زينب أطرش:
هل التفكير البشرى يجب ان يصل الى هذا المستوى وان تكون لغتنا وثقافتنا هي العنف والقتل في مجتمعنا العربي؟
ان ما نرى ونشاهد من مظاهر للعنف في المجتمع العربي، يجعلنا نمنح بعضا من الوقت للتفكير في هذه المتاهة. لقد اصبحت حياة البشر في هذه الأيام، كمتاهة الحياة في الغابات وتعلل اخطاءها بخطأ الغير. لا أريد التحدث عن ارقام وابحاث، أُجريت ربما في مراكز للأبحاث والعلوم، او حتى في البرلمان الاسرائيلي، حول العنف والجريمة في المجتمع العربي، بل عن اسبابه ونتائجه، وما هي الاسباب التي تؤدي في النهاية الى انهاء حياة انسان معين عن طريق القتل المتعمد.
لقد أصبحنا نخفى وراء الشمس اسباب ظاهرة العنف وحالات الاجرام كي نواصل السير في طريق النجاح المشكوك به، ونتهم دائما الطرف الاخر بأنه المسبب لذلك لان الأسباب واضحة جداً، ومنها:
أولا: عدم تقبل الاخر كما هو "الاختلاف لا يفسد للودّ قضية".. عبارة كثيراَ ما سمعناها صغارا خاصة في مناهجنا التعليمية، لكنها تبدو لي الآن عبارة باهتة، لأنها كانت تُردَّد فقط من دون تطبيقها على الأرض الواقع إن غرس مبدأ احترام الاختلاف مع الآخر يجب أن يبدأ في سنٍ صغيرة، يُعلّم فيها الآباء أبناءهم.
ثانيا: وعامل الاقتصادي يلعب دور مهم ونسبيا بمحاولة وراء تفجير النزعات العنيفة
ثالثاً: لا شك بان رجال الدين لهم دور مهم في تقليص العنف في مجتمعنا فكانوا يصنعون الثورات إذا أرادوا وكان بمقدورهم تغير مسار التاريخ بأكمله.
رابعاً: وكما ان للمدارس ايضا دور مهم وفي المدارس ظاهرة العنف، سواء كان لفظياً أو معنوياً. هذه ظاهرة لا تكاد تخلو منها اَي مدرسة تقريباً، سواء كان العنف بين الطلاب أنفسهم، أو بين الطلاب والمدرسين، فيبقى العنف هو العنف، وهو سلوك قد طغى على المشهد التعليمي، وتجاوز كل الحدود، لدرجة أننا اعتدنا سماع بعض الحوادث العنيفة في المدارس.
خامسا: فإن للسلطات المحلية دور مهم ايضا. ودورها يتمثل في تعزيز الثقة وتشجيع الاجيال للخروج من دائرة الخوف والضعف. العنف لا يقف على سبب واحد او سببين او أكثر.
والسؤال هو: هل التفكير البشرى يجب ان يصل الى هذا المستوى وان تكون لغتنا وثقافتنا هي العنف والقتل في مجتمعنا العربي؟ سؤال يحوم في عقول وأفكار ابناءنا حول مستقبلهم ويقلقنا نحن كأهل، ومن ناحية اخرى أصبحنا وكأننا مختصين في هذا المجال. نتخوف من المستقبل الغامض ولا نفكر بالمستقبل الناجح لشعبنا العربي في البلاد.
هذا الوضع المعقد يتطلب منا ان نعالجه عن طريق التربية السليمة، التربية التي تفرض على الاهل والمدارس ان يعملا معا وبيد واحدة، وتقديم التربية على التعليم وبشكل دائم. اليوم نواجه فقرا وحرمانا عاطفيا، اهمالا، لا مبالاة. جميعها عناوين رئيسيه لمشكلة الاهمال الأسري، من قبل اولياء الامور او الوالدين تجاه ابناءهم وبناتهم، والتي أخذت تستشري في بيوتنا، واصبحت قنبلة على وشك الانفجار أو قد انجرت منذ زمن ونحن غافلين. كل ذلك تحت عنوان "العنف داخل الأسرة.
مقارنة سريعة بين المجتمع العربي والمجتمع اليهودي في الدولة، نجد أن مجتمعنا العربي على اختلاف أطيافه يرسخ تحت العنف ومظاهر الاجرام المختلفة خمسة أضعاف ما نجده في الوسط اليهودي! أما الأمر المُقلق حقا هو:
1. الزيادة المُتسارعة في افتعال مظاهر العنف والازدياد المضطرب حالات الإجرام داخل المجتمع العربي!
2. السهولة الملحوظة في الحصول على أدوات القتل وخاصة الحديث المتطوِّر منها.
3. صِغَر سِنّ المشاركين في مظاهر العنف المختلفة وصِغَر سنّ المجرمين فعلا.
إنّ واقع المجتمع العربي العنيف وزيادة فوضى السلاح وسهولة الحصول عليه والخلل الظاهر للعيان في التربية داخل الأسرة وانعدامها بين جدران مدارسنا وفشل سلطاتنا المحلية في معالجة قضايا التربية والتعليم والتقاعُس "ربَّما المُتَعَمَّد" في ترسيم وظيفة الشرطة وتفعيلها فعلا لمعالجة قضايا العنف في المجتمع العربي، جميع هذه الأمور تدفع مجتمعنا العربي سريعا إلى جحيم العنف بأشكاله المختلفة، ومجتمعنا العربي يدخُل بخطوات متسارعة فيه وهذا سيحرِق الأخضر قبل اليابس.
العنف حسب رأي ليس مرضا أو وباء، لأن المرض يوجد له دواء والوباء يوجد له علاج!! لو نظرنا قليلا إلى المرآة الخاصة لكل واحد منا لوجدنا أنّ الحلول متوفِّرة عند كل واحد، ولكن يجب أن نبدأ بأنفسنا بالأفعال وليس بالأقوال! والبداية يتوجَّب أن تبدأ بالتربية داخل البيت وداخل الأسرة ومن ثمَّ هيكلة التربية والتعليم وبناؤها على أسس تربوية وعلمية متينة وابتعادها عن السياسة الداخلية لرؤساء السلطات المحلية.
المرشدة في مجال العنف