني
اركَبَ
لنَنجو معًا مِن كلِّ نازِلَةٍ
تَبقى غَوائلُها ظُلمًا تُقاويني
اركب
فإن المدى يحتاجُ نَهضَتَنا
نمحو جنونَ الصّدى من بَطشِ قايينِ
اركب
لأنّا الألى من جُرحِهِم صنَعوا
مجدَ الشّعوبِ بيَرموكي وحِطّيني
الحَقْ بِرَكبي فَما في الظُّلمِ مُعتَصَمٌ
حُبُّ الحياةِ أبى يَأتي بِمَضمـونِ
مهما صَبَرتُ عَلى جُرحي سَيغلبُني
صوتُ الضَّميرِ غَدا للفَجرِ يَحدوني
لأصنَعَ المَجدَ تَهواني مَنازِلُهُ
مَهما اغتَربتُ، وأدعوها تُلَبيني
::::: ضالح أحمد (كناعنة) :::::