الإعلامي أحمد حازم في مقاله:
إسرائيل ليست وحدها التي يوجد في مجتمعها سلاح عير مرخص، لكنها هي وحدها التي لا تعرف كيفية معالجة هذا الأمر، أو انها لا تريد معالجة ذلك بحكم الوضع السياسي للأقلية العربية فيها
كل دول العالم التي توجد فيها أقليات تتعامل مع مواطنيها بمساواة باستثناء إسرائيل، فإذا سلمنا جدلاً بأن تزايد حالات القتل في المجتمع العربي يعود سببه لانتشار الأسلحة غير المرخصة، فمن المفترض أن تقوم الشرطة بمعالجة ذلك لكنها لم تفعل
من حق المواطن العربي الفلسطيني إذاً أن يوجه الإنهامات للأجهزة المختصة بعدم الرغبة لحل مشكلة العنف المتفشي في المجتمع العربي
المملكة البريطانية كانت قد أعلِنت عن خطة لجمع الأسلحة مقابل مكافأة مالية، وفي الشهور العشرة الأولى التي طُبقت فيها الخطة، تم تسليم الشرطة 162 ألف قطعة سلاح ونحو 700 طن من الذخيرة
من الطبيعي جداً عدم نجاح الخطط التي توضع في إسرائيل لجمع السلاح غير المرخص في المجتمع العربي، كما كان الحال في الأرجنتين وبريطانيا وأستراليا
عادت الشرطة الإسرائيلية مجدداً لإسماعنا أسطوانة "جمع الأسلحة غير المرخصة" الموجودة في المجتمع العربي، وذلك على خلفية تكاثر حالات القتل والعنف في المدن والبلدات العربية، والتي أودت بحياة أكثر من ثمانين شخصاً. فقد بدأت الشرطة مطلع الأسبوع الحالي بحملة كبيرة في خمسين مكاناً لجمع الأسلحة غير المرخصة في المجتمع العربي تستمر لمدة أسبوعين. ولإغراء أصحاب السلاح بالإسراع في تسليمه تعهدت الشرطة بعدم السؤال عن اثبات الشخصية ومنح الحصانة التامة لكل من يُقدم على هذه الخطوة بصورة طوعية ولن يتم تقديمه للعدالة.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل اقتراح جمع الأسلحة غير المرخصة يلاقي تجاوباً من هؤلاء الذين يمتلكون هذه الأسلحة؟ وهل هذا الإقتراح يساعد في منع العنف والجريمة؟ وحسب صحيفة "هآرتس" فإن معهد أبحاث الكنيست يؤكد أنه من الصعب تقدير عدد قطع السلاح غير القانوني المنتشرة في إسرائيل، ويذكّر بتقرير مراقب الدولة الذي أكد "أن عدد الأسلحة المتراكمة في المجتمع العربي وصلت إلى كمٍّ خطير، مع الإشارة إلى أن قسماً من هذا السلاح مصدره السرقة من قواعد الجيش الإسرائيلي"،
تقول معلومات نشرتها صحيفة هآرتس، انه سبق الكشف عن مبادرة رسمية لجمع أسلحة غير مرخصة من المواطنين العرب، وذلك مقابل العفو عن المخالفين وإعفائهم من الإجراء القانوني وما يترتب عليه من عقوبات. وأثبتت الأرقام ان المشروع لاقى فشلا ذريعاً، إذ لم يسفر سوى عن إعادة عدد ضئيل جدًا من السلاح. واعترفت الشرطة ووزارة الأمن الداخلي بأن الحملة لم تسفر سوى عن تسليم 14 قطعة سلاح فقط.
الشرطة الإسرائيلية كانت قد أعلنت في أواخر شهر مايو/أيار عام 2017 عن منح حصانة قانونية لكل من يقوم بتسليم سلاح غير مرخص من المجتمع العربي، وذلك بعد أن حصلت الشرطة على اذن خاص من المستشار القضائي للحكومة.وتقول الشرطة إن هذه الخطة تعد فريدة من نوعها، مشيرة الى أنها تأتي بهدف محاربة ظاهرة العنف والسلاح غير القانوني في المجتمع العربي. لكن هذه الخطة فشلت فشلاً ذريعاً. وبالرغم من ذلك تريد الشرطة إعادة التجربة الفاشلة.
إسرائيل ليست وحدها التي يوجد في مجتمعها سلاح عير مرخص، لكنها هي وحدها التي لا تعرف كيفية معالجة هذا الأمر، أو انها لا تريد معالجة ذلك بحكم الوضع السياسي للأقلية العربية فيها. فكل دول العالم التي توجد فيها أقليات تتعامل مع مواطنيها بمساواة باستثناء إسرائيل، فإذا سلمنا جدلاً بأن تزايد حالات القتل في المجتمع العربي يعود سببه لانتشار الأسلحة غير المرخصة، فمن المفترض أن تقوم الشرطة بمعالجة ذلك لكنها لم تفعل. فمن حق المواطن العربي الفلسطيني إذاً أن يوجه الإنهامات للأجهزة المختصة بعدم الرغبة لحل مشكلة العنف المتفشي في المجتمع العربي.
المعلومات الموفرة تقول ان الأرجنتين يوجد فيها أسلحة غير مرخصة متنوعة تقدر بعشرات الآلاف، لكنها وضعت خطة لجمع هذا السلاح وذخيرة أيضاَ لاقت إقبالاً كبيراً. فقد قامت في العامين 2007-2008 بوضع خطة اشتملت على تقديم مبلغ مالي لكل من يعيد سلاحا قانونيا أو غير قانوني، مع إعفاء حمَلة السلاح غير القانوني من الإدانة في فترة زمنية معينة، وخلال سنة ونصف السنة تم جمع نحو 100 ألف قطعة سلاح.
المملكة البريطانية كانت قد أعلِنت عن خطة لجمع الأسلحة مقابل مكافأة مالية، وفي الشهور العشرة الأولى التي طُبقت فيها الخطة، تم تسليم الشرطة 162 ألف قطعة سلاح ونحو 700 طن من الذخيرة.
أما أستراليا فلم تدفع أي مبلغ مالي لمن يعيد سلاحه للدولة، بل اكتفت بإعطاء أصحاب الأسلحة حصانة من الإدانة. فقد قامت بإصدار قوانين جديدة تتعلق بالسلاح، ونتيجة لهذه القوانين تم جمع 640 ألف قطعة سلاح كانت قانونية في السابق وتم إخراجها خارج القانون في التشريعات الجديدة. كذلك تم جمع 60 ألف قطعة سلاح غير قانونية.
من الطبيعي جداً عدم نجاح الخطط التي توضع في إسرائيل لجمع السلاح غير المرخص في المجتمع العربي، كما كان الحال في الأرجنتين وبريطانيا وأستراليا لعدة أسباب منها: أن الدول الثلاث المذكورة تتعامل مع مواطنيها بمساواة كاملة، أي أنها تقوم بجمع الأسلحة غير المرخصة من كافة المواطنين بينما في إسرائيل فالأمر متوقف على العرب فقط. وثانيهما، أن الوضع السياسي والإجتماعي في تلك الدول هو وضع مستقر كلياً، وأن هذه الدول هي بلدان لكل مواطنيها بجميع أجناسهم ودياناتهم، بعكس إسرائيل التي أعلنت هي نفسها انها دولة لليهود فقط.