في هذه الحلقة من الفكاهة الساخرة في العين الساهرة سنتحدث عن التقاعد ومشاكله.
عندما يكون الأنسان غائصا في غمرة العمل او الوظيفة فإنه لا يفكر مطلقا انه سياتي اليوم الذي يتوقف فيه كل شيء, ويبدأ مرحلة جديدة في حياته.
عندما نرى بعض المشاهير الذين انهوا عملهم وتقاعدوا يظهرون على شاشات التلفزه او بمقابلات صحفية أكان من بيتهم أم من بيوت للمسنين نصاب في أحيان كثيرة بصعقة كهربائية ونتساءل هل هذا حقا هو الشخص الذي كنا نعرفه؟
تختلف وضعية التقاعد بين الرجل والمرأة, فبالنسبة للمرأة هو تخفيف لبعض من أعباءها إذ هي تستمر في القيام بالواجبات المنزلية إضافة إلى عنايتها بالأحفاد, فالتقاعد بالنسبة لها قليل من الراحة الإضافية , مع رجوعها إلى الذات التي ذابت بسبب عنايتها بالزوج والأولاد والعمل فهي شيئا فشيئا تعود إلى نفسها وتستفيق لتبقى في قطار الحياة.
بينما يختلف الوضع عند الرجل كليا إذ إن العمل او الوظيفة متعلق بالذات مباشرة(الايجو).
فالله سبحانه وتعالى خلق الرجل ليعمل حتى أن بنيته الجسدية معدة لذألك وكما يقول المثل "الرَجُلْ جَنَّى والمرأة بَنَّى". عندما يتقاعد الرجل يفقد جزءا من كيانه وكينونته وخاصة النفسيه.
كما يتغير تعامل الأخرين معه فأسهمه في البورصة الحياتية تنخفض اللهم ألا اذا كان معاشه التقاعدي "بُخْتَه" فالأمر بالنسبة للآخرين مختلف.
عندنا نحن العرب التقاعد مرتبط بالنهاية والموت ويعتبر تقاعد عن الحياة بينما عند الآخرين مرتبط ببداية جديده.
تخيلوا قاضٍ او رئيس بلدية او عضو كنيست او مدير كبير في مؤسسة حكومية أن يشعر انه لا شيء بعد أن كان يشعر انه كل شيء!
تخيلوا مدير بنك عمل في البنك أربعين عاما ثم تقاعد يقف بالدور في نفس البنك لسحب معاشه!
أتساءل دائماً لماذا السلطة المحلية مثلا لا تستفيد من المتقاعدين والذين لديهم الخبرة الحياتية تطفح بالتجارب والأحداث الحياتية والأفكار المتنوعه. فالفكرة يجب أن تنتقل من شخص لآخر والا تموت في مهدها ولا يعود لها قيمه, هذا لن يحدث عندنا لأننا مجتمع تناحري وليس تنافسي بمعنى " لا إلي ولا الك" بينما التنافسي" إلي او الك".
نحن نقول لجميع المتقاعدين ما قاله إيليا أبو ماضي :
فتمتع بالصبح ما دمت فيه لا تخف أن يزول حتى يزولا
الصورة القلمية الساخرة والتالية تعبر عن بعض من الموضوع
كُنْتْ مْوَظَّفْ كْبيرْ وْمُحْتَرَمْ وْجَليلْ
وِالنَّاسْ صافِّهْ بِالدُّورْ لَتِحْكِي مَعي مِنْ الجَليلْ لَلْخَليلْ
بِإِشارَهْ مِنِّي أَعَيِّنْ وْأَقيلْ مْوَظَّفْ وْوَزيرْ
وِالتَحِيَّاتْ وِالْإِحْتِراماتْ بِالْكِتابِهْ وْعَبْرِ الْأَثيرْ
وْمَرْتي في البيتْ بِتْقُولِّي أُطْلُبْ وِاتْمَنَّى يا عِيني
في الأَعراسْ إِلْكُلْ بْيُضْرُبْلِي كَمْ مَوَّالْ يا لِيلِي
أَفوتْ أَشْتْري بَدَلْ الكِيلو يْحُطِلِّلي إِثْنينْ مِنْ لِمْحَلَّياتْ
وِالصَّبايا الزَّغلولاتْ حَوَلَيْ في المَكتبْ وِالسَّفَرِيَّاتْ
وِالْكُلْ يْقولِّي أُطْلُبْ وِاتْمَنَّى شُبيكْ لُبِّيكْ
على حْسابَكْ كُلْ إِشِي يا بيكْ
وَاللهْ صَدَّقِتْ حالي إِنِّي للمؤمنين أَميرْ مَعْ هَالْجَوَّالْ
وْمَا فَكَّرْتْ يومْ إِنُّو تِتْغَيَّرِ الْأَحْوالْ
وِفْيومْ مَدِّيتْ إيدِي عَالْحَرامْ
واللهِ الْحَقْ مِشْ عَلَيْ على السِّكْرِتيرَه مَرامْ
وْخَيَّرونِي بينْ السِّجِنْ وِالْأَتْعابْ
وِتْقاعَدِتْ وْما حَدا عِرِفْ ليشْ إِلْأَسْبابْ
وْبَعْدْ التَّقاعُدْ فَكَّرْتْ إِنُّو الدُنْيا راحْ تْضَلْ زَهْرِيِّه
وِالْعَزايِمْ لَوَداعي صُبْحُ وْعَشِيِّه
وْكُلْ واحدْ يْوَدِّعْ وْجايِبْ هَدِيِّه
وْفَكَّرْتْ إِنُّو الدُّنْيَا بَلايْ راحْ تِخْرَبْ يا صَفِيِّه
بَسْ لِلْأَسَفْ ما حدا تْكَلَّفْ يِرْفَعْ تَلِفونْ وَلا حَدا سَأَلْ فِيِّه
بَعِدْ شَهَرْ أَوْ شَهْرينْ رَفْعَتْ عَلَيِّ السِكْرِتيرَه حُورِيِّه
قَضِيِّةْ تَحَرُّشْ جِنْسِي مِنْ عَشَرْ سْنينْ وْمَعْ شَرَفِيِّه
وْمَرْتي بَعِدْ ما كانتْ تْحَضِّرلي سُفْرَه وْسَفايِرْ
اليومْ بِتْقولِّي كُلْ لَحالَكْ رايْحَه عَالْجِمْ مَعْ الْفَطايِرْ
في البَنْكْ كُنْتْ أَفوتْ مِثِلْ الْمَلِكْ شَهْرَيارْ
اليومْ إِلْكُلْ بْيِعْمَلْ حالو مِشْ شايِفْني يا بِيناديني يا خِتْيارْ
وْفِي الْمَطْعَمْ كانتْ نُصْ الوَجْبِه مَجَّاني
اليومْ الدَّفِعْ قَبْلِ الرَّفِعْ آه يا زَماني
في البيتْ ما بَسْتَرْجي مِنْ حَدا أَطْلُبْ طَلَبْ
وْبَقْضِي وَقْتي بينْ الشُبَّاك وِالتِلْفِزْيونْ مَعْ عَتَبْ
كَإِنُّو بِيْقُلولِي يالله روحْ الموتْ بِسْتَنَّاكْ يا رَجَبْ
الوَلَدْ بْيِعْمِلْ حَالو مَشْغولْ وِالْبِنْتْ غايْبِه على طولْ
وْعِنْدْ الدُكتورْ كانْ إِلِي الأَوِّلْ بِالدُّورْ
وِالْيُومْ بِيْرَوِّحْ الدُكْتورْ وْأنا بَعِدْني ناطِرْ مِثْلِ الثورْ
كانْ جارِي يْقولْ إِتْفَضَّلْ يا جارِ الرِّضا الغالِي
بَسْ اليومْ بِيْقولْ إِسْمَعْ يا جاري إِنْتِ بْحالَكْ وْأَنا بْحَالي
وِلِّي في يومْ منِ الأَيَّامْ ساعدْتُه
بْيِعْمَلْ حالو مِشْ شايِفْني وْكَإِني حارَبْتَه
أتاري الوَظيفِه بْتِعْمِلْ الواحد أَسَدْ
وْمِشْ الواحِدْ بْيِعْمِلْ الوظيفِه إِلو عَمَدْ
ما بَعْرِفْ كيفْ بَدِّي أَقْضي باقي هَالْعُمُرْ
لَوْ بَعْرِفْ إِنُّو الزَّمَنْ غَدَّارْ
كانْ عْمِلْتْ أّكْثَرْ بِكْتيرْ من ياللي صارْ
بْتِعِرْفوا مينْ وَشى عَلَيِّ وِاسْتَلَمْ مَحَلِّي
شَبْ زْغَيُّورْ عَيَّنْتُه على القَهوِه وِالشَّاي يا دِلِّي
بَسْ يومْها ما كُنْتْ أَعْرِفْ إِنُّو راحْ يْقولِّي
يالله باي باي وَسِّعْلِي مَحَلِّي
سبُحانْ الله كُلْ إِشي بْتِزْرَعو بْتاكُلْ مِنُّو
ما عدا الأِنْسانْ بْتِزْرَعوا فَبْيِقْلَعَكْ
فَدوامُ الحالْ منَ الْمُحالْ
أعزاءي القراء
ما في حواليكو صبيه اجدد معها شبابي؟
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com