الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 08:01

كلنا كذابون/ بقلم: إبراهيم أبو صعلوك

إبراهيم أبو صعلوك
نُشر: 09/10/19 17:19,  حُتلن: 21:30

إبراهيم أبو صعلوك في مقاله:

اعتدنا وللأسف رمي جريرة فشلنا كمجتمع، في التمسك بعروبتنا وتقاليدنا وشرفنا العربي الأصيل، على غيرنا حتى أصبحنا نردد كالببغاء بشكل لا شعوري "الشرطة لا تفعل شيئا في سبيل القضاء على الجريمة في مجتمعنا" 

قيل قديما في الأمثال، فيمن يعلم الحقيقة ويتعامى عنها، ولا أقول يتغاضى عنها " أنت بتشوف الذيب وبتقص على أثره" وهذا المثل ينطبق على مجتمعنا العربي في الداخل اليوم أكثر من أي وقت مضى وخاصة في ظل تعالي الأصوات التي تنادي بالإضراب الخميس 03/10/2019 احتجاجا على تفشي العنف بين أوساط مجتمعنا العربي في البلاد. ليكن إضرابا لكن "على بال مين يلي بترقص في العتمة".

اعتدنا وللأسف رمي جريرة فشلنا كمجتمع، في التمسك بعروبتنا وتقاليدنا وشرفنا العربي الأصيل، على غيرنا حتى أصبحنا نردد كالببغاء بشكل لا شعوري "الشرطة لا تفعل شيئا في سبيل القضاء على الجريمة في مجتمعنا" فنحن في هذا الادعاء كمن قال (رمتني بدائها وانسلت).

قد يُفسر هذا الكلام كدفاع عن الشرطة، لا يُضيرني أن يفهم هكذا. لكن من حظي بزيارة قوات الشرطة لبيته أو لحيّة حتما لن يرضى بأن يتكرر هذا المشهد ولا هذه الزيارة التي لا تخلو من توجيه الإهانات للكبير والصغير والنساء والأطفال وطبعا لن يطالب الشرطة بتخليص مجتمعنا من العنف المستشري فيه.

الحل ليس لدى الشرطة، الحل لدينا نحن جميعا وليسأل كل منا نفسه بما في ذلك القيادات، وبصدق كم مره قاطع من يُعتقد أنه متورط أو مساعد في ارتكاب جريمة قتل، هذا إن لم يدافع أو يساند. لنكن رجالا على قدر المسؤولية التي اتصف بها العرب قديما قبل "التحضر" المزعوم، حين كان شرف العربي حتى في الجاهلية يأبى عليه أن يقتل غدرا وخلسة حتى قاتل أبيه.
ليقف كل منا اليوم قبل غد أمام مرآة ضميره مخاطبا نفسه بحق وصدق لماذا لم أقاطع المجرم لماذا أشاركه في أفراحه وأتراحه لماذا ولماذا ولماذا...

ويا ليت الأمر يتوقف عند مجاملة المجرم أو مساندته مجرد مجاملة فحسب بل تجد الأغلبية العظمى من أفراد المجتمع يساهم بأمواله في الدفاع عن المجرم تحت اسم الحمية القبلية أو "العصابية" نعم لأننا أصبحنا عصابات وليس عائلات من خلال تمويل الدفاع القضائي وغيره وغيرة.
يحدث كل ذلك في ظل تراجع دور المدرسة التي أصبحت هي الأخرى في بعض الأحيان ساحة قتال، وغياب دور الأم والأب فكل منهما منهمك مكب على هاتفه النقال لا يكاد يبادل أولاده كلمة لا بخير ولا بشر الكل معزول عن الكل، فزال الرادع الأدبي والأخلاقي وحلت محله ثقافة العنف المستمدة من الألعاب والبرامج التي يتداولها أطفالنا عبر هواتفهم النقالة التي أصبحت النادي والهادي.

أذكر بأننا كنا قبل عصر "التحضر والتمدن" المزعوم، عند ذهابنا إلى المدرسة صباحا نقبل أيادي والدينا وكذلك عندما نعود، ونقف عندما يدخل المعلم للصف احتراما وإجلالا له.
لم نكن آنذاك أقل رجولة من "أولاد اليوم" بل كنا أكثر أدبا واحتراما.
غياب هذه الثقافة "الدقة القديمة" واستبدالها بثقافة الدم والقتل "الدقة الحديثة" هو الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه من ضياع وتيه.
القضاء على هذا الشر المستطير، بين أيدينا وليس لدى الشرطة، أليس نحن خطر ديموغرافي. من هذا المنطلق لو قام كل واحد منا بخطوة صغيرة، ونبذ المجرم ولو بكلمة وقاطعه حتى لو كان أخيه، ليُظهر تصرف هذا المجرم وسلوكه على أنه أمرا معيبا شنيعا، لطُهر مجتمعنا من هذا البلاء لكن لن يحدث هذا لطالما بقينا "نرى الذيب ونقص على أثره" وما دام الحال هكذا ففعلا "كلنا كذابون".

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة

.